مع تزايد أحكام الإعدام التي تم تنفيذها في السعودية منذ بداية العام 2025 الجاري، إذ وصلت إلى 64 وفق منظمة حقوقية، تتزايد في المقابل مخاوف من تنفيذ أحكام أخرى بحق مصريين في قضايا تتعلق بالمخدرات.
المنظمة الأوربية السعودية لحقوق الإنسان، ومقرها برلين، نشرت، اليوم الأربعاء، بيانات جديدة في حسابها على منصة إكس، تقول إنه في الخمسين يومًا الأولى من 2025 تم تنفيذ أحكام بالإعدام بحق 64 شخصًا، من بينهم 7 في قضايا سياسية، 4 منهم وجهت لهم تهمة "الخيانة".
المنظمة لم تذكر في بياناتها نوع القرار في القضايا السياسية مع ترجيح أنه حكم "تعزيزي" بالقتل، كما لم تذكر المحاكم التي أصدرتها، والسبعة جميعًا سعوديون، وقد تم إعدام أربعة بتهم "الخيانة" في الرياض، والباقين الثلاثة في المنطقة الشرقية وهم جميعاً من محافظة القطيف.
في المقابل، لم ترد أي بيانات أخرى رسمية أو صحفية سعودية عن هذه المعلومات.
وفي السياق، أفادت وكالة فرانس برس، الأسبوع الماضي، بأن السعودية أعدمت 56 شخصًا في 2025 من بينهم 22 أجنبيًا.
والرقم القياسي المسجل لأحكام الإعدام في المملكة كان في 2024 وهو 338 شخصًا وفق تقارير لمنظمات دولية مثل العفو الدولية وتعداد لفرانس برس
وأصدرت وزارة الداخلية السعودية بيانا، الأسبوع الماضي، بشأن تنفيذ "حُكم القتل تعزيرًا" في مواطن أقدم على ارتكاب عدد من "الجرائم الإرهابية" في المنطقة الشرقية.
وفي الخامس من فبراير، نفذت السلطات السعودية حكم الإعدام بحق مواطنين اثنين، قالت إنهما أقدما على "ارتكاب أفعال مجرمة" تنطوي على "خيانة الوطن" ودعم "الإرهاب".
في غضون ذلك، قالت الناشطة دعاء دهيني، من المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، لموقع "الحرة" إن السعودية أعدمت 345 في 2024 ووصفته بعام "الأرقام القياسية".
وأضافت دهيني : "لأول مرة يتم تنفيذ هذا العدد من الأحكام، وهناك عودة مفاجئة وتصاعدية لقضايا المخدرات بتهم واسعة النطاق وهناك أيضا القضايا السياسية".
واعتبرت أنه كان "عامًا دمويًا ويبدو أنه كان مقدمة لتصاعد الحملة الدموية في 2025 مع تنفيذ 64 حكم إعدام".
وتتعرض السعودية لانتقادات متكررة للجوئها إلى عقوبة الإعدام، إذ استأنفت السعودية، في نهاية عام 2022، تطبيق أحكام الإعدام بحق مدانين بجرائم مخدرات، مع إعدام 19 شخصًا في شهر واحد، بعدما توقّف تنفيذ العقوبة حوالي 3 سنوات.
واحتلّت السعودية الرتبة الثالثة على قائمة الدول الأكثر تنفيذا لأحكام الإعدام في العالم، عامي 2022 و2023 بعد الصين وإيران، حسب منظمة العفو الدولية.
وفي عام 2023، كما في 2022، بلغ عدد عمليات إعدام الأجانب 34 فقط، ما دفع خبيرين في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في كانون ديسمبر الماضي للتنديد بتزايد إعدام الأجانب في السعودية.
ونفذت السعودية 338 حكمًا بالإعدام في 2024، من بينهم 117 حكمًا في قضايا المخدرات، وفق حصيلة قياسية أعدتها فرانس برس استنادا إلى بيانات رسمية.
وفي أبريل 2023، أطلقت المملكة أكبر حملة ضد المخدرات، شهدت توقيف مروجين ومتعاطين على الطرق العامة عبر البلاد.
