المرأة السودانية تعاني ويلات الحرب

بين الاغتصاب والموت جوعًا.. أجساد السودانيات في ساحة النزاع

مشاركة
معاناة المرأة السودانية معاناة المرأة السودانية
حياة واشنطن-تقرير 09:52 ص، 14 يونيو 2023

لم يقتصر الوضع في السودان على الموت برصاص الاشتباكات الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل امتد إلى ما هو أبعد من ذلك، وأصبح شبح تخشاه المرأة السودانية التي تعاني ويلات الحرب. 

وبين الاغتصاب والموت جوعًا وعطشًا، تعيش النساء السودانيات جحيمًا حقيقيًا وأوضاعًا إنسانية قاسية ومأساوية، مثلما تعيش أغلبية الأسر في الخرطوم وأطرافها بسبب استمرار الاشتباكات الدائرة بين الطرفين المتصارعين، والتي تسببت في انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات والأدوية.

وعلى ضوء ذلك، تعالت النداءات والحديث عن المآسي التي يعيشها السودانيون بصفة عامة والنساء بصفة خاصة في ظل استمرار المعارك هناك، ولم تمر أيام على اندلاع الحرب، قبل شهرين، حتى بدأت ترد تقارير اغتصاب لسيدات وفتيات من قبل مسلحين في الخرطوم وغيرها من المناطق التي شهدت قتالاً.

وبحسب وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في السودان، فإن 38 حالة اغتصاب على الأقل تم توثيقها منذ بداية الحرب، وهناك مخاوف بأن نطاق الجريمة يفوق عدد الحالات التي يبلغ عنها.

وتقول طبيبة في مستشفى بحري في العاصمة الخرطوم - في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عربية - : "هناك خمس حالات اغتصاب، استطعنا التواصل معهن، ونحاول توفير العلاج لهن، لكن هناك حالتين لم نستطع التواصل معهما بعد".

"لم نستطع أن نصبر على هذا الوضع. نحاول إيصال هذه الحالات إلى قسم التوليد للكشف عليهن لكن مشكلتنا في بحري، تكمن في صعوبة توفير العلاج اللازم".

ما يثير المخاوف هو أن هذه الظاهرة ليست جديدة، إذ سبق واتُهمت الجماعات المسلحة بسلسلة من الاغتصابات والانتهاكات خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في السودان التي بدأت في نهاية عام 2018.

فمنذ بدء النزاع الذي أودى بزهاء 1800 شخص وتسبب بنزوح أكثر من مليون ونصف مليون آخرين، وردت تقارير عدة عن اعتداءات جنسية لا سيما في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب)، المنطقتين اللتين تشهدان أعنف المعارك.

وتؤكد ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في السودان أدجاراتو ندياي أن المنظمة الدولية تلقت تقارير عن عمليات "اغتصاب جماعي" في دارفور.

روايات عدة مفزعة تحاكي الوضع الإنساني المرير الذي تعيشه السودانيات منذ بدء الاشتباكات، إذ كانت شقيقتان سودانيتان أحدث ضحايا الموت جوعًا في العاصمة الخرطوم، التي تعاني أوضاعًا إنسانية صعبة منذ 15 أبريل/نيسان الماضي.

"زبرفينت وزفيار يقفيان" شقيقتان تعيشان بمفردهما في منزلهما في شارع "51"، بحي "الخرطوم 2" أحد أرقى أحياء الخرطوم تم العثور على جثتيهما داخل منزلهما بعد أن فارقتا الحياة بسبب الجوع والعطش.

وكانت زبرفينت يقفيان، وهي سودانية من أصول أرمينية تعمل في السفارة الأمريكية، وترعى شقيقتها زفيار التي تعاني من مرض عضال، إلا أن منزلهما وقع تحت حصار قوات الدعم السريع.

وبحسب رواية أحد سكان حي "الخرطوم 2" الراقي بالعاصمة الخرطوم، فإن "زبرفينت"، تركت وظيفتها وتفرغت لرعاية شقيقتها "زفيار"، إلا أنه تم العثور على جثتيهما داخل منزلهما، بعد أن حاصرتهما الاشتباكات داخل المنزل، وواجهتهما مشقة كبيرة في الخرطوم بعد نفاد مياه الشرب والمواد الغذائية ما أدى إلى وفاتهن بطريقة كارثية.

إذ انبعاث روائح كريهة من داخل المنزل، وبعد كسر الأبواب تبين أن الشقيقتين ماتتا جوعًا وعطشًا، ما أثار الخوف والهلع وسط الجيران.

وما زالت مناطق واسعة وسط العاصمة الخرطوم، تعيش أوضاعًا إنسانية بالغة التعقيد، جراء الاشتباكات المسلحة المستمرة خاصة في محيط القيادة العامة للجيش، ومطار الخرطوم الدولي، والمواقع الاستراتيجية الأخرى.

وخلال الشهر الماضي، تم اكتشاف الطبيبة "ماجدولين"، داخل شقتها بحي "العمارات" وسط العاصمة الخرطوم وهي إحدى أشهر طبيبات التخدير بالسودان، والتي ظلت لأكثر من 3 أيام تحت الأنقاض إثر تعرض منزلها للقصف.

وفي مطلع يونيو/حزيران الجاري، توفي أطفال في "دار الطفل اليتيم" في العاصمة الخرطوم نتيجة المعارك، وسقوط قذيفة في مبنى مجاور، وبسبب سوء التغذية، بعد استحالة وصول غالبية الموظفين إلى الدار.

ودفن الموتى داخل المنازل السكنية في العاصمة الخرطوم، أصبح أمرًا عاديًا، لصعوبة الحركة إلى المقابر العامة، في ظل انتشار الجثث المتحللة في الشوارع والأرصفة وتعرض الأشلاء للنهش من قبل الكلاب الضالة.

وتعمل جهات رسمية أبرزها الصليب الأحمر والهلال الأحمر السودانيان على تقليل ظاهرة دفن الموتى داخل المنازل، وتعملان على نقل جثامين القتلى من الشوارع ودفنها بصورة لائقة في المقابر العامة في الخرطوم.

وسبق أن حذر برنامج الأغذية العالمي من تعرض حوالي 2.5 مليون سوداني للجوع خلال الأشهر المقبلة نتيجة للاشتباكات.

وقد يواجه 19 مليون شخص، أي نحو 41% من سكان السودان، صعوبة في الحصول على وجبة في اليوم، مقارنة بـ 15 مليون شخص العام الماضي، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي.

اقرأ ايضا: بين تمدد تركيا ومخاوف إسرائيل.. نزاع النفوذ والمصالح يتفاقم في سوريا

الحرب أثرت على كل جوانب الحياة في السودان، وتواجه المنظمات صعوبات في تقديم المساعدة للمدنيين، الذين يعانون أيضًا من انقطاع التيار الكهربائي ونقص الإمدادات في المتاجر والصيدليات.