مع اقتراب انتهاء الولاية الثانية للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في سبتمبر/أيلول المقبل، تشهد الأروقة الدبلوماسية المصرية مشاورات مكثفة حول خليفته.
وفي خطوة غير مسبوقة، تُجهز القاهرة لترشيح رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي، لهذا المنصب، ما يمثل سابقة تاريخية في تعيين الأمناء العامين من دولة المقر.
تجري المشاورات حاليًا مع بعض الأطراف ذات الثقل داخل الجامعة العربية لاستطلاع مواقفها من المرشحين المصريين، في ظل عرف دبلوماسي يقضي بأن يكون الأمين العام من دولة المقر، أي القاهرة، على الرغم من عدم وجود إلزام قانوني بذلك.
وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية وأخرى عاملة بمقر الجامعة العربية لـ"العربي الجديد" عن بدء مشاورات موسعة بشأن ترشيح مدبولي. ويُعد هذا الترشيح الأول من نوعه منذ تأسيس الجامعة عام 1945، حيث جرت العادة أن يتولى منصب الأمين العام من دولة المقر شخصيات سبق لها أن شغلت منصب وزير الخارجية، وليس رئاسة الحكومة.
وأكد مصدر دبلوماسي مصري أن مدبولي يحظى بثقة كبيرة لدى الرئيس عبد الفتاح السيسي ومؤسسات الدولة المصرية، ما يجعله خيارًا مفضلًا لدى الدوائر المعنية باختيار مرشح القاهرة.
ووصف المصدر مهمة القاهرة بـ"الصعبة"، في ظل رغبة بعض الدول الأعضاء في "تدويل المنصب وطرح مرشحين"، مع إشارات إلى رغبة الجزائر في طرح مرشح، وأحاديث عن طموح سعودي للمنصب في الولاية المقبلة.
ولم يقتصر النقاش على مدبولي، فقد شملت الدوائر المصرية المعنية باختيار مرشح القاهرة لمنصب الأمين العام للجامعة العربية أسماء أخرى، منها وزير الخارجية الحالي بدر عبد العاطي، والسابق سامح شكري.
وأوضح المصدر نفسه أن القرار المصري كان يتجه في البداية للدفع بشكري لخلافة أبو الغيط، إلا أن اعتراضات خليجية على شخصه أدت إلى تراجع أسهمه، قبل التفكير في عبد العاطي. وكشف المصدر أنه خلال المشاورات، طرحت إحدى الجهات السيادية المصرية اسم مدبولي، لكونه "أحد الوجوه التي لم يكن حوله جدال ولم يدخل في أي معارك سواء على المستوى المحلي أو العربي".
ويأتي هذا الترشيح مدعومًا بقناعة لدى الرئيس السيسي بتصعيد وزير النقل والصناعة، كامل الوزير، لموقع رئيس الوزراء، ما يشير إلى أن استمرار مدبولي على رأس الحكومة "مسألة وقت".
في السياق.. كشف دبلوماسي عربي في الجامعة لـ"العربي الجديد" عن أن المشاورات التمهيدية الجارية كشفت عن رغبة سعودية في هذا المنصب خلال الدورة الجديدة، التي تستمر خمس سنوات.
وأشار الدبلوماسي إلى أنه حتى لو تم التوافق حول أمين عام مصري، فإن الرياض لن تتخلى عن طموحها بأن يكون الأمين العام المساعد سعوديًا، بصلاحيات واسعة.
اقرأ ايضا: "شوارع ذكية في مصر".. لأول مرة روبوتات لتنظيم المرور
وتنص المادة 12 من ميثاق جامعة الدول العربية على أن "يعين الأمين العام بقرار من مجلس الجامعة بموافقة ثلثي الأعضاء" الـ22. وتبلغ مدة ولاية الأمين العام خمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة. وقد جرى العرف على اختيار الأمين العام من بين مواطني دولة المقر، وظل هذا العرف ساريًا حتى عندما تقرر تعليق عضوية مصر ونقل مقر الجامعة مؤقتًا من القاهرة إلى تونس عام 1979، عقب توقيع الرئيس المصري الأسبق أنور السادات معاهدة السلام مع إسرائيل. حينها، اختير الشاذلي القليبي، وزير الثقافة والإعلام التونسي، أمينًا عامًا مؤقتًا ممثلًا لدولة المقر المؤقت، قبل عودة المقر إلى مصر مجددًا عام 1990.