تواصل مجموعة الإغاثة المسيحية الإنجيلية الأمريكية "فريندشيبس" أعمال البناء في المشروع الصحي الخيري، على الحدود الشمالية بين قطاع غزة وإسرائيل، نائية بنفسها عن كل محاولات التجريم والرفض والترحيب أيضاً من كافة الجهات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكانت "فريندشيبس" وهي مؤسسة غير حكومية مقرها ولاية لويزيانا، قد أعلنت في وقت سابق عن نقلها للمستشفى الميداني الذي أقامته في مرتفعات الجولان قبل عامين، بعد توقف العمل فيه، لتكون وجهته الجديدة قطاع غزة، من أجل التخفيف من المعاناة التي يتعرض لها المواطنون فيه بحسب الموقع الرسمي للجمعية.
اقرأ ايضا: صحفيات من غزة واجهن الرعب.. روايات لا تُصدق من قلب الحرب
ويُعرف عن المجموعة الإنجيلية التي أسسها "دون وسندرا تيبتون "بدعمها اللامحدود لإسرائيل، ولإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (..) وكذلك كان لهما دورا فاعلاً في الدعوة الكبيرة لنقل السفارة الامريكية الى القدس مؤخراً إلى جانب تشجيع الهجرة الى إسرائيل ودعم مختلف النشاطات فيها، من بوابة التقرب الى الله بحسب الكتاب المقدس، وذلك خلال منشورات المجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب تصريحات سابقة نشرتها وسائل إعلام أمريكية في 2017، فقد كان أحد مؤسسي المجموعة يستهزئ بالدين الإسلامي والأطباء المسلمين، خلال تواجده في المستشفى الميداني في مرتفعات الجولان التي عالجوا فيها قرابة 7000 مُصاب جراء الحرب في الأراضي السورية.
وقالت المجموعة على حسابها الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي، إن المستشفى الميداني على حدود قطاع غزة، سيتضمن 16 جناحاً وأكثر من 50 سرير، سيُعالج فيه المرضى في مختلف الامراض كالسرطان والعلاج الطبيعي والإضطرابات وغيرها إلى جانب العلاج عن بُعد من خلال التواصل مع أطباء مختصين حول العالم.
واعتبرت المجموعة أن المستشفى سيكون فرصة مناسبة لمعرفة إسرائيل عن قرب، وتشجيع السياحة من وإلى إسرائيل الى جانب معرفة ما يفعله الله في إسرائيل، والقراءة أكثر عن الأرض المقدسة، بحسب ما أوردته صحيفة المونيتور الأمريكية في وقت سابق.
وستفتح المجموعة باب التطوع والعمل للأطباء والممرضين من كافة انجاء العالم، من خلال رابط الكتروني، مشيرة الى أنها ستوفر إقامة مميزة لهم داخل إسرائيل الى جانب كافة الامتيازات المتعلقة بعملهم.
ورفض القائمون على المشروع في تصريحات لـ "دار الحياة"، التعليق على موجة الرفض والسخط من قبل الرئاسة والحكومة الفلسطينية، قائلين أنهم في الوقت الحالي يتطلعون إلى إنهاء أعمال الإنشاء على الأرض، من ثم سيكون هناك بيان تفصيلي من المجموعة حول سير العمل.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد أعلن خلال إجتماع اللجنة التنفيذية الأخير الذي أقيم في رام الله، عن رفض القيادة الفلسطينية لذلك المشروع، معتبراً إياه بأنه أحد افرازات ورشة البحرين الاقتصادية، وأحد مشاريع صفقة القرن الهادفة لإنهاء القضية الفلسطينية.
وكان رفض الرئيس عباس، قد سبقه هجمة شرسة من الحكومة الفلسطينية وحركة فتح، على المشروع، معتبرة أن حركة حماس شريكة أساسية في إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية على أرض قطاع غزة، الأمر الذي رفضته الأخيرة واعتبرته مشروع انساني بحت سيخفف من معاناة المواطنين التي تتسبب بها إسرائيل والسلطة الفلسطينية بحسب تصريحات لوزير الصحة الأسبق في القطاع والقيادي في حركة حماس باسم نعيم .
ويأتي بناء المستشفى الميداني، بجهود كبيرة من دولة قطر التي أعلن مبعوثها الى القطاع، محمد العمادي، أن المشروع سيقام على أراضي تعادل 40 دونماً، مشيرا الى دعم قطر بنسبة معينة للنشاطات فيه، إلى جانب الأمم المتحدة ومصر عدة دول في المنطقة.
واعتبر محللون أن إقامة المستشفى يأتي ضمن التفاهمات التي تجري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، ودور محدود لقطر وتركيا، الرامية الى الوصول لهدنة طويلة الأمد وتبادل للأسرى بين حماس وإسرائيل.
وقال المحلل السياسي المقيم في واشنطن، د. أسامة أبو ارشيد، في تصريحات لدار الحياة، إن أية مشروع من شأنه التخفيف من معاناة المواطنين في قطاع غزة فهو مُرحب به، مُستخفاً بمن يعتبر ذلك المشروع بأنه قاعدة عسكرية للمخابرات الامريكية في غزة.
وتابع أبو ارشيد: " في ظل ما يتعرض له القطاع من حصار إسرائيلي عنصري وإجراءات ظالمة من قبل السلطة الفلسطينية، فإن ذلك المشروع سيخفف بلا شك تلك المعاناة على أهالي القطاع المحاصرين"
الجدير بالذكر أن السفارة الأمريكية في القدس أعلنت أن الإدارة الامريكية لا علاقة لها بالمشروع ايضاً، بحسب تصريحات لوسائل اعلام فلسطينية.
وعلمت دار الحياة من مصدر مقرب من حركة حماس، أن الحركة فوضت شخصيات لها خبرة في المجال الصحي للتواصل مع مسؤولي المجموعة حول آليات العمل وطبيعة الخدمات التي ستُقدم خلال المرحلة المقبلة.
وبدأت صفحة "فريندشيبس "على الفيسبوك بنشر صور للشاحنات المحملة بمواد البناء والأدوات الطبية، التي دخلت القطاع، إلى جانب البدء بنشر تعليقات باللغتين العربية والانجليزية حول كافة المستجدات في المشروع.
وانقسم الشارع الفلسطيني بين مؤيد ومعارض لذلك المشروع، حيث شكك مغردون بالنوايا من إقامته في التوقيت الذي تمر به الساحة الفلسطينية بمرحلة تجهيز لانتخابات رئاسية وبرلمانية، بينما اعتبر آخرون أن المشروع انساني ولا يجب أن يقابل بموجة الرفض تلك.
الجدير ذكره أن محللين إسرائيليون قد أشاروا خلال ظهورهم اليومي في النشرات والبرامج السياسية في إسرائيل، الى أن الحكومة الإسرائيلية هي صاحبة فكرة نقل المستشفى من الجولان وإعادة تشغيله في غزة، حيث تم طرح الفكرة على المبعوث القطري الى القطاع ليقنع بها الأخير حركة حماس، وذلك بمباركة أمريكية و مصرية واممية بحسب أولئك المحللين.
ورأى المحللون أن الجولة الخارجية الحالية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والتي تستغرق ما يقارب 6 شهور، تأتي في اطار تشجيع الحركة وتوفير المحفزات لها للانخراط في العملية السياسية، والوصول الى إتفاق هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل مقابل مشاريع تنموية وتعزيز سيادة الحركة في القطاع من خلال ميناء بحري وجوي خلال المرحلة المقبلة.
اقرأ ايضا: "أفخاخ الموت في غزة".. رصاص إسرائيل يشق طوابير الجوعى