قبل نحو 40 يومًا فقط، ومنذ بداية مشوارها نحو رئاسة وزراء بريطانيا، خلفًا لبوريس جونسون لم تخف ليز تراس دعمها القوي لإسرائيل بل ونصبت نفسها حليفًا للجالية اليهودية قائلة : "أنا صهيونية كبيرة".
وفي خضم سعيها لنيل المنصب، أظهرت ليز تراس، نيتها بنقل سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس، إذ أخبرت نظيرها الإسرائيلي، يائير لابيد، بالأمر أثناء وجودها في الأمم المتحدة بنيويورك.
ولاقت مساع تراس لإظهار دعمها لليهود ولإسرائيل، ترحيبًا إسرائيليًا جارفًا، حيث رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، بعزم نظيرته البريطانية ليز تراس، نقل سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس.
وشكر لابيد، في تغريدة على "تويتر"، تراس التي أعلنت آن ذاك "أنها تفكر بإيجابية في نقل السفارة البريطانية إلى القدس، عاصمة إسرائيل"، مؤكدًا حرصه على تعزيز الشراكة مع لندن.
في المقابل، أثارت نية ليز تراس بنقل سفارة بلادها إلى القدس، غضبًا واسعًا في فلسطين وكذلك في كافة أرجاء العالم العربي والإسلامي، في وقت تستهدف فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
إذ أعربت السلطة الفلسطينية عن قلقها من نية بريطانيا دراسة موقع سفارتها في إسرائيل لغرض نقلها من تل أبيب إلى مدينة القدس.
ولبريطانيا سفارة في تل أبيب مسؤولة عن العلاقات مع الإسرائيليين، وقنصلية عامة في القدس الشرقية مسؤولة عن العلاقات مع الفلسطينيين.
حيث استقبل رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في مكتبه بمدينة رام الله، مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية ستيفن هيكي، وبحث معه خطورة إعلان تراس نيتها "مراجعة" موقع السفارة البريطانية في إسرائيل، بحضور القنصل البريطاني العام في القدس ديان كورنر.
وقال اشتية إن إمكانية نقل السفارة إلى القدس من شأنه أن "يقوض حل الدولتين"، ويضر بأي عملية سياسية مستقبلية بإخراج القدس من ملفات الحل النهائي، ناهيك عن كونه مناقضا للقانون الدولي والقرارات الأممية و"الموقف البريطاني بأن القدس مدينة محتلة".
من جانبها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية عدوانًا على الشعب الفلسطيني.
وقال عضو قيادة الحركة في الخارج سامي أبو زهري - في بيان - إن التصريحات "استمرار لجريمة بريطانيا ضد القضية الفلسطينية" التي بدأت منذ وعد بلفور قبل أكثر من 100 عام.
فيما حث دبلوماسيون عرب - بحسب صحيفة "الغارديان" في 30 سبتمبر/أيلول الماضي - تراس على عدم المضي قدمًا بقرار نقل السفارة إلى القدس.
وقال السفراء العرب، بحسب الصحيفة البريطانية : "إن الخطة قد تعرض المحادثات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي للخطر".
وتمتنع الغالبية العظمى من دول العالم عن نقل سفاراتها إلى القدس، نظرًا لعدم اعترافها بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لشقها الشرقي الذي تم عام 1967، ولكن الولايات المتحدة الأميركية نقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس في العام 2018، ثم تبعتها هندوراس وغواتيمالا وكوسفو.
ويبدو أن سعي تراس لنقل السفارة البريطانية إلى القدس كان بمثابة "اللعنة" التي أطاحت بها من منصب رئيسة الوزراء وحزب المحافظين بعد سلسة من الإخفاقات، الأمر الذي دفعها اليوم إلى تقديم استقالتها من منصبها بعد مدة لم تتجاوز 6 أسابيع.