دخلت الأزمة السودانية يومها الـ103 على وقع القصف المنبعث من شوارع العاصمة الخرطوم حيث يتنازع الجيش وقوات الدعم السريع للسيطرة على مواقع سيادية.
واشتدت ضراوة القتال بين الجانبين، في محاولة للسيطرة على المناطق العسكرية والاستراتيجية في العاصمة، وذلك رغم الضغوط المحلية والإقليمية والدولية الرامية لإنهاء الحرب عبر الحل السلمي.
فمن جانبه، كثف الجيش غاراته الجوية لاسترجاع القصر الرئاسي والاستحواذ بشكل كامل على "القيادة العامة" للقوات المسلحة وسط المدينة، ومقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، بمدينة أم درمان.
وطبقًا لشهود عيان، فإن الجيش استهدف بالقصف المدفعي تجمعات قوات الدعم السريع جنوبي الخرطوم في أحياء "الشجرة وجبرة والعشرة وأبو آدم والكلاكلة"، بينما لا تزال قوات "الدعم السريع" تحاصر "سلاح المدرعات" جنوبي المدينة.
وتحاول قوات "الدعم السريع" السيطرة كذلك على "سلاح الإشارة" بمدينة بحري قاعدة "وادي سيدنا" العسكرية شمالي الخرطوم، وقاعدة "شيكان" الجوية بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان.
أما مدينة بحري شمالي العاصمة الخرطوم، فشهدت أيضًا اشتباكات بالأسلحة الثقيلة في منطقة "الكدرو" ومحيط "جسر الحلفايا"، مع تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
وحسب الشهود، فإن مدينة أم درمان شهدت أيضًا اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع تحليق للطيران الحربي.
(نزوح الملايين)
منظمة الهجرة الدولية أعلنت نزوح ولجوء أكثر من 3.5 مليون سوداني منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان صدر اليوم، إن "الصراع مستمر في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان"، بينما اشتد القتال في دارفور (غرب) وولايات كردفان (جنوب).
وأضاف البيان: "بلغ التقدير الإجمالي الحالي للنازحين داخل السودان مليونين و686 ألفًا و434 شخصًا، نتيجة الصراع".
وأوضح أنه "بالإضافة إلى النزوح الداخلي، تسبب الصراع في لجوء حوالي 844 ألفًا و574 شخصًا إلى البلدان المجاورة وهي: مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا".
وأشار البيان إلى أن "الغالبية عبرت إلى تشاد بنسبة 36%، وتليها مصر 30%، وجنوب السودان 22%".
من جانبها، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إجلاء دفعة جديدة من أطفال دار الأيتام من العاصمة السودانية الخرطوم إلى ولاية الجزيرة.
وتُوفي عشرات الأطفال، في مايو/أيار الماضي، من الذين تؤويهم "دار المايقوما"، جراء انقطاع الكهرباء والنقص الحاد في المواد الغذائية بجانب صعوبة تنقل الكوادر التي تعمل على رعايتهم.
وفي 8 يونيو/حزيران الماضي، أخلى الصليب الأحمر الدولي 300 من الأطفال مجهولي الأبوين و70 آخرين من مقدمي الرعاية، من العاصمة الخرطوم إلى ولاية الجزيرة.
ودخلت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع شهرها الرابع، ليتسع نطاقها من العاصمة الخرطوم إلى ولايات في كردفان ودارفور.
وتكثف قوى دولية وإقليمية من ضغوطها على طرفي النزاع، من أجل حملهم للتفاوض والتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل وتسهيل انسياب المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاع المسلح.
من جهتها، دعت قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي بالسودان، مساء الثلاثاء، إلى إطلاق عملية سياسية تؤدي لوقف الحرب فورًا، وحل الكارثة الإنسانية التي نتجت عنها.
جاء ذلك في البيان الختامي لاجتماع قيادات الائتلاف الحاكم سابقًا، بالعاصمة المصرية القاهرة، والذي عقدت أعماله على مدار يومين.
وأدانت القوى - في بيانها - ما وصفته بـ"الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي نتجت عن القتل والسلب"، داعيةً المجتمع الدولي إلى "وضع قضية حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية لجميع المتضررين في مقدمة أجندته".
وبحسب المصدر نفسه، فإن "الحرية والتغيير أجازت الرؤية السياسية لإنهاء الحروب وتأسيس الدولة السودانية الجديدة عبر مشروع نهضوي جديد يحقق السلام في أرجاء البلاد".
وفي السياق ذاته، دعا قادة قوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) - في مؤتمر صحفي بالقاهرة، مساء الثلاثاء - إلى "تشكيل جبهة وطنية عريضة لتوحيد الخطاب السياسي وإنهاء أزمة الحرب".
وقوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، تضم حركات مسلحة وقوى مدنية، بينها حركة "العدل والمساواة" بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة "تحرير السودان" بزعامة مني أركو مناوي، والحزب الاتحادي (الأصل) فصيل جعفر الميرغني.
وقال رئيس الكتلة الديمقراطية جعفر الميرغني، إن "السودان بحاجة ماسة وجادة لتوحيد خطاب الحل السياسي لأزمة الحرب"، مؤكدًا أهمية "تشكيل جبهة وطنية تدعم الجهود المبذولة دوليًا وإقليميًا لوقف الحرب".
ومنذ اندلاع الاقتتال الداخلي في السودان، طُرحت عدة مبادرات لوقف إطلاق النار، ورغم اتفاق الأطراف المتحاربة في أكثر من مناسبة على الالتزام بهدنات إنسانية، فإن الخروقات استمرت، وهو ما أدى إلى تدهور الوضع الإنساني، وبخاصة في أحياء العاصمة السودانية.