تقول نانسي بيلوسي إن قيام إسرائيل أعظم انجاز في القرن العشرين. الذي لا يعرف هذه السيدة هي الآن رئيسة مجلس النواب الامريكي، التي هي الآن تتحكم بأغلبية برلمانية امام الحزب الجمهوري، ويتبين من هذا الكلام انها جاهلة تاريخيا وسياسيا، لأن قيام دولة بقوة سلاح الغرب بزعامة امريكا، وطرد شعب له تاريخ منذ خمسة آلاف عام، ليقيم على أنقاض شعب آخر يعتبر قمة الاجرام.
ولعلم هذه السيدة التي تجهل أن دخول اليهود لفلسطين كان في العام ١١١٨ قبل الميلاد، بعد أن أمر الرب يوشع بن نون خليفة سيدنا موسى بعبور النهر والاستيلاء على أريحا المقيم فيها شعب فلسطين من اصول كنعانية بحد السيف، كما أمر بن نون رجاله وكهنته بقتل جميع الرجال والنساء والأطفال والرضع والدواب بما فيها البقر والغنم والحمير.
إن بيلوسي وغيرها من زعماء ديمقراطيين أو جمهوريين مساندين للدولة الوحيدة في العالم التي تمارس أبشع انواع العنصرية، وعدم الاكتراث بدستور الولايات المتحدة، وتدوس على كل القيم التي أقرها مجلس النواب أو الشيوخ.
الغريب أنه في القرن التاسع عشر كانت أمريكا تحتقر اليهود وتعاملهم أبشع معاملة، والذي كان يشفق على اليهود ويحتضنهم هم الدول العربية من المغرب الى العراق مرورا بفلسطين. وفي القرن العشرين انقلبت الآية، والسبب ليس شفقة باليهود خصوصا الاشكناز منهم، بل لزرع دولة صهيونية هدفها تفرقة الدول العربية كما يحصل الان.
إن أول دولة سمحت بهجرة الاشكناز هي تركيا بزعامة أتاتورك عندما كان قائدا لجيش تركيا منذ العام ١٩٠٣م، ومن ثم انقلب على السلطان عبد الحميد.
وفي العام ١٩١٧ بعث بلفور برسالة إلى روتشيلد البليونير اليهودي وعده فيها بمساعدة يهود أوروبا وإيجاد وطن لليهود في فلسطين، وفي هذ العهد لم يكن هتلر ولا النازية سببا للإشفاق على اليهود من إجرام النازي في الحرب العالمية الثانية.
لذلك نقول ونشدد على سخف ما قالته بيلوسي أو غيرها من زعماء الغرب.
وعندما قررت أوروبا الانسحاب من الدول العربية، وجدوا أنهم الخاسر الاكبر من استقلال الدول العربية بدون ملء فراغ هذا الانسحاب، هو زرع دولة صهيونية في قلب الدول العربية لخلق الفتنة، واختراع تفرقة مذهبية بين الدول والشعوب العربية. ومع الأسف بسذاجة السياسات العربية نجح الغرب بقيادة امريكا في زرع هذه الدولة العنصرية.
وأكبر دليل على ذلك ان منظمة التحرير الفلسطينية قبلت بدويلة على مساحة ٢٢ بالمائة فقط من فلسطين التاريخية، وحتى هذا لم تنفذه أمريكا ولا إسرائيل حيث وقعتا عليه. بيلوسي اعطت فلسطين جميعها لإسرائيل مقابل تبرع زهيد من أمريكا.
وكلام بيلوسي يصب في مصلحة دولة المحتل (أي أن حل الدولتين، يعطي الشرعية لإسرائيل) لأنه بدون حل الدولتين، وعدم اعتراف مجلس الأمن والجمعية العمومية بإسرائيل على حدودها لا يعطيها الشرعية، ومع الزمن سيصبح الشعب الفلسطيني المقيم على أرضه التاريخية يعطيها الأحقية لهذه الارض. وشعبنا يتعجب من تصرفات أمريكا والدول الغربية من موقفهم الفاضح ضد روسيا مقارنة بمواقفهم غير المقبولة تجاه الاحتلال الاسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية واللبنانية وضم هضبة الجولان السورية المحتلة، الأمر الذي يبين بوضوح تام أن أمريكا وأوروبا تعتبران ان اسرائيل فوق اي قرارات أو قوانين دولية. لذلك على الشعب الفلسطيني أن يحصن نفسه ويتوحد تجاه حقوقه الوطنية، أي إعادة ارض فلسطين جميعها لأهلها، والاعتماد على نفسه وزيادة عدد السكان كي نصبح أغلبية مطلقة، بأكثر من ضعف عدد المحتلين الصهاينة الاشكناز.
لذلك على الشعب الفلسطيني ان يوحد قراره بزيادة الاعتماد على المقاومة الشعبية في جميع أنحاء الوطن، والصمود والصبر، حتى يشعر المحتل بأن بقاءه على أرضنا له كلفة مادية باهظة، وعدم سلامته على أرضنا، عندما يشعر أنه أقلية بالنسبة لشعب متمسك بوطنه.
إن الاعتماد على وعود أوروبا وأمريكا لا يفيد، وكذلك الاعتماد على وحدة الفصائل، فهذا ضرب من الخيال. والله المستعان.
* عضو المجلس الوطني الفلسطيني
اقرأ ايضا: لماذا تمنع إسرائيل إجراء اختبارات الحمض النووي؟
** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحياة"