نفى مجلس الوزراء المصري الادعاءات بشأن تعرض البلاد للإفلاس بسبب ارتفاع حجم الديون وتضاعف فاتورة خدمة الدين.
وأوضح المجلس - في تقرير الرد على تساؤلات الرأي العام المثارة بشأن أداء الاقتصاد المصري خلال الفترة من يونيو إلى نوفمبر 2022 - أنه في ظل الأزمات الاقتصادية المتعاقبة التي شهدها العالم خلال الفترة السابقة اتجهت حكومات دول العالم إلى تبني سياسات اقتصادية توسعية للتخفيف من تبعات الآثار السلبية لتلك الأزمات الاقتصادية علي الأسر والشركات ما أدى إلى ارتفاع ملموس في مستويات المديونية العالمية والتي ارتفعت لتسجل نحو 350% من الناتج الإجمالي بنهاية الربع الثاني من 2022.
اقرأ ايضا: بعد قرار "الجنائية الدولية".. نتنياهو وجالانت على رادار 123 دولة
وأشار إلى أن الحكومة المصرية بدورها تبنت خلال السنوات السابقة وتحديدًا من 2014-2022 العديد من الإجراءات لتنشيط الأداء الاقتصادي ودفع نمو الاقتصاد وتوفير المزيد من فرص العمل المنتج وتعزيز الاستثمارات في مستويات البنية التحتية، كما ركزت خلال الثلاث سنوات الماضية على تحفيز الإنفاق العام لمواجهة التداعيات الناتجة عن أزمة كوفيد-19 والأزمة الروسية الأوكرانية.
ولفت إلى أن مصر تبنت منذ عام 2016 نهجًا متكاملاً للإصلاح المالي بهدف تبني تدابير وسياسات وإجراءات من شأنها تحقيق الانضباط المالي والتحرك باتجاه مستويات أكثر استدامة للدين العام، ما أسفر عن تراجع الدين العام المحلي والتي تراجعت من مستويات تفوق 100% من الناتج خلال عامي 2015-2016 و2016-2017 إلى 87 % خلال عام 2021-2022 وهو ما يقل كثيرًا عن النسبة المسجلة على مستوى العالم، وينخفض كذلك بالنسبة المثيلة المسجلة في العديد من الاقتصادات النامية والمتقدمة والتي تجاوزت 100%.
ونوه بأنه وفق المعيار الاقتصادي الأساسي لاستدامة الدين يسهم عدد من العوامل في ضمان تحرك الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في مسارات آمنة من أهمها مواصلة الاقتصاد المصري لتحقيق فائض أولى من الموازنة العامة للدولة بلغت نسبة 1.3% في العام المالي 202-2021 والارتفاع الكبير المسجل في معدلات نمو الاقتصاد المصري والتي بلغت 6.6% خلال العام المالي ذاته.
وأشار تقرير مجلس الوزراء أن مصر أحرزت تقدمًا مقارنة بالدول المناظرة لها في الفائض الأولى كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2020-2021 بنسبة 1.3 % حيث بلغت هذه النسبة في باكستان 0.4% وسجلت هذه النسبة انخفاضًا ملحوظًا في عدد من الدول المناظرة لمصر لتسجل عجز في الميزان الأولى كما في الجزائر 11.5% والصين 7.8% والهند 3.6% والمغرب 3.3%، كما انخفضت النسبة للناتج المحلي الإجمالي للاقتصاديات الناشئة خلال العام المالي 2021-2022 لتسجل عجز بنسبة 4.7% وبلغت النسبة للاقتصادات المتقدمة 3.6 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ونوه بأن الدولة المصرية تستهدف خلال الفترة القادمة الحفاظ على الانضباط المالي وخفض عجز الموازنة إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق فائض أولى من الموازنة العامة للدولة بصورة دائمة بنسبة 0.2%من الناتج المحلي الإجمالي بما يسهم في خفض المديونية وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي للموازنة العامة للدولة وضمان الأمان للأجيال الحالية والمستقبلي، إضافة إلى عودة المسار النزولي لنسبة المديونية الحكومية لتصل إلى 82.5% بنهاية يونيو 2025 وخفض فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة إلى 5.6 % من الناتج المحلي بحلول 2025-2026 وإطالة عمر دين أجهزة الموازنة ليقترب من 5 سنوات في المدي المتوسط لتخفيض الحاجة إلى التمويل السريع.
