الاجلاء نحو "المجهول".. سيناريوهات الهجوم على رفح تثير مخاوف حول مصير النازحين

مشاركة
خيام الفلسطينيين في مدينة رفح خيام الفلسطينيين في مدينة رفح
حياة واشنطن-تقرير 11:43 ص، 22 فبراير 2024

في تقرير مطول لوكالة "بلومبرغ" نشرته، اليوم الخميس، كشفت خلاله عن أن إسرائيل عازمة على المضي قدمًا لنقل نحو مليون مدني من رفح جنوب قطاع غزة قبل الهجوم على المدينة الحدودية مع مصر، والتي تزعم إسرائيل أن حركة حماس تسيطر عليها.

وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين يعترفون سرًا بأنه ليس لديهم استراتيجية محددة لكيفية القيام بذلك، أو إلى متى ستستمر عملية الاجلاء ولا يعرفون حتى وجهة النازحين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في مقابلة هاتفية مع الوكالة: "لقد أمرت الجيش بوضع خطة، وهم يعدونها وسيقدمونها قريبًا".

اقرأ ايضا: بعد قرار "الجنائية الدولية".. نتنياهو وجالانت على رادار 123 دولة

وأفادت الصحيفة بأن معظم سكان غزة لجأوا إلى رفح، ويعيش العديد منهم الآن في الخيام وفي الشوارع، ويواجهون الجوع والمرض.

وأوضح التقرير أن قادة إسرائيليين يرون أن العملية في رفح تعتبر بمثابة نقطة انعطاف، ويعتقدون أنهم يقتربون من تفكيك البنية العسكرية لحركة حماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، وقد يمكنهم ذلك من العثور على حوالي 100 من الرهائن المتبقين.

القادة الإسرائيليون يقولون إن تحقيق هذه الأهداف يمكن أن يتم في رفح، حيث يعتقدون أن ما بين 5000 إلى 8000 من مقاتلي وقادة حماس يختبئون، معظمهم في الأنفاق، مع الرهائن في رفح. وفقًا للتقرير.

وفي أعقاب "الفيتو"  الأمريكي في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار صاغته الجزائر لوقف إطلاق النار في غزة، كشفت واشنطن عن مقترح بديل يتضمن تفاصيل إضافية.

يأتي ذلك فيما تزداد المخاوف من احتدام الحرب في غزة وتوسعها في الضفة الغربية مع اقتراب شهر رمضان لا سيما في ظل تصريحات متشددة من مسؤولين إسرائيليين. 

وقالت الولايات المتحدة إن اقتراحها يتضمن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وعدم تسلم حماس للسلطة بعد الحرب، والتزام واشنطن بمسار حل الدولتين.

ويرى محللون أنه قد لا تكون الجهود الأمريكية لوقف الحرب حتى وإن بشكل مؤقت، قابلة للتطبيق على أرض الواقع، خاصة في ظل تمسك حماس بموقفها بعدم الإفراج عن الرهائن دون صفقة، فيما ترفض إسرائيل وبشكل قاطع إعلان قيام دولة فلسطينية.

الضربات الإسرائيلية على مدينة رفح سوا مسجدًا بالأرض ودمرت منازل في ما وصفها السكان بأنها واحدة من أسوأ الليالي التي تمر بهم حتى الآن، بينما يزور، إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس القاهرة لإجراء محادثات يأمل سكان غزة أن تؤدي إلى هدنة في الوقت المناسب لتفادي هجوم شامل على رفح، وفقًا لرويترز.

كما سوت ضربة إسرائيلية مسجد الفاروق وسط مدينة رفح بالأرض ليتحول إلى أنقاض وركام، وتحطمت واجهات المباني المجاورة. 

بموازاة ذلك، أعلنت سلطات الصحة في غزة أنه تأكد استشهاد 97 شخصًا وإصابة 130 آخرين في الهجمات الإسرائيلية خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة، لكن معظم الشهداء ما زالوا تحت الأنقاض أو في مناطق لم يتمكن رجال الإنقاذ من الوصول إليها.

وقالت السلطات أيضًا إن الجيش الإسرائيلي قصف أربعة منازل جنوبي رفح وثلاثة في وسط المدينة.

فيما وصف السكان الضربات بأنها الأعنف منذ الهجوم الإسرائيلي على المدينة قبل عشرة أيام والذي استعادت خلاله إسرائيل رهينتين وتسبب في مقتل عشرات المدنيين.

