تحولت مدينة طابا المصرية، الواقعة على الحدود مع الأراضي المحتلة، إلى نقطة محورية لنزوح آلاف الإسرائيليين والأجانب، هربًا من التصعيد العسكري المتفاقم بين تل أبيب وطهران.
ومع الضربات الإيرانية الأخيرة التي استهدفت منشآت إسرائيلية استراتيجية، وإغلاق المجال الجوي الإسرائيلي مؤقتًا، أصبحت طابا بمثابة "بوابة نجاة" للباحثين عن مخرج نحو أوروبا أو دول أخرى عبر مطار شرم الشيخ.
اقرأ ايضا: القاهرة ترسم حدود الأمن الإقليمي: رسالة صارمة للمتدخلين في البحر الأحمر
ويشهد معبر طابا منذ أيام تدفقًا غير مسبوق للمسافرين، بمن فيهم دبلوماسيون وموظفون دوليون، تزامنًا مع نشاط دبلوماسي مكثف لسفارات أجنبية في القاهرة لتأمين عمليات إجلاء واسعة.
وأكد مصدر دبلوماسي أوروبي لـ"العربي الجديد" أن الخارجية المصرية تعاملت "باحترافية عالية" مع طلبات الإجلاء، موفرة ممرات آمنة بالتنسيق مع الجهات الأمنية، ما يعكس "وعيًا بحساسية الموقف وأهمية الدور المصري في التهدئة الإقليمية".
على النقيض من الأداء الدبلوماسي الرسمي، يغلي الشارع المصري ومواقع التواصل الاجتماعي برفض شعبي واسع لوجود الإسرائيليين في سيناء. حيث يرى كثيرون في السماح لهم بالعبور والإقامة المؤقتة "تطبيعًا واقعيًا مرفوضًا"، خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية.
على الصعيد الاقتصادي.. تكشف التقارير ارتفاعًا مفاجئًا في نسب الإشغال الفندقي في طابا وشرم الشيخ. ومع ذلك، يؤكد مسؤول سياحي لـ"العربي الجديد" أن هذه الإشغالات "شبه وهمية"، إذ أن الإسرائيليين "لا يقيمون سوى ليلة أو اثنتين على الأكثر قبل السفر"، ما يجعل المدينتين مجرد "محطة عبور مؤقتة" لا وجهة سياحية حقيقية. واضاف أن القطاع لا يستفيد فعليًا من هذه الموجة إلا بشكل هامشي، وسط غياب خطط لاستثمار هذا التدفق في مسارات تنشيط سياحي حقيقية.
مفارقات حرية التنقل: الإسرائيلي يعبر والمصري يواجه العقبات
بينما عجّت وسائل الإعلام ومجموعات التواصل الإسرائيلية بدعوات السفر إلى جنوب سيناء، مع تصاعد التوترات الإقليمية، تبرز مفارقة لافتة تتجاوز الأمن والسياحة، وتطرح تساؤلات عميقة حول العدالة في حرية التنقل.
وكتب المستوطن الإسرائيلي ومسؤول مجموعة "محبي سيناء"، غي شيلو، منشورًا يؤكد فيه شعورهم بـ"الأمان الكبير" في سيناء، وأن السفر إليها "خيار ممتاز"، داعيًا الإسرائيليين للقدوم.
في المقابل، كشفت "رابطة المصريين في إسرائيل" عن واقع مغاير وصادم. فبينما تسمح اتفاقية السلام وما تبعها من تفاهمات بدخول السياح الإسرائيليين إلى جنوب سيناء دون تأشيرة لمدة 14 يومًا، مقابل تسهيلات للمصريين في اتجاه إيلات، فإن الواقع العملي يكشف تطبيقًا انتقائيًا. فالإسرائيلي يدخل ويخرج بحرية، بينما يُجبر المصري المقيم في إسرائيل، وإن كان يعيش هناك بشكل شرعي، على المرور عبر القاهرة للحصول على "تصريح أمني قد يستغرق أسابيع أو شهورًا، دون أي ضمان لإصداره".
وأشارت "رابطة المصريين في إسرائيل" إلى أن "في الوقت الذي هرعت فيه سفارات الإمارات والأردن والبحرين والمغرب إلى إجلاء رعاياها من إسرائيل وتيسير عبورهم إلى مصر عبر طابا، يبقى المصري المقيم هناك في موقع الاستثناء السلبي، ممنوعًا من العودة المؤقتة إلى بلده عبر أقرب معبر بري، رغم أن القانون والاتفاقات والدستور المصري لا تمنعه".