أعلن البنك العربي عن تحديث هويته المؤسسية التي شملت تغيير شعار البنك وإزالة خريطة "الوطن العربي".
البنك الذي يمارس نشاطه المصرفي في العديد من الدول بينها مصر والأردن، أزال من شعاره خريطة "الوطن العربي"، كما جعل اسم البنك من نموذج العملة التي تتوسط الشعار، وكذلك إزالة الجمل والحصان من العملتين الآخرتين.
وتضمن تغيير شعار البنك تحويل العملات الثلاث إلى دوائر متشابكة، فضلاً عن تغيير الألوان.
(تأسيس البنك العربي وفروعه)
تأسس البنك العربي على يد 7 مستثمرين في عام 1930 وبرأس مال قيمته 15 ألف جنيه فلسطيني، وبدأ عملياته في القدس في العام نفسه، مع تسمية المؤسس عبد الحميد شومان كأول رئيس مجلس إدارة للبنك العربي.
ويتخذ البنك العربي من عمان، الأردن، مقراً له، ويمتلك ما يزيد على 600 فرع، منها في لندن ودبي وسنغافورة وشنغهاي وجنيف وباريس وسيدني والبحرين، بالإضافة إلى شركات شقيقة ومجموعة من الشركات التابعة والحليفة.
(داعم للقضية الفلسطينية)
شريف عثمان كتب من واشنطن: "عملت في البنك العربي لأكثر من عقد ونصف (تحديداً 16 سنة و8 شهور و 8أيام)، وعرفت فيه أناساً لا مثيل لهم في أخلاقهم وإخلاصهم في العمل، وأدين للبنك ولهؤلاء بالكثير".
وأعطى عثمان نبذة عن رئيس البنك، قائلاً: "ولد عبد الحميد شومان، الجد المؤسس للبنك العربي، في قرية بيت حنينا بالقرب من القدس عام 1888، حيث نشأ في عائلة متواضعة، ولكن طموحه كان كبيراً منذ صغره.
وأضاف: "في عام 1911، كان في بداية شبابه، قرر شومان السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بحثاً عن فرص أفضل، حيث كانت أمريكا في ذلك الوقت مقصداً للكثيرين ممن يسعون لتحقيق أحلامهم، فأخذ من والدته مائتي دولار اشترى بها تذكرة الباخرة، وأبحر باتجاه الأراضي الأمريكية لأول مرة في حياته".
وتابع: "هناك، بدأ شومان العمل في تجارة المنسوجات، حيث كان يقوم بشراء الأقمشة والمنسوجات من الشرق الأوسط، وخاصة من فلسطين وسوريا، ليبيعها في السوق الأمريكية، وكانت هذه التجارة ناجحة، حيث استطاع شومان أن يبني سمعة طيبة في السوق الأمريكية بفضل جودة المنتجات التي كان يستوردها، وأيضاً لحنكته في إدارة الأعمال".
وأكمل عثمان: "بعد سنوات من العمل الناجح في أمريكا، وتحديداً في عام 1929، قرر عبد الحميد شومان العودة إلى الوطن العربي، حاملاً معه خبرة واسعة في مجال التجارة والاقتصاد".
وقال إن فلسطين في ذلك الوقت تعاني من تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة بسبب الانتداب البريطاني والمشروع الصــهيوني، وأدرك شومان أن دعم الاقتصاد الفلســطيني هو أحد السبل لمواجهة هذه التحديات، فقرر تأسيس البنك العربي عام 1930 في القدس. وكان الهدف من إنشاء البنك تعزيز الاستقلال الاقتصادي ودعم التجار والمزارعين الفلســطينيين في مشاريعهم المحلية، مما ساهم في تعزيز صمود الشعب الفلســطيني في وجه المحاولات الاستعمارية.
وكان تأسيس البنك العربي نقطة تحول في حياة شومان وفي تاريخ الاقتصاد الفلسطيني، حيث نجح البنك في جذب الاستثمارات ودعم المشاريع التنموية، مما جعله أحد أبرز المؤسسات المالية في المنطقة. ولم يكن عبد الحميد شومان مجرد رجل أعمال ناجح، بل كان وطنياً ملتزماً بقضية شعبه، حيث جسدت حياته قصة كفاح وإصرار على النجاح رغم الصعوبات. وتوفي شومان عام 1974، لكن إرثه ما زال حياً من خلال البنك العربي الذي أصبح رمزاً للصمود الاقتصادي والالتزام الوطني.
