بين اقتتال دائر وهدنة مخترقة، يعيش السودانيون منذ 15 أبريل، أوضاعًا مزرية بفعل الاشتباكات المشتعلة بين الجيش من جهة و"قوات الدعم السريع" من جهة أخرى، وسط تبادل الاتهامات ببدء كل منهما هجومًا على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلاً منهما.
الوضع في السودان مع استمرار العمليات العسكرية الدائرة هناك، دفع أعدادًا كبيرة من السودانيين إلى النزوح واللجوء إلى الدول المجاورة، ما أثار الجدل في الشارع المصري حول تداعيات قدوم موجات اللاجئين إلى البلاد.
(استقبال النازحين)
إذ يشهد معبرا أرقين وقسطل الحدوديان بين مصر والسودان، حركة عبور كثيفة لآلاف الأسر السودانية الفارة من الأوضاع في الخرطوم.
وفي بيان حصلت "حياة واشنطن" على نسخة منه، صرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بأن الجهود المصرية لتسهيل عبور النازحين من الأراضي السودانية خلال الأيام القليلة الماضية أسفرت عن النجاح في تسهيل عبور أكثر من 16 ألف مواطن من غير المصريين إلى داخل مصر.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية أن أعداد العابرين من الأشقاء السودانيين تجاوزت أكثر من 14 ألف مواطن، كما بلغ عدد العابرين إلى مصر ما يزيد عن ألفي مواطن أجنبي من 50 دولة و6 منظمات دولية.
هذا، وتستمر الجهود المصرية على مدار الساعة في تسهيل استقبال المواطنين الفارين من الاشتباكات العسكرية في السودان، والعمل على تخفيف معاناتهم الناجمة عنها وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة لهم.
(مناشدة سودانية)
بموازاة ذلك، ناشد عدد من السودانيين المقيمين في مصر، المسؤولين، من أجل تخفيف الإجراءات تيسيرًا عليهم في هذه الظروف.
أما بعض الأسر، انطبقت على جميع أفرادها شروط الإعفاء من تأشيرة الدخول، فكان دخولهم لمصر أكثر سهولة من غيرهم.
وقال عدد من السودانيين القادمين إلى مصر، إنهم عبروا عبر هذين المعبرين، وتم إعفاؤهم وجميع أفراد أسرهم من التأشيرة.
مشاهد متكررة من يوميات عبور الأسر السودانية الفارة من الأوضاع المتدهورة في العاصمة الخرطوم عنوانها الرئيسي المعاناة، وبين طياتها حالة من عدم اليقين بشأن ما هو آت سواء على مستوى حياتهم الشخصية أو على مستوى مستقبل بلادهم.
(انقسام مصري)
قدوم السودانيين إلى مصر قوبل بانقسام بين مُرحب بالأشقاء في بلدهم الثاني، وبين معارض ومتخوف من حدوث تأثير سلبي لتزايد أعداد مواطني الدولة المجاورة على الاقتصاد المصري.
وتحت هاشتاغات الترحيب على منصات التواصل الاجتماعي، أشار المرحبون إلى الروابط التاريخية بين شعبي النيل، مرحبين بالأشقاء السودانيين وسط أمنيات بتجاوز الأزمة السياسية المشتعلة.
ويرى بعض المرحبين بدخول السودانيين إلى مصر أنه "لا يوجد من هو أولى بأهل السودان من إخوتهم في مصر، ولا يصح أصلًا إطلاق لقب لاجئين عليهم"؛ نظرًا لوجود تاريخ مشترك بين البلدين وجغرافيا واحدة وعلاقات دم ومصاهرة.
وفي المقابل، يرى المتخوفون أن هذا النزوح قد يؤدي لتحولات ديموغرافية وسياسية في مصر بسبب تدفق موجات اللاجئين إلى البلاد، حتى أن البعض ذهب إلى تشبيه ما قد يحدث عند قدوم السودانيين بأعداد غفيرة إلى مصر بما حدث من آلاف السنين عندما احتل الهكسوس مصر القديمة لعشرات السنين بعدما كان سبب قدومهم إلى البلاد هو هروبهم من ظروف قاسية وبحثهم عن الأمان في مصر.
وذهب بعضهم للتشكيك في أن هناك قوى إقليمية تقف وراء تشجيع السودانيين على اللجوء بأعداد كبيرة إلى مصر، حيث لاحظ أحد المتابعين أن إحدى وسائل الإعلام العربية بالغت في تسليط الضوء على هاشتاغ الترحيب بالسودانيين في مصر وأنها قللت من التناول الإعلامي لقضية إنقاذ السودانيين من محنتهم بشكل عام.
السودان دخل يومه الثالث عشر من الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط حالة من غيوم على قرب حل تلك الأزمة، التي دفعت الكثير من الدول إلى تكثيف جهودها لإجلاء رعاياها أو أفراد بعثات دبلوماسية.