"يجب ألا يخرج حياً".. إسرائيل تكشف تفاصيل جديدة عن اغتيال نصر الله

مشاركة
حسن نصرالله حسن نصرالله
رام الله-حياة واشنطن 12:42 م، 05 يناير 2025

نشرت الرقابة العسكرية الإسرائيلية، اليوم الأحد، معلومات جديدة عن عملية اغتيال أمين عام "حزب الله" السابق، حسن نصر الله، وأوضحت أن البلاغات عن مكان وجوده ومسارات تحركه وصلت إلى تل أبيب قبل بضعة أيام من اغتياله.

وبحسب الرقابة العسكرية الإسرائيلية، تم اتخاذ القرار على أعلى المستويات، وتم تنفيذه بـ14 غارة على العمارات التي دخل أنفاقها، واستهدفت حتى مخارج النجاة الممكنة، واستمرت أياماً عدة حتى تمنع أي عملية إنقاذ له أو لمرافقيه.

اقرأ ايضا: صحيفة: بشار الأسد تعرض لمحاولة اغتيال في موسكو

وأشارت مصادر أمنية إسرائيلية إلى أن ملاحقة نصر الله لاغتياله بدأت في "أمان" - شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي - و"الموساد" بعد حرب 2006، لكن القرار السياسي لم يُتخذ بهذا الشأن في حينه، وتقرر فقط تتبع آثاره، حتى يتم العثور على الفرصة، وعندما تحينت، جرى التداول في الأمر.

وأوضحت أنه عندما قرر نصر الله الانضمام إلى حركة "حماس" فيما سماه "حرب مساندة غزة"، بدأت تتقدم خطة الاغتيال، ولكن تقرر أن يتم تضليله، وغرس الفكرة لديه بأن إسرائيل لا تنوي توسيع الحرب معه. 

وتابعت: "في حينه، حرص (حزب الله) من جهة وإسرائيل من الجهة الأخرى على إبقاء الحرب محدودة.. كل منهما يظهر أنه لا ينوي استخدام كل أسلحته ضد الآخر.. وهكذا بدأت عملية التضليل تفعل فعلها، إلى أن قامت بتوسيع الحرب والهجوم البري على لبنان".

ويتضح أن التصعيد الإسرائيلي تقرر في 16 سبتمبر (أيلول) 2024، عندما أعلن عن فشل جهود المبعوث الأميركي آموس هوكستين لثني "حزب الله" عن مساندة غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف النار، وذلك لأن "حزب الله" رفض المطلب الإسرائيلي بفك الارتباط مع القتال في غزة.

وأعلن رئيس الوزراء، بنيامين بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، في حينه، يوآف غالانت، أن إعادة سكان الشمال الإسرائيلي غير ممكنة إلا إذا تمت عملية اجتياح بري للبنان. 

وفي 17 سبتمبر، قرر المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة (الكابنيت) إطلاق خطة الاجتياح، كما قرر نتنياهو، بعكس رغبة الجيش، تفعيل خطة تفجير أجهزة الاتصال (البيجر)، وفي اليوم التالي تفجير أجهزة اللاسلكي. وأدى التفجيران إلى مقتل 59 شخصاً، بينهم 4 مدنيين و55 ناشطاً من "حزب الله"، وإصابة نحو 4500 شخص معظمهم من عناصر الحزب الفاعلين، ومن ضمنهم أطباء يعملون مع الحزب والسفير الإيراني في بيروت مجتبي أماني، و19 شخصاً من عناصر الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان، والعشرات فقدوا النظر أو أحد الأطراف.

أما في 19 سبتمبر، ألقى نصر الله خطاباً أعلن فيه أنه لن يوقف القتال إلا إذا أوقفت إسرائيل الحرب على غزة، فاستخدمتها إسرائيل ذريعة للتصعيد ضد لبنان، وأطلقت سلسلة عمليات تصعيد، بلغت أَوْجها في الاجتياح البري في مطلع أكتوبر (تشرين الأول).

