مصر: "موائد الرحمن" تتوارى بفعل الأزمة الاقتصادية

مشاركة
مائدة رمضانية في أحد شوارع مصر (أرشيف) مائدة رمضانية في أحد شوارع مصر (أرشيف)
القاهرة - حياة واشنطن 11:49 ص، 26 مارس 2023

طالما امتلأت منطقة "وسط البلد" في قلب القاهرة بـ "موائد الرحمن"، التي ينصبها تجار المنطقة الأزحم في عاصمة المعز، لإفطار المارة والفقراء والمحتاجين.
تلك الموائد كانت في أعوام سابقة مثارا للتفاخر من تاجر لآخر ومن منطقة لأخرى، ففي المناطق الشعبية غالبا تضم المائدة إفطارا متواضعا لكنه في كل الأحوال لا يخلو من البروتينات، سواء لحوم أو دجاج، أما في المناطق الفاخرة، فيكون الإفطار على تلك الموائد "خمس نجوم"، حتى أن مائدة الإفطار الرمضاني في حي الزمالك الراقي، ظلت لسنوات حديث الصحافة ووسائل الإعلام لما تحويه من أصناف طعام فاخر.
وظلت "موائد الرحمن" سمة من سمات شهر الصوم في مصر، لكن يبدو أن شوارع المعز ودعت تلك العادة كما عادات أخرى هجرها المصريون بفعل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يرزخ تحت وطأتها الملايين.
ولوحظ خلو معظم شوارع وسط القاهرة من موائد الإفطار الرمضانية، نظرا لارتفاع أسعار السلع الغذائية خصوصا بفعل تحرير سعر الصرف، وانهيار القيمة الشرائية للجنيه المصري.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية حادة وسط انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، ما سبب ارتفاعا هائلا في الأسعار.
وسعت مصر للتخفيف من تبعات الأزمة الاقتصادية بالاقتراض من صندوق النقد الدولي، لتدبير موارد دولارية، فضلا عن تبني برنامج لبيع الأصول لدول خليجية منها السعودية.
وفقد الجنيه المصري 100 في المائة من قيمته في غضون عام، ما سبب تراجعا غير مسبوق في قيمته الشرائية، وأظهرت بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر قد ارتفع إلى 31.9 بالمئة في فبراير الماضي، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات ونصف.
وسجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاعاً قدره (14.8 بالمئة)، إذ ارتفعت أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (9.2 بالمئة)، وأسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة (29.7 بالمئة)، وأسعار مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (19.5 بالمئة)، وأسعار مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة (11.1 بالمئة)، وأسعار مجموعة الزيوت والدهون بنسبة (4.3 بالمئة)، وأسعار مجموعة الفاكهة بنسبة (10.8 بالمئة)، وأسعار مجموعة الخضروات بنسبة (5.3 بالمئة)، وأسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة (3.4 بالمئة).
وبسبب هذا الغلاء، افتقد (محمد.ح) عامل نظافة في منطقة وسط القاهرة، إفطارا رمضانيا على مائدة في المربع المسؤول عن تنظيفه، طالما اعتاد الإفطار بها على مدى سنوات. وقال إنه اضطر للبحث عن مائدة أخرى في منطقة بعيدة لتناول إفطاره بها أثناء دوامه وقت آذان المغرب.