وبالنسبة للدين الخارجي، أشار مجلس الوزراء إلى أن مصر ما زالت ضمن الحدود الآمنة فيما يتعلق بمؤشر نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي، حيث وصلت تلك النسبة إلى 34.1% في حين أن حدود المخاطر القصوى 50%.
وأشار إلى وجود العديد من النقاط الإيجابية فيما يتعلق بهيكل الدين الخارجي لمصر لعل أبرزها، تنوع أدوات الدين الخارجي ما بين قرض وودائع وسندات مصدرة وتسهيلات ائتمانية قصيرة الأجل ومخصصات مصر لدى صندوق النقد الأجنبي.
كما يوجد تنوع مصادر تمويل الدين الخارجي على مؤسسات التمويل الدولية ومصادر التمويل الثنائية، بلوغ متوسط سعر الفائدة المرجح والمطبق على محفظة الدين الخارجي 3.58%وهو معدل جديد.
ونوه بأن معظم المديونية الخارجية الخاصة بمصر هي ديون متوسطة وطويلة الأجل بنسبة 82% فيما بلغ متوسط عمر محفظة الدين الخارجي في نهاية يونيو 2022 نحو 6.41.
وأظهر أن نسبة الديون التي تطبق سعر فائدة ثابت تشكل نحو ثلثي إجمالي الدين 62% وهو أمر جيد لأنه يخفف من وطأة مخاطر الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة على المستوى العالمي.
(قدرة مصر على سداد الديون)
كما نفي مجلس الوزراء المزاعم والادعاءات التى يتم ترويجها بأن مصر مهددة بعدم قدرتها على سداد ديونها، مؤكدًا أن مصر ملتزمة ولعقود طويلة بسداد مديونياتها الخارجية وهناك العديد من المؤشرات الاقتصادية التى تعزز من قدرة مصر خلال الفترة المقبلة على سداد مديونياتها .
وأوضح التقرير الصادر عن مجلس الوزراء أن من بين المؤشرات، تحسن العديد من مصادر النقد الأجنبي والتى يأتي على رأسها ارتفاع معدل نمو الصادرات المصرية بنسبة 53.1 % خلال العام المالى 2021/ 2022 لتسجل 43.9 مليار دولار، والزيادة فى ايرادات السياحة بنسبة 121.1 % لترتفع إلى 10.7 مليارات دولار، إضافة إلى الارتفاع الكبير المسجل فى عائدات قناة السويس والتى بلغت نحو 7 مليارات دولار فى الفترة نفسها، وارتفاع تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر لتصل إلى ما يقارب 9 مليارات دولار فى العام نفسه.
وأشار التقرير إلى ما تم الإعلان عنه من القرارات الاقتصادية التي من شأنها المزيد من تمكين القطاع الخاص ومن بينها تحرير سياسة سعر الصرف والتوجه نحو تبنى كل السياسات التي من شأنها حل المشاكل التي تواجه المستثمرين والمصنعين، ما أدى كل ذلك إلى انخفاض بشكل كبير من احتمالات تعثر مصر عن سداد ديونها.
كما أشار تقرير مجلس الوزراء إلى ما أكدته وكالة "بلومبرج"، التى قامت فى ظل تعرض الأسواق الناشئة لضغوط ناجمة عن ارتفاع الدين وتراجع النمو الاقتصادي والتنويه بتخلف تاريخي عن سداد الديون، بإعداد نموذج لتقدير مخاطر عدم السداد في 41 دولة ناشئة على مدار العام القادم .
وأشارت وكالة "بلومبرج" إلى أنه باستثناء الدول التي تخلفت عن السداد بالفعل هناك 11 دولة أخرى لديها احتمال عدم القدرة على السداد بنسبة 10 % أو أعلى في العام المقبل ليست من بينها مصر، حيث أشـارت المؤسسـة فـي المقابـل إلـى أن مصـر مـن المتوقـع أن تسـتفيد خلال الفتـرة المقبلـة مـن الدعـم الناتـج عـن سياسـة تحريـر سـعر الصـرف فـي جـذب المزيـد مـن التدفقـات مـن النقـد الأجنبي.
