زعيم حركة "حماس"، يحيى السنوار، الذي استشهد أواخر شهر أكتوبر الماضي، مازال يثير الجدل في إسرائيل حيًا وميتًا، إذ أن تشريح جثمانه كشف العديد من الأكاذيب في الرواية الإسرائيلية، خصوصًا فيما يتعلق بسرقة مقاتلي الحركة المساعدات الإنسانية، وتحوطه بالمحتجزين، واتخاذهم كدرع بشرية.
صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، نقلت عن مصادر في حركة "حماس" قولها إن قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت قاب قوسين أو أدنى من "السنوار" 5 مرات قبل اغتياله في أكتوبر الماضي.
اقرأ ايضا: قرار الجنائية الدولية.. "هستريا" في إسرائيل و"ضغوط" أمريكية تلوح في الأفق
وحسب المصادر، حافظ "السنوار" على شبكة اتصالاته التي ابتكرها بنفسه، وانتقل في نطاق محدود للغاية في جنوب غزة، ونجح في التواصل مع قادة الحركة والوسطاء في الخارج، وأبلغ عائلته عندما توفي ابن أخيه الذي رافقه، لكن هذه الرسالة وصلت إليهم بعد يومين فقط من اغتياله.
المصادر قالت أيضًا إنه في يناير الماضي خلال هجوم جيش الاحتلال على خانيونس في رفح، كان "السنوار" مختبئًا في أحد أنفاق المدينة الحدودية، وتم نشر فيديو له ولعائلته وهو يسير عبر الأنفاق.
وأضافت المصادر أن إسرائيل لم تتمكن من الأنفاق التي كان يختبئ بها "السنوار" في خانيونس، ولا حتى مكان إقامته فوق الأرض، وحتى مع توسع العملية العسكرية، بحث "السنوار" عن مكان آمن لزوجته وأبنائه بعيدًا عنه بسبب ملاحقة إسرائيل المتواصلة.
وقالوا إن الزوجة والأطفال لم يصابوا بأذى، وكانوا يتلقون رسائل منه كل ستة أسابيع على الأقل.
وأردفت المصادر: "مع تكثيف العملية العسكرية في خان يونس، أصر السنوار على البقاء هناك، وانفصل عدة مرات عن شقيقه محمد ورافع سلامة، قائد لواء خان يونس التابع لحماس، الذي تم اغتياله في يوليو الماضي إلى جانب محمد ضيف، الذي التقى به من حين لآخر منذ بداية الحرب في بيوت آمنة أو أنفاق".
ولفتت إلى أن رباعي حماس لم يكونوا دائمًا معًا، حيث كانوا يجتمعون أحيانًا ويقضون ساعات أو حتى أيامًا قبل أن يفترقوا بناءً على الوضع على الأرض.
المصادر كشفت كذلك عن وجود حالات كانت فيها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي على بعد عشرات الأمتار فقط من منزل في حي خانيونس حيث كان "السنوار" يختبئ بمفرده، رفقة حارس شخصي فقط الذي ساعده على البقاء مختبئًا.
وأضافت أن السنوار "كان مسلحًا ومستعدًا لمداهمة محتملة للجيش الإسرائيلي للمنزل الذي كان موجودًا فيه ومواجهتهم إذا اقتربوا".
وأكدت أن "السنوار" اضطر إلى مغادرة خانيونس إلى رفح في فبراير الماضي تحت ضغط شقيقه وعناصر من حماس.
ووفقًا للمصادر، فإن قوات الاحتلال كانت تسيطر بشكل شبه كامل على خانيونس في ذلك الوقت، وفرضت عليها حصارًا، لكن تم نقله بأمان إلى رفح من خلال عمليات فوق وتحت الأرض.
وقالت إن ابن شقيق السنوار، إبراهيم محمد السنوار، لم يترك عمه طيلة الحرب، مضيفة أن إبراهيم قُتل في أغسطس الماضي في غارة إسرائيلية عندما خرج من فتحة نفق لمراقبة التحركات العسكرية أثناء تواجده مع عمه في رفح.
وأوضحت أن "السنوار" أرسل رسالة إلى عائلة شقيقه يشرح فيها ظروف وفاة إبراهيم ومكان دفنه في نفق تحت الأرض.
وأشارت مصادر حركة "حماس" إلى أن تأخر وصول الرسالة إلى عائلة محمد السنوار يدل على الظروف الصعبة والمعقدة التي يعيش فيها زعيم الحركة، فضلًا عن الإجراءات الصارمة التي اتخذها لتجنب أي ثغرات أمنية يمكن لإسرائيل من خلالها تحديد مكانه بسهولة.
وأفادت المصادر بأن "السنوار" كان في رفح لعدة أشهر، متنقلًا بين أجزاء مختلفة من المدينة، ومنذ نهاية مايو الماضي بقي في مناطقها الغربية، متنقلًا فوق الأرض وتحتها، وكان في نفق متعدد في رفح.
(تدليس في الرواية الإسرائيلية بشأن السنوار)
وأشارت الصحيفة إلى أن "السنوار" كان بمفرده في كافة تحركاته، ما ينفي الرواية الإسرائيلية بأنه كان يتخذ من المحتجزين دروعًا بشرية.
وقالت إن "السنوار" كان يعاني من نقص حاد في الغذاء، ما ينفي أيضًا رواية استيلاء قادة الحركة ومقاتليها على المساعدات الإنسانية التي كانت تدخل قطاع غزة.
وأوضحت أنه وفقًا لتشريح جثمان "السنوار"، فإنه لم يتناول أي طعام على الإطلاق لمدة 3 أيام قبل اغتياله، وكان يواجه هو ورفاقه قوات الاحتلال الإسرائيلية ببطون خاوية، وتنقلوا بين عدة بنايات متضررة.
اقرأ ايضا: "المستوطنون يختبئون في الملاجئ".. "حزب الله" ينفذ "أعنف قصف" على إسرائيل
وأكدت الصحيفة أن المحيطين بالسنوار نفوا أيضًا نيته الهرب من رفح، بسبب وجوده بجانب ممر فيلادلفيا، بينما كان وجوده لتقييم الوضع على الأرض.