وقالت سلطات غزة إن ما لا يقل عن 20 شخصا قتلوا أيضا في قصف على منزلين في وسط القطاع، وهي المنطقة الكبيرة الأخرى الوحيدة التي لم تجتاحها القوات الإسرائيلية بعد في هجومها المستمر منذ خمسة أشهر.

ومرارًا وتكرارًا تهدد إسرائيل بشن هجوم شامل على رفح، آخر مدينة على الطرف الجنوبي لقطاع غزة، على الرغم من المناشدات الدولية، بما في ذلك من حليفتها الرئيسية واشنطن، للتراجع عن هذه الخطوة التي قد تؤدي إلى حمام دم، وفقا لرويترز.

ويقول السكان الذين فروا إلى رفح من مناطق أخرى إنه لم يعد هناك ملجأ آخر يذهبون إليه.

وفي الوقت نفسه، جفت تدفقات المساعدات بشكل شبه كامل خلال الأسبوعين الماضيين إذ تقول الأمم المتحدة إن عمليات نقلها لم تعد آمنة بما يكفي في كثير من الأحيان.

وأصدر رؤساء وكالات الإغاثة الرئيسية التابعة للأمم المتحدة ومنها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، رسالة مشتركة يطالبون فيها بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

وقالوا: "الأمراض متفشية والمجاعة تلوح في الأفق والمياه تتناقص والبنية التحتية الأساسية دمرت وتوقف إنتاج الغذاء وتحولت المستشفيات إلى ساحات قتال ويواجه مليون طفل صدمات يوميًا".

وحذروا من أن مزيد من التصعيد في رفح المكتظة "من شأنه أن يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى. كما يمكن أن يوجه ضربة قاتلة للاستجابة الإنسانية التي انهارت بالفعل".

يأتي ذلك فيما فشلت المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل أسبوعين عندما رفض نتنياهو عرضًا من حماس بشأن هدنة مدتها أربعة أشهر ونصف الشهر تنتهي بانسحاب إسرائيل.

في المقابل، تقول حماس، التي يعتقد أنها لا تزال تحتجز أكثر من 100 رهينة، إنها لن تطلق سراحهم ما لم توافق إسرائيل على إنهاء القتال والانسحاب من غزة. وتقول إسرائيل إنها لن تنسحب قبل القضاء على الحركة.

لكن وصول هنية إلى القاهرة هذا الأسبوع في أول زيارة معلنة له منذ ديسمبر، هو أقوى إشارة منذ أسابيع على أن المفاوضات مستمرة، إذ التقى بمسؤولين مصريين يشاركون في الوساطة، لكن حتى الآن لم يعلن عن المحادثات سوى القليل من التفاصيل.

وفي تصريحات له، قال سامي أبو زهري، رئيس الدائرة السياسية لحماس في الخارج، إن إسرائيل تتراجع الآن عن الشروط التي قبلتها بالفعل في بداية فبراير في عرض لوقف إطلاق النار صاغته الولايات المتحدة ووسطاء مصريون وقطريون في باريس.

وأكد أبو زهري أن نتنياهو غير معني بملف الأسرى وكل ما يهمه هو مواصلة تنفيذ حكم الإعدام في غزة، ولم يصدر أي رد بعد من المسؤولين الإسرائيليين على هذه التصريحات. 

إلا أن نتنياهو قال إنه لن يوافق على "مطالب حماس الوهمية" لكنه، أوضح أنه إذا أبدت الحركة مرونة فسيكون من الممكن إحراز تقدم.

من جانبه، أكد عضو مجلس وزراء الحرب، بيني غانتس، أمس الأربعاء، إن هناك "مؤشرات أولية واعدة على إحراز تقدم" بشأن اتفاق جديد لإطلاق سراح الرهائن من غزة، وإنه بدون اتفاق ستواصل إسرائيل الحرب.

وقال غانتس: "لن نتوقف عن البحث عن طريقة ولن نفوت أي فرصة لإعادة بناتنا وأبنائنا إلى الوطن".

ويواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة برًا وجوًا وبحرًا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 29 ألف فلسطيني 70 % منهم من الأطفال والنساء، وفقًا لآخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في غزة.

وتفرض إسرائيل حصارًا شاملاً على القطاع ومنعت إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية عن أكثر من 2.3 مليون شخص هم إجمالي سكان القطاع.

اقرأ ايضا: "المستوطنون يختبئون في الملاجئ".. "حزب الله" ينفذ "أعنف قصف" على إسرائيل

وبفعل حربها البربرية على القطاع، تواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من حلفائها الغربيين لوقف الهجوم العسكري في غزة الذي أدى إلى تدمير جزء كبير من القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.