من "أُريدُ حلاً" إلى "تحت الوصاية".. صرخة ضد "كهنوت القانون" ترصد معاناة المرأة

مشاركة
"تحت الوصاية" "تحت الوصاية"
حياة واشنطن-تقرير 11:36 ص، 28 ابريل 2023

جدل واسع أثاره المسلسل المصري "تحت الوصاية" بطولة الفنانة منى ذكي، والذي عرض خلال شهر رمضان هذا العام، إذ كان بمثابة الحجر الذي حرك المياه الراكدة، كونه رصد العوار الذي يشوب بعض القوانين والتشريعات المصرية.

ودائمًا ما تحرص الفنانة منى ذكي، على تسليط الضوء في أعمالها الدرامية، على مشكلات المرأة والقضايا الهامة، وهذا ما فعلته خلال مسلسلها هذا العام، وهو من تأليف خالد وشيرين دياب، وإخراج محمد شاكر خضير.

وفي أثناء عرض "تحت الوصاية"، الذي تخطى الـ 61 مليون مشاهدة، ارتفعت الأصوات النسائية المطالبة بضرورة إصلاح القوانين والإجراءات والتشريعات التي تحكم عمل "المجلس الحسبي" المُشكّل منذ 1952، والذي يعد أحد الأدوات القضائية المهمة لصون حقوق الأيتام.

ويشير نظام المجلس الحسبي في مصر إلى القانون الخاص بالولاية على أموال القُصّر، وينص على أن الأم الأرملة ليس لها حق الوصاية، والتصرف المباشر في أموال أبنائها ممن لم يبلغوا سن الرشد (21 عامًا) حسب القانون.

بينما تؤول الوصاية المالية بعد وفاة الأب بالتبعية إلى الجد ثم إلى العم، وفي حال رغبة الأم في انتقال الوصاية المالية لها، عليها أولاً التقدم للمجلس الحسبي بطلب وصاية قد يعيقه عدم رغبة الجد والعم.

(أحداث تحت الوصاية)

دراميًا، تدور أحداث المسلسل حول شخصية "حنان" منى زكي المرأة التي توفى عنها زوجها، تاركًا لها ابنها الصبي "ياسين" عمر شريف وطفلة صغيرة فتضطر إلى سرقة مركب الصيد الخاص بزوجها، بعيدًا عن مطاردة شقيق زوجها "صالح" دياب، ووصاية الجد "عطية" جميل برسوم، هنا تأتي الصدمة للمشاهد لتعميق مأساة هذه المرآة المصرية.

فلأول مرة نشاهد سيدة تسرق مركبًا، وتصبح "ريسة" المركب التي تقود مجموعة من الرجال البحّارة لصيد الأسماك وما يفيض به البحر من خيرات لبيعها للإنفاق على البنت والولد.

وتتعرض البطلة لمضايقات كثيرة في عملية البيع وتتراكم الهموم والمشاكل عليها. رعاية أولادها من ناحية والهروب من الوصاية من ناحية أخرى لكن في النهاية تأتي صرختها ضد كهنوت القانون بجمل وأسئلة فاضت معها دموع المشاهدين وعجزت هيئة المحكمة عن الإجابة عليها.

(تحرك حكومي)

"تحت الوصاية" نجح بالفعل في تسليط الضوء على تلك القضايا المجتمعية الشائكة، كونه رصد مشاكل السيدات الأرامل في مصر، الأمر الذي دفع مجلس النواب المصري إلى المناقشة ومن ثم التحرك من أجل تعديل قانون الولاية.

إذ طالبت النائبة ريهام عفيفي عضو مجلس الشيوخ، بضرورة إجراء تعديلات على قانون الولاية على المال والصادر منذ خمسينات القرن الماضي، وأكدت أن قانون الولاية على المال والجاري العمل به، يواجه العديد من القصور التشريعي.

وأشارت إلى أنها تعكف حاليًا على إعداد طلب مناقشة موجه إلى المستشار عمر مروان وزير العدل بمصر، وسيتم تقديمه عقب إجازات الأعياد، ويتضمن ضرورة تعديل قانون الولاية على المال والصادر في عام 1952، خاصة وأنه لم يعد يتناسب مع هذا العصر.

(أُريدُ حلًا)

أصداء مسلسل تحت الوصاية أعاد للأذهان الفيلم المصري (أريد حلًا) بطولة فاتن حمامة ورشدي أباظة، ومن إنتاج أفلام صلاح ذو الفقار وحوار سعد الدين وهبة وإخراج سعيد مرزوق، والذي اعتبره النقاد واحدًا من أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.

"أريد حلًا" رصد صرخة امرأة "فاتن حمامة" في وجه المجتمع بقوانينه وتشريعاته التي لم تنصفها بعد استحالة الحياة بينها وبين زوجها "رشدي أباظة" الذي يرفض طلب طلاقها فتضطر للجوء إلى المحكمة الشرعية لرفع دعوى طلاق.

وتدخل في متاهات المحاكم، وتتعرض لسلسلة من المشاكل والعقبات التي تهدر كرامتها، وتتعقد الأمور عندما يأتي الزوج بشهود زور يشهدون ضدها في جلسة سرية، وتخسر قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات.

الفيلم حقق إيرادات كبيرة بمقاييس السبعينيات لأسباب كثيرة منها قوة موضوع الفيلم وجرأته الذي تحول إلى قضية مجتمعية انشغل بها نخبة المجتمع من فقهاء وقانونيين وعلماء دين وأساتذة علم الاجتماع والنفس.

تعاطف المصريين آنذاك مع قضية الفيلم وحقوق المرأة التي تعرضت للقمع والإذلال في ظل القوانين المتعسفة، تجاوز النقاشات العادية إلى قصر الرئاسة، فتحدثت عنه السيدة جيهان السادات، والرئيس محمد أنور السادات، في أحد المؤتمرات وأعلن عن رغبته في إصدار قرار بتغيير قانون الأحوال الشخصية؛ الأمر الذي استساغه المجتمع بعد رؤية الفيلم، وبالفعل كانت تلك القضايا من المسكوت عنها في المجتمع المصري.