ومنذ تأسيسه، ارتبط البنك العربي ارتباطاً وثيقاً بالقضية الفلسطينية، ليس فقط من خلال دعمه الاقتصادي، بل أيضاً من خلال رموزه وشعاراته التي تعكس الهوية العربية لفلســطين.
وكانت الخريطة الموجودة في الشعار تظهر الوطن العربي بكامله دون وجود للكيان، تأكيداً لموقف البنك الثابت من القضية الفلسطينية ورفضه للاحتلال، وتأكيده على وحدة الأرض العربية. وعكس اختيار البنك لشعاره التزامه بحماية التراث الفلســطيني ودعم الحقوق التاريخية للشعب الفلســطيني في أرضه.
وعلى مدار تاريخه، لم يقتصر دور البنك العربي على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتد ليشمل الجانب الوطني والسياسي.
فقد دعم البنك المشاريع التنموية في فلسطين، وساهم في إنشاء البنية التحتية التي تعزز صمود الشعب الفلسطيني.
كما كان للبنك دور في دعم اللاجئين الفلسطينين وإنشاء المؤسسات التي تعنى بشؤونهم. وتحمل البنك ملايين الدولارات من الغرامات، بدعوى ارتكابه مخالفات تتعلق بعمليات مكافحة غسل الأموال ومقاومة الإرهــاب، لمجرد تحويله أموالاً للفلســطينيين في قطاع غزة، وهي مرسلة من أهاليهم حول العالم.
ووفقًا للكاتب فقد كانت هناك قصة كوميدية حزينة، حين تعرض البنك العربي لغرامة ضخمة، بسبب تحويل تم من سيتي بنك، ووصل عن طريق البنك العربي لمن تصنفهم الولايات المتحدة إرهابيين، حيث استحدثت الدول الغربية وقتها مبدأ "اعرف عميل عميلك"، بدلاً من المبدأ المعتاد "اعرف عميلك"، بينما نجا سيتي بنك، رغم أنه هو البنك الذي لم "يعرف عميله". وأُجبر البنك العربي بعدها على تقليص أعماله في نيويورك.
وبالإضافة إلى ذلك، كان البنك العربي حاضراً في دعم المؤسسات التعليمية والصحية في فلسطين، وهو ما ساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلســطينية. واستمر البنك في لعب هذا الدور حتى بعد النكبة عام 1948، حيث نقل مقره الرئيسي إلى عمان في الأردن، واستمر في دعم القضية الفلســطينية من خلال مشاريعه وبرامجه. وفي أكثر من مناسبة بعد انتقاله إلى عمان، تحمل البنك رواتب موظفي الحكومة الأردنية، في محاولة لتخفيف أزماتها الاقتصادية.
وقال شريف عثمان، الذي عمل لدى البنك، أحكي هذه القصة بمناسبة تغيير شعار البنك، بحذف خريطة الوطن العربي، النقية من الدنس، وتركه لمجموعة دوائر لا معنى لها ولا طعم ولا روح.. دوائر لا تربطه بالعالم العربي ولا بالقضية الفلسطينية، ولا تتحدث عن جغرافيا أو تاريخ، وهي أقرب إلى الأغلال التي تقيد بها الحكومات العربية كل أفكار المقــاومة والتعاطف مع القضية، حتى لو كانت شعاراً على جدران بنك، أو في إعلاناته.
واختتم الراوي حديثه قائلاً: "صدقني والله، الموضوع ليس (مجرد شعار)، ولا هي قضية تافهة، فأولاد عمنا لا قضية تافهة لديهم، ولا توجد معركة يرونها لا تستحق القتال، وإنما كل معركة عندهم هي أم المعارك، تستخدم فيها كل الأســلحة، ولا يترك شيء فيها للصدفة، كما أنهم يخوضون كل معاركهم في نفس الوقت. فهل نتعلم منهم؟".