نشرت وكالة "أسوشيتد برس"، اليوم الأربعاء، تقريرًا مفصلًا يدحض ادعاءات إسرائيلية بارتكاب عناصر من حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، "عنفًا جنسيًا" خلال هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي على مستوطنات غلاف غزة.
تقرير الوكالة جاء غداة مصادرة وزارة الاتصالات الإسرائيلية معدات خاصة بها وقطع بثها المباشر من غزة بذريعة تقديم خدماتها الإعلامية لقناة "الجزيرة" التي سبق وصدر قرار بحظرها بتهمة "الضرر" بأمن "إسرائيل".
وقالت الوكالة - في تقريرها بعنوان بـ "كيف أدت روايتان مفضوحتان عن عنف جنسي مزعوم في 7 أكتوبر إلى تأجيج نزاع عالمي بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس" - "اتضح أن رواية المستوطن حاييم أوتمازجين عن عنف جنسي في 7 أكتوبر ملفقة عمدًا".
وتقرير الوكالة نقل عن أوتمازجين المتطوع في مؤسسة "زاكا" الإسرائيلية للإنقاذ اعترافه بـ"فبركة" روايته حول عنف جنسي تخلل هجوم 7 أكتوبر.
وأوضحت "أسوشيتد برس" أن الأمم المتحدة ومنظمات أخرى قدمت أدلة "موثوقة" على أن مقاتلي "حماس" ارتكبوا اعتداءات جنسية في 7 أكتوبر على الرغم من أن عدد الاعتداءات غير واضح.
لكن روايات أخرى في ذلك اليوم ثبت أنها غير صحيحة وهي تشمل شهادتين مفضوحتين من متطوعين في منظمة البحث والإنقاذ الإسرائيلية "زاكا" الذين ساعدت قصصهما في تأجيج صراع عالمي حول ما إذا كان العنف الجنسي قد حدث أثناء الهجوم وعلى أي نطاق.
وأكدت الوكالة أن فحصًا لتعامل "زاكا" مع القصص التي تم فضحها الآن يظهر كيف يمكن أن تكون المعلومات غامضة ومشوهة في فوضى الصراع، لافتة إلى أن تلك الروايات شجعت الشكوك وأثارت جدلًا مشحونًا للغاية حول نطاق ما حدث في 7 أكتوبر.
وطرحت الوكالة الأمريكية النقاط الرئيسية حول كيفية نشوء هذه القصص، حيث قالت إن إحدى الروايات التي تبين أنه لا أساس لها من الصحة جاءت من حاييم أوتمازجين وهو متطوع في "زاكا" قام بجمع جثث القتلى بعد الهجوم.
وبين التقرير: "وصل أوتمازجين إلى كيبوتس بئيري إلى المنزل الذي من شأنه أن يضعه في قلب صراع عالمي وأثناء عمله في أحد الكيبوتسات التي دمرت في هجوم 7 أكتوبر، شاهد أوتمازجين جثة مراهقة مقتولة بالرصاص ومنفصلة عن عائلتها في غرفة مختلفة، وسروالها مسحوب أسفل خصرها".
وأضافت الوكالة أن المتطوع "اعتقد أن ذلك دليل على العنف الجنسي وأبلغ الصحفيين بما رآه، وروى في مشاهد متلفزة وهو يبكي تفاصيل ما اعتقد أنه حدث في المنزل، وما لبثت أن ترددت شهادته في أنحاء العالم".
ونقلت عن أوتمازجين اعترافه لها بعدم صحة روايته، حيث قال - في مقابلة مع الوكالة - : "الأمر ليس أنني اخترعت قصة.. لم أستطع التفكير في أي خيار آخر بخلاف تعرض المراهقة للاعتداء الجنسي، في النهاية تبين أن الأمر مختلف، لذا صححت شهادتي لكن بعد فوات الأوان".
وأكدت الوكالة أنه "ثبت أن بعض الروايات من ذلك اليوم مثل رواية أوتمازجين، غير صحيحة"، وبعد ما يقرب من ثلاثة أشهر، اكتشفت مؤسسة "زاكا" أن تفسير أوتمازجين كان خاطئًا، وبعد التحقق من الاتصالات العسكرية علمت "زاكا" أن مجموعة من الجنود قاموا بسحب جثة الفتاة عبر الغرفة للتأكد من أنها ليست مفخخة وبينما فعلوا ذلك، نزل سروالها.
وفضحت الوكالة الأمريكية، الرواية الأخرى التي صدرت من زميل أوتمازجين، يوسي لانداو، وهو أيضًا متطوع منذ فترة طويلة يعمل في بئيري.
لانداو روى - في الأيام والأسابيع التي تلت الهجوم - لوسائل الإعلام العالمية ما اعتقد أنه رآه امرأة حامل مستلقية على الأرض وجنينها لا يزال متعلقًا بالحبل السري المنفصل عن جسدها، لكن أوتمازجين الذي كان يشرف على عمال "زاكا" الآخرين قال إن لانداو عندما استدعاه وآخرين إلى المنزل لم ير ما وصفه لانداو.
وبدلًا من ذلك، رأى جثة امرأة ثقيلة الوزن وقطعة كبيرة غير معروفة مربوطة بكابل كهربائي، مبينًا أن كل شيء كان متفحمًا.
وأشار أوتمازجين إلى أنه أخبر لانداو بأن هذه ليست امرأة حامل، ورغم ذلك صدّق لانداو روايته واستمر في سرد القصة للصحفيين الذين عمموا الرواية دوليا.
ونوهت "أسوشيتد برس" إلى أنه "وباعتبارهم من أوائل الأشخاص الذين وصلوا إلى مكان الهجوم، قدم متطوعو زاكا شهاداتهم عما رأوه في ذلك اليوم، وقد ساعد ذلك الصحفيين والمشرعين الإسرائيليين ومحققي الأمم المتحدة على رسم صورة لما حدث خلال هجوم حماس".
وبينت الوكالة - في تقريرها - أن "زاكا" هي مجموعة تطوعية لا تقوم بأعمال الطب الشرعي تأسست عام 1995، وتتمثل مهمتها المحددة في جمع الجثث بما يتماشى مع الشريعة اليهودية"، مؤكدة أن متابعة الملف استغرق أشهرًا لتعترف "زاكا" بأن وجهة نظرها كانت خاطئة".
وقال متحدث باسم منظمة زاكا الإغاثية: "طلبنا من يوسي لانداو المتطوع في مستوطنة بئيري التوقف عن سرد قصة اتضح أنها ملفقة عن عنف جنسي في 7 أكتوبر لكنه لم يستجب إلا بعد 3 أشهر"، بحسب الوكالة.
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن تداعيات الروايات المفضوحة عن العنف الجنسي تظهر كيف استخدم هذا الموضوع لتعزيز الأجندات السياسية الإسرائيلية.
وأوضحت أن "إسرائيل تشير إلى العنف الجنسي في 7 أكتوبر لتسليط الضوء على ما تقول إنه وحشية حماس ولتبرير هدفها من الحرب المتمثل في منع أي تهديد مستقبلي من غزة".