فتح موظفو قطاع غزة النار تجاه وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني، بعد التصريحات التي أطلقها مؤخراً ضدهم، والتي تتعلق بمصدر رزقهم ورواتبهم، وتُقَلَل من حقوقهم المالية.
ولقيت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة سواء من المسؤولين أو المثقفين أو موظفي السلطة ذاتهم، ووصفها بـ "المجحفة"، والتي تضع البنزين على النار، وتثير أزمة في هذه الأوقات التي تشهد تقارباً بين كافة الأطراف، خاصةً حركتي "حماس" و "فتح".
وكان مجدلاني قال، في تصريح إذاعي، إن "موظفي غزة" – الذين يتلقون رواتبهم من رام الله - يتقاضون رواتب منذ 13 عاماً وهم لا يعملون، ولا يمكن مقارنتهم بالموظفين العاملين على رأس عملهم في الضفة الغربية، مضيفاً أنه لا يجوز إعطاء موظف غزة بدل مواصلات، وعلاوة إشرافية، وهو لا يعمل.
وبشأن ملف تفريغات 2005، قال مجدلاني في تصريحات لإذاعة "زمن" المحلية: "لم يعدهم أحد بشيء، وكل ما يُثار حول ملفهم غير صحيح". أما المقطوعة رواتبهم، فأوضح مجدلاني، أن سبب القطع يعود إلى عدة أسباب، فإما يكون غير موجود داخل الوطن ومسافرا منذ سنوات دون سبب، أو لطلب لجوء في دولة أوروبية، أو لازدواجية الراتب أو لعدم التزامه بالشرعية الفلسطينية.
ولم تكن الاحتجاجات على تلك التصريحات، على مستوى الموظفين فقط، لكنها لاقت رفضاً من عدد من المسؤولين كان أبرزهم الوزير إبراهيم أبو النجا مُحافظ غزة، الذي وجه رسالة لحكومة اشتية بعنوان: "ما هكذا تورد الإبل".
وقال أبو النجا في رسالته، التي نشرها على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي،:"الموظفون أُجبروا على ترك العمل .. ومن بقي على رأس عمله لإيمانه أنه يخدم أبناء شعبه، فصل وقطع راتبه".
وطالب أبو النجا توضيحاً لتصريح مجدلاني، معتبراً أن فيه إهانة كبيرة جداً.
كما رُفضت التصريحات من حركة "فتح" في الضفة المحتلة، فقد أكد اللواء توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ضرورة الحفاظ على رواتب ومستحقات موظفي غزة، في إطار الحفاظ على الكرامة الاجتماعية والعيش الكريم لأهلنا في القطاع، والذين يعانون الأمرّين، وذلك لتمكينهم من الحياة الكريمة بأدنى مقوماتها في ظرف ملتبس وغير طبيعي على الإطلاق.
وأوضح الطيراوي معلقاً على تصريحات المجدلاني بأنه لا يجوز أن تطلب الحكومة من الموظفين عدم الدوام بعد وقوع الانقلاب في العام 2007، ثم تقوم بمحاسبتهم على التزامهم بقرار حكومتهم وطلبها منهم عدم الدوام.
وقال الطيراوي إنه لا يمكن تطبيق النظام بحذافيره على الظرف الاستثنائي، كما حصل في قطاع غزة، حيث إن الموظفين حرموا طوال هذه الفترة أيضاً من الحصول على ترقياتهم الطبيعية، وتطبيق التقاعد المبكر بحق العديد منهم، وغيرها من الاستحقاقات في هذا الظرف المشتبك والملتبس وغير الطبيعي.
وشدد الطيراوي على أن المسؤولية الوطنية تجاه موظفي غزة تقتضي وقوف الحكومة إلى جانبهم ودعم صمودهم، لأن ذلك يعد دعما لآلاف العائلات وعشرات آلاف من أبنائنا الواقعين بين المطرقة والسندان دون ذنب اقترفوه، وهو ما يتطلب الالتفات إلى وضعهم بشكل استثنائي يناسب استثنائية الظرف الذي وقعوا تحت سياطه، وهم في ضائقة حقيقية، أسرى حصار مزدوج لا حول لهم فيه ولا قوة.
واستهجن الطيراوي قيام المجدلاني بالتحديد، وهو وزير التنمية الاجتماعية، بالتصريح حول هذه القضية التي لا تعد من اختصاصه أصلاً، وطالبه بالتوقف عن هكذا تصريحات خلافية ليست من مسؤوليته أصلاً، ولا ضمن صلاحياته واختصاصه.
وطالب الطيراوي رئيس الوزراء بوضع حد لهكذا تصريحات من وزراء ليسوا مدركين لما تترتب عليه تصريحاتهم من أزمات للحكومة التي تعمل في ظروف دقيقة جداً غير مسبوقة على الإطلاق.
ووجه الطيراوي تحياته لأهل قطاع غزة، وأوضح أنه سيظل مدافعاً على الدوام من أجل حقوقهم، وتحقيق عيش كريم لهم ما استطاع ، وأثنى على صبرهم وصمودهم وثباتهم، حتى الوصول إلى حل كل إشكاليات المرحلة وعودة الوطن وحدة واحدة.
كما ردَت حماس على تصريحات مجدلاني بالمطالبة بالتراجع عن كل إجراء، وإلغاء كل خطوة من شأنها التمييز بين أبناء الشعب الفلسطيني.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حركة حماس:"يجب أن تتوقف التصريحات التي تحاول تعزيز التفرقة بين المواطنين، والتمييز بينهم على أساس جغرافي.. نحن في خضم مسار وحدوي ويجب تعزيز كل العوامل المشتركة وليس إثارة عوامل التفرقة بين أبناء الوطن الواحد".
أما الدكتور حيدر القدرة، مفوض المكاتب الحركية في الهيئة القيادية، فشجب تصريحات الوزير أحمد مجدلاني، بحق موظفي السلطة بقطاع غزة.
وقال القدرة، في تصريح،: إن مجدلاني دائما ما يظهر عدائية مقيتة تجاه أبناء غزة، فهو المبادر دائما بالخروج للإعلام، ليسيء لأبناء غزة سواءً كانوا موظفين أو غيره، وهو يتنطع بـ "القول التافه ويستسهل استفزاز أهل غزة ولا نعلم من أين جاءت هذه الجرأة"، وفق رأيه.
وأضاف القدرة: "نقول لمجدلاني إذا كان قد اختير لك دور تبث من خلاله سمومك بين الحين والآخر فعليك أن تعلم هذه الأدوار لا تكون إلا للصغار لأنك أقل بكثير ممن تستهدفهم بالقول السفيه"، وفق تعبيره.
وأكد القدرة بأن حركة فتح بالأقاليم الجنوبية ماضية بالدفاع عن حقوق أبناء شعبنا بوجه عام وعن حقوق الموظفين بغزة بشكل خاص، في ظل المحاولات المستمرة للسطو على حقوقهم في تجاوز مخزٍ من قبل حكومة اشتية والحكومات التي سبقتها.
من جهته، وصف أسامة الحاج أحمد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، تصريحات مجدلاني بـ "المدانة والمرفوضة"، معتبرا أنها تأتي في إطار تمييز بين موظف الضفة وموظف غزة.
وقال :"على السلطة أن تتحمل كافة تبعات قرارها بجلوس موظفين السلطة وعدم ذهابهم لأعمالهم".