(الديون السيادية)
نفي مجلس الوزراء المزاعم والادعاءات التى يتم ترويجها فيما يتعلق بالزعم بأ مصر ستصبح أكبر مصدر للديون السيادية بين الأسواق الناشئة، وتراجع قيمة السندات السيادية، مشيرًا إلى أن موازنة العام المالي الجاري تستهدف خفض دين الحكومة العامة للدولة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 84.2 % كما تستهدف عودة المسار النزولي لنسبة دين الحكومة العامة للدولة للناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة، هذا بالاضافة إلى تقليل نسبة مدفوعات الفوائد إلى 7.6 % من الناتج المحلي الإجمالي و33.3 % من مصروفات الموازنة.
وأوضح التقرير الصادر عن مجلس الوزراء أن عمليات الاقتراض الخارجي تخضع لمعايير ومحددات تتابعها لجنة إدارة الدين العام، كما ستتولى اللجنة تحديد السقف السنوي للاقراض الخارجي، بما يتناسب مع تطور الناتج المحلي الإجمالي، والصادرات، وأعباء خدمـة الديـن، وكذلـك رصيـد الاحتياطات مـن النقـد الأجنبي، بمـا يضمـن البقـاء فـي الحـدود الأمنة .
وأضاف ان الحكومـة ممثلـة فـي وزارة الماليـة وضعت خطة متوسـطة المـدى إلدارة الديـن الحكومـي وخدمتـه خـال الفترة من 2022 /2023 - 2026 /2027 ، حيث تتمثل أهــم السياســات والاجراءات التــي يتــم تبنيهــا فــي إطــار هــذه الخطــة فى وضــع ســقف ملــزم للأعباء الســنوية التــي تؤثــر علــى المديونيــة "بما فيهــا التمويــل تحــت الخــط بحيــث لا يتجاوز 1.5 % - 2 % مــن الناتــج ســنويا، والتوقف خلال تلــك الفتــرة عــن إجــراء أي تشــابكات ماليــة جديــدة أو إضافيــة يترتــب عليهــا أعبــاء ماليــة للموازنة.
كما تتضمن الاجراءات أيضا متابعـة وتحديـث اسـتراتيجية الديـن سـنويا؛ لضمـان خفـض نسـبة خدمـة الديـن للناتـج المحلـي، وإطالـة عمـر الدين بمـا يسـاعد علـى خفـض جملـة الاحتياجات التمويليـة لأجهزة الموازنـة، والتوسع فــي اســتهداف إصــدار أدوات تمويــل جديــدة ومتنوعــة "الصكــوك - ســندات التنميــة المســتدامة -الســندات والصكــوك الخضــراء - الســندات الدوليــة بعمــات متنوعــة، وأيضا اسـتمرار جهـود تطويـر سـوق الأوراق الماليـة الحكوميـة؛ لزيـادة درجـة المنافسـة، وجـذب مزيـد من المستثمرين "جى بى مورجان انستتيوشن ، ويورو كلير" .
اقرأ ايضا: "المستوطنون يختبئون في الملاجئ".. "حزب الله" ينفذ "أعنف قصف" على إسرائيل
وأشار إلى أن لجنـة الديـن توافقـت بتاريـخ 12 يونيـو 2022 علـى رؤيـة موحـدة فيمـا يتعلـق بملـف الديـن وتنظيـم الاقتراض، والتي تضمنــت وضــع حــد غيــر مــرن "كقيمــة مطلقــة وليــس نســـبة; لمستوى الديــن الخارجــي، قائــم علــى حساب دقيـق لقيمـة الفجـوة فـي العملـة الأجنبية فـي العـام المالي 2022/ 2023، فضلًا عـن متابعـة وتحديـث استراتيجية الديـن سـنويا؛ لضمان خفض نسبة خدمة الدين للناتـج المحلـي، وإطالـة عمـر الديـن بمـا يسـاعد على خفـض جملـة الاحتياجات التمويلية لأجهزة الموازنـة، مع سـد الفجـوة التمويليـة بآليـة لا تمثـل عبئا علـى الخزانـة العامـة للدولـة من خلال التوسـع في تمويل المشـروعات بالشراكة مـع القطـاع الخـاص، بالاعتماد علـى التنسـيق بيـن وحـدة القطـاع الخـاص بـوزارة التخطيـط والتنميـة الاقتصادية ووحـدة الشـراكة بـوزارة الماليـة؛ لحصــر المشـروعات التـي يمكـن إتاحتهـا للشـراكة مـع القطـاع الخاص.