وتم خلال هذا الاجتياح، الكشف عن "زبدة" عمل دام 18 عاماً، في المخابرات الإسرائيلية، لجمع المعلومات الاستخبارية بواسطة عملاء وبواسطة أجهزة إلكترونية، عن جميع كوادر "حزب الله" فرداً فرداً، من الأمين العام والقيادة العليا، وحتى أصغر قائد مجموعة. وتم تتبُّع أثرهم، خطوة خطوة، وفي مقدمتهم نصر الله.

وقبل أيام من الاغتيال، اهتدى ضابط الاستخبارات العسكرية إلى مكان وجود نصر الله، فقام رئيس "أمان"، شلومو بندر، بجمع رؤساء الدوائر، وطلب منهم إعطاء رأي في اغتياله، فوجد تأييداً بالإجماع. 

ووفقًا للمعلومات، طلب بندر أن يسمع رأياً آخر متحفظاً أو معارضاً فلم يجد، فتوجه إلى رئيس الأركان هيرتسي هليفي، فصادق على العملية. وتم رفعها إلى نتنياهو شخصياً، فوافق بحماس على الاغتيال، وراح يؤكد أن هذا الرجل هو ليس قائداً لـ"حزب الله" بل قائد تنظيم عسكري يعمل كما لو أنه جيش، وله وزن كبير بين الأذرع الإيرانية، لدرجة أن الإيرانيين يعتمدونه لتسوية خلافات بين الأقطاب.

ومن ثم تقرر أن تبدأ عملية قصقصة أجنحته أولاً، فتم اغتيال إبراهيم عقيل، في 20 سبتمبر، ومعه كوكبة من قادة الصفين الثالث والرابع. وعقيل كان ساعد نصر الله الأيمن. وفي 23 سبتمبر، أطلق رئيس الأركان هجوماً بالغارات الشرسة على مجموعة كبيرة من القواعد والمقرات التابعة لـ«حزب الله»، وبينها مواقع سرية لا يعرف بها سوى نفر قليل.

وبحسب الجيش، فإنه تمكن من تدمير 80 في المائة من القدرات العسكرية الهجومية للحزب، وتصفية عدد كبير من قادة المناطق في "حزب الله".

وقبل أيام قليلة من الاغتيال، توصلوا إلى مكان وجوده الدقيق، ولم يكن ذلك عبر الأنفاق فحسب، بل أيضاً بالتحرك فوق الأرض. 

وتوقَّعوا وصوله إلى المقر القائم في عمق الأرض تحت مجمع سكني يضم 20 عمارة ضخمة مرتبطة ببعضها، في حي راقٍ في الضاحية الجنوبية، يوجد في الغرب منه حرج من الأشجار، وقرروا أن هذه هي فرصة العمر التي من النادر أن تتكرر.

وخلال 4 أيام، جرت متابعة تحركات نصر الله، على أعلى المستويات، وذالك بمشاركة القادة الإسرائيليين من هيرتسي هليفي إلى قادة سلاح الجو، الذي تولى مهمة التنفيذ. 

وكانت الجلسة الأخيرة للأبحاث بحضور نتنياهو شخصياً، وتم إعداد سرب طائرات، وتزويد 14 طائرة مقاتلة بالأسلحة والذخيرة، حيث تحمل 83 عبوة بزنة 80 طناً، وتحدد موعد التنفيذ في الساعة 18:21 عند صلاة المغرب.

اقرأ ايضا: "جريمة حرب مروعة".. "حماس" تدين اغتيال 5 صحفيين في غزة

وخلال 10 ثوانٍ، كانت العملية منتهية، وقد انهارت العمارات، وحفرت في المكان حفرة عميقة ضخمة، وتم قصف المخارج الممكنة لمنع أي شخص من الهرب، ولم يتوقف القصف أياماً عدة، حتى يمنع نشاط قوات الإنقاذ والطوارئ اللبنانية، وكان القرار: "يجب ألا يخرج أحد منهم حياً".