في خطوة لافتة وغير مسبوقة تعكس تنامي الاحتجاجات المدنية العالمية ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، لجأت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية إلى إجراء فريد من نوعه يلزم النزلاء الإسرائيليين بالتوقيع على تعهد رسمي يتضمن إقرارهم بالامتناع عن ارتكاب جرائم حرب، وذلك قبل السماح لهم بالإقامة في فنادقها.
وكشف كيشي إيس، مدير الشركة المشغلة للفندق، في تصريحات خاصة لوكالة "الأناضول"، عن الدوافع الإنسانية والشخصية وراء هذا القرار الجريء.
اقرأ ايضا: دعوة ترامب لتبرئة نتنياهو تقسم "الإسرائيليين"
وأوضح أن "القرار جاء كرد فعل شخصي وإنساني على المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة"، معبراً عن شعوره العميق بالظلم إزاء استمرار تقديم الخدمات للنزلاء الإسرائيليين بـ"ابتسامة" في ظل ما وصفه بـ"المجازر" المرتكبة.
وقال كيشي، الذي يمتلك خبرة عقد من الزمان في إدارة الفنادق، إن "صور الأطفال تحت الأنقاض دفعتني للتفكير مليًا في وسيلة احتجاج قانونية يمكن تطبيقها داخل اليابان".
وأشار إلى أن ابتكار إجراء "توقيع هذا التعهد" يمثل "أقصى ما يمكننا فعله في إطار القانون الياباني" الذي يمنع التمييز ورفض العملاء على أساس الجنسية.
وفي سياق تفسيره للإجراء المتخذ، أوضح كيشي أن إدارة الفندق وسعت نطاق هذا التعهد ليشمل جميع الزبائن الأجانب، حيث يُطلب منهم تقديم إقرار بالامتناع عن التورط في جرائم حرب، وذلك في محاولة للالتفاف على القيود القانونية التي تحظر رفض العملاء بشكل مباشر.
ويأتي هذا الإجراء في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، والتي خلفت، وفقًا لتقارير موثوقة، عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المفقودين، وسط اتهامات متزايدة بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" بدعم أمريكي واسع النطاق.
على صعيد متصل.. كشف مدير الفندق عن أن هذا الإجراء معمول به منذ ستة أشهر، مؤكدًا أن جميع النزلاء، بمن فيهم القادمون من دول مثل الولايات المتحدة وتركيا وكوريا الجنوبية، قد امتثلوا ووقعوا على وثيقة التعهد دون اعتراض يذكر.
وشدد كيشي على أهمية عدم التغاضي عن "تجاهل بعض الدول للقانون الدولي بل وانتهاكه"، مؤكدًا أن "هذه الجرائم لا ترتكب في اليابان، وليست مرتبطة مباشرة بحياتنا أو مشاكلنا، ومع ذلك يلزمنا القانون الدولي، جميعنا بالامتثال له".
وأعرب عن "قلق بالغ" إزاء الأحداث المأساوية في غزة، مشيرًا إلى ضرورة التمييز في المعاملة بين من يلتزم بالقانون الدولي ومن ينتهكه.
و أشار كيشي إلى أن السفارة الإسرائيلية في طوكيو قد أرسلت رسالة إلى الفندق تصف موقفه بأنه "مجحف وتمييزي". غير أن إدارة الفندق لم تتوانَ في نشر نص الرسالة على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدة في ردها أن هذا الإجراء "لا يخالف أيًا من القوانين، وليس تمييزًا بالمعنى الحقيقي".
وأوضح أن "التمييز يتعلق بأمور لا يمكننا تغييرها، كالجنسية أو العرق أو الجنس، لكن هذا الإجراء هو رد على أفعال إسرائيل".
وتُعد خطوة هذا الفندق الياباني بمثابة صرخة مدوية في وجه الصمت الدولي تجاه ما يحدث في غزة، وتثير تساؤلات عميقة حول مسؤولية المؤسسات والأفراد في التعبير عن مواقفهم الأخلاقية والقانونية تجاه النزاعات والانتهاكات التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم.