"من مطبخ طعام إلى مطبخ ألوان"، هكذا بدأت الشابة الفلسطينية هبة أبو الكاس (21 عامًا) تشق طريقها نحو الإبداع بتحويل مطبخ منزلها المخصص لإعداد وجبات الطعام إلى ورشة فنية تقدم أطباق فنية تحمل في داخلها كل معاني الحب والجمال، ترسم من خلالها صورة جمالية براقة باستخدام عجينة السيراميك.
أبو الكاس، فنانة من مدينة غزة عزمت أمرها على استغلال فترة الجلوس في البيت نتيجة عدم حصولها على فرصة عمل بعد تخرجها من الجامعة، واتجهت نحو تطوير موهبتها الفنية القديمة وتدمجها مع الفن الحديث، بل امتدت لأكثر من ذلك لتطوير موهبتها في كافة الفنون التشكيلية والتطبيقية الأخرى، مستغلة الحجر المنزلي جراء كورونا .
تنتج الفنانة المبدعة من مدينة غزة، قطع فنية مميزة باستخدام عجينة السيراميك التي تصنعها بنفسها محلّقة في فضاء خاص من إحساسها الفني ، ترسم بها صورة جميلة تحول الأشياء البسيطة إلى أشبه بالتحف الفنية غير المألوفة لدى كثيرين.
تقول هبة أبو الكاس لـ "دار الحيــــاة":"تعرفت على الفن التشكيلي بعجينة السيراميك خلال فترة الدراسة، وتتكون العجينة من "نشاء ومادة لاصقة، وكريم فزلين"، لافتةً إلى أن إعداد هذا الخليط يحتاج إلى أيدي بارعة ودقة في العمل لكي تخرج بصورة سليمة .
وتوضح أبو الكاس، أنها تروج منتجاتها الفنية من خلال حساباتها على السوشيال ميديا، حيث عبر كثير من متابعينها عن إعجابهم بأعمالها الفنية المميزة، حتى أصبحت تتلقى من حين لآخر طلبيات لشراء الكاسات المنقوش عليها بعجينة السراميك.
وتابعت:"خامات عجينة السراميك وأدواتها بسيطة جداً، وهي بالمناسبة ليست مكلفة، ولكنها تحتاج لمهارة عالية تتقن استخدامها حتى تخرج بقيمة فنية جمالية ."
وتشير أبو الكاس، إلى أنها تقوم بشراء الخامة اللازمة والمقادير المحددة لطبخ عجينة السراميك، لتلبي طلبات الزبائن على حسابها "الفيسبوك والانستغرام"، وتقوم بطبخ المواد مع بعضها البعض، وعندما تنضج تبدأ يداها تعمل بخفة ترسم أحاسيسها الجمالية على الكاسات الفارغة والصحون، وبعد الانتهاء منها تضعها جانباً لمدة يومين لكي تجف وتصبح متينة، مؤكدةً أن مهاراتها الفنية ليست مقتصرة على هذا الجانب فحسب، بل يمكنها التوجه للعمل في إعداد فنون تشكيلية وتطبيقية أخرى، بحيث تكون موهبتها شمولية متنوعة، مثل العمل في التطريز الفرنسي والفلاحي وصوف الكروشيه، إضافة لطلبات الرسم .
وتتابع أبو الكاس حديثها لـ "دار الحيــــــــــاة":"أن أسعار منتجات عجينة السيراميك تتراوح ما بين(15 شيكل إلى 20 شيكل)"، منوهةً إلى أن المكان الذي تعمل فيه هو مطبخ المنزل الذي تعتبره ورشة فنية بمسمى جديد "مطبخ ألوان" بدلاً من مطبخ الطعام، لافتةً إلى أن المكان ليس كل شيء، الأهم في الأمر الأدوات الفنية التي ترسم ما يجول في الخاطر من أحاسيس ومشاعر فنية تشكل بها المكان .
وتطمح أبو الكاس لتطوير موهبتها الفنية (عجينة السيراميك) وتفتتح ورشة فنية ومشروعاً خاصاً بها تعرض فيه أعمالها وقطعها الفنية .
وحول الصعوبات التي تواجه الفنانة الغزية، قالت: إن "عدم تقدير كثير من الناس للفن وقيمته المالية، كانت سبباً في ترويج منتجاتها، لأن الجميع يريد الحصول على المنتجات بسعر رخيص جداً"، كما أنها تواجه صعوبات في شراء مستلزمات أعمالها الفنية بسبب قلة طلب السوق عليها ونادراً ما يسأل عنه الناس.
وتسعى الفنانة أبو الكاس لأن يكون مشروعها لهدف فني خالص وليس تجاري بالمعنى المادي، وقالت: " كل قطعة فنية أصنعها بحب فيها كثير من الأمل والطموح والتجارب الجمالية" .
وفي نهاية حديثها، وجهت أبو الكاس رسالة للمؤسسات الأهلية والجمعيات التي تدعم المواهب والمشاريع الصغيرة، أن تنظر إلى طاقات الشباب ومواهبه في قطاع غزة، وأن ينظروا إلى موهبتها وقدرتها على إنتاج فنون تشكيلية يمكن أن تكون بقعة فنية تحدث تغييراً في حياة كثيرين في المجتمع.