رفعت إيران سقف التوقعات، هذا هو السبب الذي جعل ضربتها الأولى المباشرة على أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، حدثا اقل من المتوقع، كان العالم ينتظر رؤية النعوش الافقية، وجثث الجنود التي تملء الشرق الاوسط، والرد المزلزل وانتقام سخت.
رفع سقف التوقعات، بتصريحات نارية الهبت حماس الجمهور، يبدو خطأ تكتيكيا، فالانتقام لم يكن يحتاج لتصريحات، لكن أن عزلت الحدث عن التصريحات، فإنك امام حدث فارق في المنطقة، حدث افسدته العاطفة والخطب الدعائية، فليست الدعاية دائما لصالحك.
لقد جربت أسلحة إيرانية محلية، على القاعدة الأمريكية الاهم، والتي إحدى مهامها حماية إسرائيل من إيران، هذا هو الحدث دون تشويش، دون خطب نصر الله، وتصريح بديل سليماني، أي بدون مؤثرات صوتية.
بلغة العسكر لا السياسية، هي إشارة وليست رسالة، هل يمكن اعتماد مثل هذه الضربات مستقبلا، سواء من داخل إيران أو خارجها.
لا يهم ان كان ظريف قد بلغ الأمريكان بالضربة كما قال، المهم أن الاستجابة حدثت، صواريخ محلية بتشويش على الرادار، ومتعددة الرؤوس، حسنا ماهي أهمية المعلومة، الإجابة تتعلق بالقدرة العسكرية بين طرفين غير متكافئين، يخوضان حربا.
ان أكثر من يعلم أنه لا يوجد تكافؤ عسكري بين امريكا وإيران، هي إيران نفسها، لذلك اعتمدت أسلوب العصابات، بتكوين المليشيات، خاصة في العراق، والآن سيبدأ عملها، بالاعتماد على ما اقره البرلمان العراقي، من قرار انسحاب القوات الأمريكية ، وبالتالي أصبح هناك الان مشروعية لعمل هذه المليشيات وضربها القواعد الأمريكية.
المعركة تسير كما لو أن قاسم سليماني يقودها، برغم مقتله، لأن هذه هي الطريقة التي تحارب بها إيران .
إيران لن تدخل مواجهة مباشرة مع امريكا، فهذا ليس هدفا عسكريا ذكيا، لدولة منهكة اقتصاديا، واي حرب سوف تدمرها، فالحرب هي قوة اقتصادية في المقام الأول، لذلك سيكون الاعتماد والاهتمام بالتكتيك العسكري الذي اعتمده سليماني، لأنه هو الأنسب لحالة إيران.
اليمن والعراق هما المؤهلان لخوض هذه الحرب، فالعراق الان بعد قرار البرلمان في حالة مشروعة للدفاع عن النفس، وكذلك اليمن لأنه في حالة حرب.
والسؤال لماذا يضرب الحوثيون السعودية فقط، ولم يضربوا امريكا، مع أنهم يعلمون منذ اليوم الأول أن الحرب أمريكية، وأن السعودية ليست الا واجهة، وأن القواعد الأمريكية على مقربة من السواحل اليمنية، والقواعد موجودة داخل اليمن خاصة في المناطق النفطية.
جماعة الموت لأمريكا تعلن انها ضمن محور الرد على امريكا، هذا يقودنا لإجابة منطقية وهي أن ننتظر اول ضربة حوثية مباشرة على قاعدة أمريكية في البحر الأحمر او خليج عدن، طالما وان الذراع اليمني أعلن انه جزء من الجسد الإيراني.
امريكا ليست عدوا لا يقهر، ولا شبح لا يظهر، لكن هناك حالة غموض في التعاطي معها، توجه لها تهم حرب اليمن، والصواريخ توجه للقرى والمدن اليمنية!
هل يخشى الحوثيون من رد الفعل الأمريكي العنيف والمتوحش، لكن هل سيكون مختلفا عن رد الفعل السعودي، امريكا ضربت الرأس، فلماذا لا تضرب الرأس!
إيران متعددة الاذرع اليوم بلا راس يشرف على الاذرع الممتدة، بمقتل سليماني فقد المحور القائد الأول، والآن تبدأ مرحلة تعدد الرؤوس، وخاصة في العراق، وربما عسكريا ستكون أكثر مرونة وامانا للمليشيات العراقية لسرعة وسهولة التحرك، مع وجود ضابط اتصال، خاصة ان الأسس النظرية برمجت، والخطط وضعت، فايران لم تجد نفسها فجأة في مواجهة غير متوقعة، لذلك ستعوض غياب سليماني.
* كاتبة يمنية
اقرأ ايضا: لماذا يجب على المسيحيين أن يكونوا ممتنين للشعب الفلسطيني؟
** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دار الحياة