ما كان للحرب الإسرائيلية إلا أن تترك أثرها الأكبر داخل قلب كل غزي، فمن وحي المعاناة تخرج الأجيال الصانعة للوطن، هذا ما أكده الطلبة الثلاثة الذين نسجوا من خيوط أفكارهم نجاحاً مميزاً، فعلى مدار أشهر طويلة أبدعوا في اختراع "روبوت الإنقاذ"، الذي يُمكن طواقم الدفاع المدني من الوصول للمصابين العالقين تحت الأنقاض في الحرب.
بأدوات الكترونية بسيطة نجح الأخوين التؤام راما وأحمد إبراهيم، وصديقهما يوسف عقل وهم في المرحلة الثانوية من صناعة أول روبوت ذكي في قطاع غزة، الذي يعتمد على البرمجة والذكاء الاصطناعي، وذلك للحد من وقوع الشهداء واسعاف الجرحى بأسرع وقت ممكن في الحرب. نبوع الفكرة بدأت حكاية الطلبة الثلاثة من دورة للذكاء الاصطناعي، عندما قرروا بمساعدة بعضهم البعض من خوض تجربة فريدة من نوعها وهي إنجاز مشروع "روبوت الإنقاذ الذكي"، للإسهام في رفع مستوى الوعي وإنقاذ المفقودين في الحرب. تقول الطالبة راما لمراسلة دار الحياة: "إن هذا الاختراع جاء من وحي معاناة الشعب الفلسطيني، وخاصةً خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حين اُستشهد الكثير من الناس بسبب تأخر وصول طواقم الدفاع المدني لهم، فقمنا باختراع آلة تساعد في تسهيل تحديد مواقع المصابين، وتقديم المساعدة العاجلة من خلال تصميم الروبوت الذي يتم التحكم فيه عن بُعد." وأضافت: "تم البدء بتنفيذ تصميم الروبوت في شهر يناير حتى إبريل عام 2022، ووضعنا خطة زمنية لصناعته، حيث استخدمنا خامات البيئة والتي غالبيتها من بقايا ألعاب الكترونية تالفة وأدوات كهربائية لا يتم استعمالها، إلى جانب أدوات إلكترونية متاحة."
وحمل اختراع الطلبة الثلاثة شكل "عربة" صندوق صغير يسير على عجلات، وبداخله لوحة يتم التحكم بها عن بُعد عن طريق "البلوتوث" من خلال تطبيق Robot-BT المُثبت عبر الهاتف المحمول. كيفية استخدامه يتم التحكم في "روبوت الإنقاذ" من خلال تحريكه عن بُعد للإمام أو اليمين أو اليسار لتحديد موقع الأماكن التي لا يمكن للإنسان الوصول إليها، كالأماكن الخطرة والضيقة والبنايات المهدمة. تُكمل حديثها: "إن وجود الكاميرا في الروبوت يساعد على تحديد موقع الأماكن، وما أن يصل الروبوت المزود بصافرة إنذار إلى المصاب العالق تحت الأنقاض، حتى يُصدر أصوات صافرات متواصلة، فيما يصل إشعار على الهاتف الذي يستخدمه رجال الإنقاذ أثناء المهمة." الدافع الكبير يتعرض قطاع غزة لعدوان مستمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي دفع الطلبة الثلاثة لابتكار الروبوت، خاصةً بعد شن إسرائيل حربها الأخيرة في مايو2021، ولم يستطع طواقم الدفاع المدني من إنقاذ المدنيين تحت الأنقاض،
يقول أحمد: "أصبح لدينا رغبة كبيرة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي واختراع الروبوت، كي يتمكن فرق الإنقاذ من الوصول للمصابين والتقليل من وقوع الشهداء." عوائق اختراعهم إن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة يقف عائقاً كبيراً أمام مشاريع الشبان الصغيرة، إذ يعانون منذ سنوات طويلة من إغلاق المعابر وعدم السماح لهم بإدخال مواد خام خاصة لمشاريعهم.
يقول يوسف: "أثناء صناعتنا الروبوت واجهنا مشكلة في توفير الكاميرا المطلوبة، وذلك بسبب منع الاحتلال من دخولها لقطاع غزة، ناهيك عن ارتفاع سعر القطع الإلكترونية المستخدمة، حيث قمنا باستبدال الأدوات الغير متوفرة بأشياء أخرى تُلبي الغرض." سر نجاحهم بالعمل يداً بيد نجح الطلبة الثلاثة في اختراع الروبوت الذكي، إذ لاقوا تشجيعاً ودعماً من ذويهم لإنجاز هذا العمل على أتم وجه، خاصةً بعد فوزهم بالمركز الثالث بعد مشاركتهم في معرض فلسطين للتكنولوجيا والعلوم والذي أُقيم في شهر أيار بصالة الشاليهات ولمدة ثلاثة أيام، إلى جانب مشاركتهم في شهر رمضان بمعرض "محراب المبدعين" والذي أُقيم في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.