كشفت مراجعة داخلية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) اليوم أن الفيلم الوثائقي المثير للجدل "غزة: كيف تنجو من منطقة حرب" انتهك المعايير التحريرية للدقة، وذلك بسبب عدم الكشف عن أن الطفل الراوي هو نجل مسؤول سابق في حكومة حماس بغزة.
جاء هذا الكشف بعد أشهر من الجدل وحملات الضغط التي طالبت بسحب الفيلم، الذي أنتجته "بي بي سي" بالتعاون مع شركة إنتاج مستقلة.
اقرأ ايضا: حملة دولية تدعو لمنح ألبانيز وأطباء غزة جائزة نوبل
وحمّل تقرير المراجعة، الذي أشرف عليه مدير الشكاوى والمراجعات التحريرية في "بي بي سي" بيتر جونستون، شركة الإنتاج المستقلة "هويو فيلمز" معظم المسؤولية عن هذا "الفشل الجسيم"، مؤكداً أن ثلاثة من أعضاء فريق الشركة كانوا على علم بمنصب والد الطفل ولم يبلغوا "بي بي سي" بذلك. ومع ذلك، لم تُبرئ المراجعة ساحة "بي بي سي" بالكامل، مشيرة إلى أنها تتحمل "بعض المسؤولية" وكان ينبغي عليها بذل المزيد من الجهد في إشرافها.
وأكد جونستون أن وظيفة الأب كانت "معلومات حساسة"، وكان يجب إعلام الجمهور بها بغض النظر عن مدى أهميتها.
وأشار التقرير إلى أن "بي بي سي" اعترفت بأنه ما كان ينبغي الموافقة على الوثائقي، وتتخذ حالياً "الإجراءات المناسبة بشأن المساءلة".
أثار سحب الفيلم من منصة "آي بلاير" في فبراير/شباط الماضي، بعد حملة تحريض قادتها منظمات مؤيدة لإسرائيل والسفيرة الإسرائيلية في لندن، ردود فعل واسعة. فبينما يرى البعض في قرار "بي بي سي" تصحيحاً لخطأ تحريري، اعتبر أكثر من 600 شخصية بارزة في عالم السينما والصحافة والثقافة والإعلام، في رسالة وقعوا عليها في مايو/أيار الماضي، أن ما حدث هو "قمع سياسي" و"إسكات لشهادات حيوية".
تأتي هذه التطورات في ظل ضغوط مستمرة على "بي بي سي" من مجموعات مؤيدة لإسرائيل، واستفسار وزيرة الثقافة البريطانية، ليزا ناندي، عن سبب عدم فقدان أي شخص لوظيفته بسبب الفيلم. ومع ذلك، لم يجد التحقيق الداخلي أي انتهاكات أخرى لإرشادات الإنتاج، بما في ذلك الحياد، مؤكداً أنه "لم تؤثر أي مصالح خارجية بشكل غير لائق على البرنامج".
من جانبه.. رأى مدير عام "بي بي سي" تيم ديفي أن المراجعة الداخلية تظهر "تقصيراً كبيراً في دقة هذا الفيلم الوثائقي"، واعتذر عن هذا التقصير. وتعهد ديفي باتخاذ "إجراءاتٍ عادلة وواضحة ومناسبة لضمان المساءلة السليمة"، بالإضافة إلى "التنفيذ الفوري لخطواتٍ لمنع تكرار مثل هذه الأخطاء".
اقرأ ايضا: مخطط إسرائيلي جديد لـ "قضم" 40% من غزة ومنع عودة مئات الآلاف
تأتي هذه الفضيحة في وقت حساس، حيث سبق لـ"بي بي سي" أن منعت بث فيلم آخر عن الأطباء والعاملين في الإغاثة بغزة، مما يزيد من التساؤلات حول مدى استقلالية الهيئة وحياديتها في تغطية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة مع استمرار التقارير عن أعداد الأطفال الضحايا في غزة، حيث أفادت اليونيسف في مايو الماضي بمقتل أو إصابة أكثر من 50 ألف طفل منذ أكتوبر 2023.