رهبة الاسلام في الدول الاسكندنافية

مشاركة
المتطرف بالودان خلال مظاهرته في السويد المتطرف بالودان خلال مظاهرته في السويد
الحياة واشنطن - رائد عمرو 11:27 م، 23 يناير 2023

لم يكن ما فعله المتطرف الدنماركي السويدي راسموس بالودان، بإحراق نسخة من المصحف الشريف أمام السفارة التركية في ستوكهولم، السبت الماضي، أول حوادث الكراهية وإظهار العدوانية تجاه الإسلام والمسلمين، إنما هي ترجمة لفعاليات وحملات وندوات مرخصة قانونيا على مدار عدة سنوات في دول النرويج والدنمارك والسويد وفنلندا التي تقدم نفسها على أنها مهد الديمقراطية في العالم.

لا يتضمن أي نص قانون في العالم الاساءة الى كتاب سماوي يؤمن به ما يقارب 2 مليار مسلم، إنما تتذرع الحكومات في تلك البلدان بحرية الرأي والتعبير من أجل الانتفاضة على تلك الثورة التي أحدثها انتشار الإسلام في تلك المجتمعات وما تبعه من تزايد المراكز الدينية والمساجد والندوات والمؤتمرات التي فتحت الباب أمام دخول مئات الأوروبيين في الدين الإسلامي بعد احتكاكهم في الجالية الإسلامية المتصاعدة ومعايشتهم اليومية لهم وملامستهم رسالة المحبة والتسامح في ذلك الدين من خلالهم وذلك بحسب الاحصائيات الرسمية التي تنشرها المراكز الاسلامية في كافة الدول الاسكندنافية.

بالودان هو واحد من عشرات القيادات المتطرفة في حزب (الخط المتشدد) الدنماركي، والذي يقيم بشكل دوري ندوات ومؤتمرات وحملات اعلامية يحرض فيه الجيل الشاب في تلك الدول على المسلمين والحجاب ويدعو الى قمعهم بشكل عملي دون أي رادع من تلك الحكومات التي تتذرع بشعار حرية التعبير والرأي وأصبحت ترتعب من ما تصفه شبح الاسلام في عواصمها ومدنها.

ما جعل مظاهرة بالودان أمام السفارة التركية تأخذ منحى آخر هو توقيتها الدقيق في ظل حاجة السويد لدعم تركيا في الانضمام الى حلف الناتو، مما فرض على رئيس وزرائها ستيفتان لوفين التدخل بالادانة التي لم يفعلها من قبل بحجة ضمان حق التعبير لفئة متطرفة على حساب مشاعر ومقدسات ملايين المسلمين الذين يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي.

كان يمكن ل لوفين وباقي رؤساء الحكومات في الدول الاسكندنافية أن يصادقوا على تشريع او قانون يمنع الإساءة إلى الدين الإسلامي وضمان حق الاقلية المسلمة بممارسة طقوسهم الدينية الاسبوعية والسنوية دون أية مضايقات، إلا أن التستر الدائم على تلك الجرائم أفسح المجال لتزايد ظاهرة العداء للدين الاسلامي في تلك الدول، بل وأظهر الخشية الدفينة لدى تلك الحكومات من تنامي الدين الإسلامي في تلك المجتمعات.

تلك الظاهرة التي أصبحت متوقعة في كل وقت في تلك العواصم، لم تلقى رداً اسلاميا أو عربياً منذ نشاتها، إنما تم التعامل معها بشكل منفصل وادانات وصلت الى مستوى الرسمية في كثير منها دون خطوات عملية كانت يمكن أن تجبر تلك الحكومات على لجم تلك الظاهرة والحد من حجم العنصرية والهمجية المتصاعدة بحق المسلمين الذين يحمل السواد الأعظم منهم جنسيات الدول الاسلامية والعربية الى جانب جنسيتهم الأوروبية.

تركيا كانت الأكثر حدة في ردها على السويد وألغت زيارة وزير دفاع الأخيرة الى انقرة من أجل طلب الدعم التركي في رحلة الانضمام الى الناتو، الذي اعتبره الرئيس التركي أردوغان أصبح أمرأ صعبا جدا في ظل التجاهل الرسمي السويدي لما جرى من اهانة للاسلام والمسلمين معززا ذلك بمسيرة ضخمة في ولاية باطمان التركية تندد بجريمة اليمين المتطرف في السويد، تبعها بداية احتجاجات وتنديدات واسعة في العواصم العربية والإسلامية.

كل ما جرى ويجري من قبل اليمين المتطرف في بعض الدول الاوروبية يمكن محاصرته رسميا من خلال عمل إسلامي مشترك من بوابة المحاكم الدولية يتم فيه تقديم المتطرفون الى العدالة واستصدار تشريعات تمنع الاساءة الى الدين الاسلامي في تلك الدول التي إن ظل التهاون في تلك المسألة قائما فيها سيقود بلا شك إلى أعمال عنف واعتداءات أكثر همجية بحق الأقلية المسلمة في الدول الاسكندنافية التي تقدر بما يقارب 2 مليون مسلم بحسب احصائيات 2021.