من قلب مقر الأمم المتحدة، وأمام اجتماعات الجمعية العامة في دورتها الـ78 المنعقدة في نيويورك، تحدث رئيس وزراء "إسرائيل" بنيامين نتنياهو، وخلال كلمته عرض خريطة حملت اسم "الشرق الأوسط الجديد"، في وقت يروج فيه للتطبيع مع المملكة العربية السعودية.
ويبدو أن نتنياهو لم يكتف بما تفعله حكومته المتطرفة من تهجير ونهب واغتصاب لحقوق وأرض وتاريخ الشعب الفلسطيني، ولكن امتدت بجاحته وعجرفته إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ أظهرت خريطته المزعومة خرقًا واضحًا وتشويهًا فجًا للواقع بعدما محى اسم دولة فلسطين، وبدت الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة وكأنهما جزء من إسرائيل.
خريطة "نتنياهو" تضمنت الأراضي الفلسطينية كجزء من إسرائيل في عام 1948، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة، إذ كتب السفير الفلسطيني لدى ألمانيا ليث عرفة: "ليس هناك إهانة أكبر لكل مبدأ تأسيسي للأمم المتحدة من رؤية نتنياهو يعرض أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (خريطة إسرائيل) التي تمتد على الأرض بأكملها من النهر إلى البحر، مما ينفي فلسطين وشعبها".
وعلق موقع "ميدل إيست آي" البريطاني على ذلك بالقول: "لم تسيطر إسرائيل على الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، أو قطاع غزة بعد تأسيسها عام 1948 (80% من فلسطين التاريخية). إنما احتلتها بشكل غير قانوني عام 1967، ولا تزال تفعل ذلك فيما يعرف بأطول احتلال في التاريخ الحديث".
الموقع البريطاني أشار كذلك إلى أن إدراج الأراضي الفلسطينية (وأحيانًا الأراضي التابعة لسوريا ولبنان) في الخرائط الإسرائيلية أمر شائع بين المؤمنين بمفهوم أرض إسرائيل (إسرائيل الكبرى) وهذا الفكر جزء رئيسي من الصهيونية القومية المتطرفة التي تدعي أن كل هذه الأراضي تنتمي إلى دولة صهيونية".
من جانبه، وصف المحلل الإسرائيلي، يوناتان توفال - عبر منصة "إكس" - بنيامين نتنياهو بـ"المحتال"، قائلًا: "التحريف، الوعود الكاذبة، الوثائق (الخرائط) المزورة، التهديدات الصارخة، عقلية الضحية. لقد بدا تيندر سويندر طفلاً بجوار هذا المحتال المحترف"، في إشارة إلى فيلم Tinder Swindler عن المحتال الإسرائيلي الذي يوقع بالنساء.
بموازاة ذلك، قال الكاتب والمحلل الفلسطيني، يوسف منير: "في حال وجود أي شك، فقد أوضح نتنياهو بخريطة صغيرة اليوم ما الذي يسعى إليه التطبيع حقًا: إزالة فلسطين والفلسطينيين من المنطقة وإضفاء الشرعية على إسرائيل الكبرى، وكل ذلك بمباركة الأنظمة العربية".
في غضون ذلك، علق الكاتب ميتشيل بلتنك على "خريطة نتنياهو" قائلًا: "مع ذلك، بطريقة ما، سيواصل المدافعون عنه، وخاصة أولئك في البيت الأبيض والكونغرس، الحديث عن الدولتين وشراكتهما غير القابلة للكسر مع إسرائيل".
وهنا تجدر الإشارة إلى الحادثة التي سببت عاصفة من الانتقادات في وقت سابق من هذا العام وكان بطلها وزير مالية نتنياهو، بتسلئيل سموتريتش، الذي أطل من منصة مزينة بخريطة تضم أيضًا فلسطين ولبنان وسوريا كجزء من إسرائيل الكبرى، وقال في الحدث الذي حل ضيفا عليه في باريس، إنه "لا يوجد شيء اسمه فلسطينيون".
ويأتي استخدام المسؤولين الإسرائيليين لمثل هذه الخرائط في وقت اتخذت فيه حكومة نتنياهو المتطرفة خطوات يقول الخبراء إنها ترقى إلى مستوى "الضم القانوني" للضفة الغربية المحتلة.
(خطاب نتنياهو)
وقال نتنياهو - في خطابه اليوم الجمعة - إنه لا ينبغي أن يكون للفلسطينيين حق النقض (الفيتو) على أي اتفاقيات سلام بين إسرائيل ودول عربية.
وأضاف: "جهودنا الماضية باءت بالفشل لأنها استندت إلى فكرة خاطئة مفادها أنه ما لم نتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين فإن أي دولة عربية أخرى لن تطبع علاقاتها مع إسرائيل".
ورأى أن المزيد من اتفاقيات السلام مع دول عربية سيزيد من فرص صنع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين"، واصفًا الاتفاقيات الموقعة في 2020 لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب، بأنها تمثل "فجرًا جديدًا من السلام".
وقال: "أعتقد أننا نقترب من تحقيق اختراق هام في مسار السلام بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية".
اقرأ ايضا: بعد قرار "الجنائية الدولية".. نتنياهو وجالانت على رادار 123 دولة