تحت طقس بارد وممطر، يواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة برًا وجوًا وبحرًا، منذ ما يتخطى المائة يوم يعاني فيها سكان القطاع من الجوع وسط استمرار حالة مع النقص الشديد للمساعدات.
وتفرض إسرائيل حصارًا شاملاً على القطاع ومنعت إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية عن أكثر من 2.3 مليون شخص هم إجمالي سكان القطاع.
وبفعل حربها البربرية على القطاع، تواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من حلفائها الغربيين لوقف الهجوم العسكري في غزة الذي أدى إلى تدمير جزء كبير من القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.
وفي غضون ذلك، اتهمت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إسرائيل باستخدام سلاح التجويع لتحقيق "أرقام قياسية في جرائم الإبادة الجماعية".
وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، في بيان، إن الاحتلال الإسرائيلي "يرتكب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة بالقصف والتجويع ومنع العلاج".
وأضاف القدرة أن "الاحتلال يرتكب مجزرة مروعة بحق آلاف الأفواه الجائعة التي كانت تنتظر المساعدات الإنسانية عند دوار الكويت".
وتدخل كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية لمحافظتي غزة والشمال، حيث سبق أن قالت وكالة غوث وتشغل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إنها بدأت يوم 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي بإدخال نحو 7 شاحنات يوميًا لأول مرة بعد انتهاء الهدنة الإنسانية مطلع الشهر ذاته.
وفي أكثر من مناسبة، أكدت الأونروا أن حافلاتها المحملة بالمساعدات تعرضت لإطلاق النار من الجانب الإسرائيلي.
وفي تقرير لها، قالت وكالة رويترز إن الجوع ينشب مخالبه في قطاع غزة بأكمله الذي يعيش فيه 2.2 مليون شخص تحت القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فيما حذرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من أن جيوبًا في شمالي القطاع تواجه خطر المجاعة، في حين قال عمال إغاثة إن المناطق القريبة من الحدود المصرية تحصل على إمدادات محدودة من المواد الغذائية المستوردة، لكن هناك كارثة يواجهها الناس في شمال ووسط القطاع.
وتتوقع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن أكثر من 10 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الهزال ونقص الوزن غير الطبيعي خلال الأسابيع المقبلة، وهو أحد أخطر نتائج سوء التغذية الذي قد يعيق نمو البدن والدماغ.
وفي تقرير لها، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بأن سكان غزة يواجهون مجاعة كارثية، مع استمرار الحرب الدائرة في القطاع، بسبب نقص المواد الضرورية للعيش، والتي جعلت البعض يلجأ إلى علف الحيوانات لإطعام أسرهم.
ويقول محمد البالغ من العمر 40 عامًا من بيت لاهيا شمال غزة، إنه كان ينتظر كل يوم، لمدة أربعة أيام، في الطابور للحصول على بضعة أرطال من الدقيق. وعندما عاد إلى منزله خالي الوفاض لأطفاله الخمسة، متألمًا من الجوع والإذلال، كان يطحن علف الحيوانات ليخبزه فوق موقد مؤقت.
وأضاف: "لا نعرف مدى خطورة تناول علف الحيوانات على صحتنا، لكن ليس لدينا خيارات أخرى".
ويقول محمد، الذي كان يعمل سائقًا قبل الحرب: "إذا استمر الوضع على هذا النحو، فقد ترى الناس يموتون من الجوع في الشوارع".
ووفقًا لتقرير نشره في أواخر ديسمبر اتحاد دولي تدعمه الأمم المتحدة، يواجه 93% من سكان غزة "مستويات أزمة الجوع".
التقرير أوضح كذلك أن أكثر من نصف مليون شخص يواجهون "الجوع والمجاعة الكارثية".
وقال المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، ستيف تارافيلا، الشهر الماضي: "إن حجم وسرعة هذه الأزمة لم يسبق لهما مثيل في العصر الحديث.. إذا استمرت التوقعات الحالية، فسوف نصل إلى المجاعة بحلول فبراير".
فيما قال العقيد إيلاد غورين، الذي يرأس مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، جناح وزارة الدفاع الإسرائيلية الذي يشرف على الشؤون المدنية الفلسطينية، للصحفيين يوم الاثنين الماضي: "لا توجد مجاعة في غزة، نقطة".
ولا يوجد تقدير لعدد الفلسطينيين الذين ماتوا في غزة بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الجوع: فمع نزوح الغالبية العظمى من السكان وتدمير النظام الطبي إلى حد كبير، ظلت العديد من الوفيات دون إحصاء، أو لم يتم تحديد أسبابها. وعادة ما تسجل المستشفيات القليلة المتبقية فقط الوفيات الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية.
واليوم الجمعة، أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي والعمليات البرية في قطاع غزة إلى 26083 شهيدًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء العدوان الإسرائيلي، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وقال القدرة - في بيان له - إن 64 ألفًا و487 فلسطينيًا أصيبوا منذ اندلاع الحرب، مضيفًا أن 183 شخصًا، استشهدوا خلال الساعات الـ24 الأخيرة.