واعتبرت الأمم المتحدة في 2022، أنّ فرض عقوبة الإعدام على جرائم المخدرات "يتعارض مع القواعد والمعايير الدولية"، داعية السلطات السعودية إلى "اعتماد قرار رسمي بوقف تنفيذ أحكام الإعدام في جرائم المخدرات أو تخفيفها".
في اليوم الأول من العام الجديد، أعدمت السعودية 6 إيرانيين دينوا بتهريب المخدرات في إجراء استدعى "احتجاجا شديدا" من طهران.
وتقول منظمات تدافع عن حقوق الإنسان، إنّ هذه الإعدامات "تقوّض المساعي التي تبذلها المملكة لتلميع صورتها" عبر إقرارها تعديلات اجتماعية واقتصادية ضمن "رؤية 2030" الإصلاحية، التي يقودها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، لكن السلطات السعودية تؤكد دومًا أن ذلك يأتي "حرصًا على استتباب الأمن وتحقيق العدل".
ووردت معلومات للمنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان عن إضراب مصريين محكومين بالإعدام في سجن تبوك، "احتجاجًا على حرمانهم من حقوقهم مثل التواصل الخارجي والأوضاع السيئة".
وتتصاعد المخاوف على حياتهم، وفق المنظمة، بعد إعدام ٦ من أصل 33 وثقت قضاياهم، إذ تقول دهيني إن المنظمة تلقت معلومات عن إضراب المحكومين المصريين في سجن تبوك "بسبب حرمانهم التواصل الكافي مع عائاتهم بعدما صدرت بحقهم أحكاما نهائية بالإعدام ويواجهون القتل الوشيك".
وأضافت الناشطة أن المنظمة علمت بحدوث "انتهاكات شنيعة بحق هؤلاء وتعذيب، وتلفيق تهم.. ويتم حجزهم بغرفة واحدة ويأخدونهم واحدا تلو الآخر بطريقة مهينة"، موضحة أن المنظمة تواصلت مع فريق لأمم المتحدة المعني بقضايا حقوق الإنسان.
وأصدر المقرران الخاصان بالأمم المتحدة بيانا، ورفعت المنظمة شكوى للحكومة السعودية، بينما تتحرك العائلات في مصر والسعودية للمساعدة، وهوما أحدث "ضغطا إعلاميا بملفهم وربما دفع إلى التضييق عليهم ومنعهم من التواصل ما كان وراء إضرابهم عن الطعام".
وفي ديسمبر الماضي، نشر موقع الأمم المتحدة تقريرا أشار إلى أن خبيرين أممين مستقلين في مجال حقوق الإنسان عبرا عن القلق بعد إعدام ثلاثة مواطنين مصريين في السعودية ودعيا الحكومة إلى الوقف الفوري للإعدام الوشيك لثلاثة أشخاص آخرين من مصر والأردن.
وصدر بيان صحفي عن موريس تيدبول بينز، مقرر الأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، وأليس جيل إدواردز، المقررة الخاصة المعنية بالتعذيب، قال إن المواطنين الأجانب "غالبا ما يكونون في وضع ضعيف ويحتاجون اتخاذ تدابير محددة لضمان وصولهم إلى الضمانات القانونية منذ لحظة إلقاء القبض عليهم وأثناء التحقيقات وطوال الإجراءات القضائية".
وأعرب الخبيران عن القلق بشأن ما يريان أنه "تطبيق يتسم بالتمييز لعقوبة الإعدام ضد المواطنين الأجانب"، الذين يمثلون حتى الآن 75 في المئة من جميع الإعدامات المرتبطة بجرائم المخدرات في السعودية خلال عام 2024.
وقالا في رسالة وصلت إلى الحكومة السعودية في 3 ديسمبر 2024، أن المصرين الثلاثة الذين أعدموا هم من بين 33 مواطنا مصريا صدرت بحقهم أحكام بالإعدام في محاكمات "يبدو أنها لا تفي بالمعايير الدولية للنزاهة والإجراءات القانونية الواجبة".
واعتبرا أن الأحكام بجرائم متعلقة بالمخدرات، تؤثر غالبًا على الأفراد الضعفاء من خلفيات فقيرة، الذين يتم تهريبهم أو إجبارهم أو تهديدهم أو خداعهم من قبل المنظمات الإجرامية للقيام بتهريب المخدرات.