يواصل الجيش الإسرائيلي حملته العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وسط تصعيد في الاعتقالات والهدم المنهجي للبنية السكنية، ولا سيما في مخيمي طولكرم ونور شمس، في وقت حذّرت فيه الأمم المتحدة من أن الانتهاكات المتواصلة قد ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".
وأفادت مصادر فلسطينية أن المستوطنين المسلحين يواصلون، بحماية الجيش الإسرائيلي، الاعتداءات على مناطق الضفة الغربية المحتلة لا تتوقف، آخرها كان في قرية برقة قرب نابلس.
اقرأ ايضا: "إمارة الخليل".. أصوات من الضفة الغربية تنادي بالسلام والتعايش مع إسرائيل
ونقلت وسائل إعلام محلية عن عدد من المواطنين قولهم: "الاعتداءات التي تعرضنا لها طالت هذه الأرض كلها، فكل ما يحيط بنا أصبح مستهدفاً. أيّ شخص يحاول الذهاب إلى أرضه للزراعة أو الحصاد أو حتى لرعي أغنامه، يُمنع من ذلك، حتى أشجار الزيتون لم تسلم".
وأطلق الجيش الإسرائيلي النار كذلك على الفلسطينيين لدى اقتحامه منطقة المغطس في أريحا واقتحم مناطق عدة جنوب الضفة الغربية.
ووثقت المؤسسات الحقوقية منذ بداية العام اعتقال الجيش الإسرائيلي لأكثر من 3500 فلسطيني بينهم 400 طفل وبينهم أكاديميون، نساء، صحفيون وناشطون مجتمعيون.
ومنذ أكتوبر عام 2023 هناك 18 ألف حالة اعتقال من الضفة الغربية والقدس يضاف إلى الآلاف من قطاع غزة في ظروف من الإخفاء القسري وفي معسكرات خاصة بجيش الاحتلال الإسرائيلي لم يصرح عن أعدادهم، ويبقي على اعتقال أكثر من ثلاثة آلاف وستمئة وثلاثين معتقلا اداريا دون محاكمات منذ اكتوبر عام 2023، 73 شهيدا اسيرا ممن تم توثيقهم فقط.
واعتقلت القوات الإسرائيلية، منذ مساء الاثنين وحتى صباح الثلاثاء، 35 فلسطينياً، بينهم أطفال وأسرى محررون، في إطار حملة اعتقالات متواصلة تركزت في محافظات نابلس وسلفيت وقلقيلية وجنين وطولكرم والخليل وبيت لحم، وفق بيان مشترك صادر عن نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين.
وأوضح البيان أن عدد حالات الاعتقال في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة، تجاوز 18 ألف حالة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، من دون احتساب أعداد المعتقلين في غزة التي تُقدّر بالآلاف.
وأشار إلى أن الاحتلال يحتجز حالياً في سجونه نحو 10 آلاف و800 فلسطيني، بينهم 50 سيدة، و450 طفلاً، بالإضافة إلى 3629 معتقلاً إدارياً من دون محاكمة أو تهمة، وسط تقارير حقوقية تفيد بتعرض الأسرى للتعذيب والإهمال الطبي والتجويع، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم.
وفي السياق ذاته، أفاد مواطنون فلسطينيون بأن قوات الاحتلال تواصل منذ شهور حملة تدمير ممنهجة تستهدف مخيمي طولكرم ونور شمس شمالي الضفة الغربية المحتلة، حيث تتعرض عشرات المنازل للهدم الكامل أو الجزئي، ما أثار صدمة واسعة في أوساط السكان.
ووفق معطيات رسمية، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي في مايو/أيار الماضي قرارات بهدم 106 مبانٍ في المخيمين، منها 58 مبنى في طولكرم تضم أكثر من 250 وحدة سكنية، و48 مبنىً في نور شمس. ومنذ 21 يناير/كانون الثاني، دمّر الاحتلال كلياً أكثر من 600 منزل، وألحق أضراراً جزئية بنحو 2573 منزلاً في المنطقة ذاتها.
في سياق متصل، حذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من الارتفاع الحاد في هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية المحتلة، واصفاً الوضع بأنه قد يرقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".
وأوضح المكتب، ومقره جنيف، أن شهر يونيو/حزيران الماضي شهد إصابة 96 فلسطينياً، في أعلى حصيلة شهرية منذ أكثر من عشرين عاماً، فضلاً عن تدمير مئات المنازل وممتلكات المدنيين.
وأشار المتحدث باسم المكتب إلى أن هذه الاعتداءات تُسهم في تكريس ضمّ إسرائيل غير القانوني لأجزاء من الضفة الغربية، مؤكداً أن التهجير القسري للمدنيين في الأراضي المحتلة "قد يشكّل جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي".