بالصور"سلمى التاجي الفاروقي" حولت منزلها في "قرطبة" لمتحف يحكي قصة الأندلس

مشاركة
سلمى الفاروقي سلمى الفاروقي
قرطبة_دار الحياة 06:38 م، 14 اغسطس 2019

حولت السيدة سلمى التاجي الفاروقي " المولودة في مدينة القدس " منزلها لمتحف أندلسي حتى بات مزاراً للسائحين نظراً لما يحتويه من مقتنيات أثرية وتاريخية، لها إرتباط وثيق بالأمجاد الإسلامية.

إستقرت الفاروقي في قرطبة منذ 32 عاماً، حيث تمكنت خلال هذه السنوات من إنشاء متحفين تميزا بسمات وخصال الحضارة الأندلسية العريقة، وأصبح لهما مكانتهما الرفيعة وبصمتهما الخاصة ضمن معالم قرطبة التاريخية والمهمة.

تقول السيدة الفاروقي مديرة مؤسسة المنزل الأندلسي في مدينة قرطبة في أسبانيا عن سبب إهتمامها بالتراث الأندلسي:" إن قرطبة كانت أهم مدينة في العالم عندما كانت عاصمة الخلافة الإسلامية في الأندلس لعده قرون أيام الحضارة العربية الإسلامية وهذا السبب الرئيسي لإحتوائها على هذا الكم من الآثار الإسلامية

وأضافت: أنها ذهبت أول مرة إلى قرطبة عام 1978م مع زوجها الفيلسوف والمفكر العالمي الراحل "روجيه جارودي" ، لمتابعة مشروعه الثقافي القلعة من أجل إحياء التراث الأندلسي، لافتة إلى أن ذلك كان مشروع "جارودي" الأساسي، موضحة بأن متحف "القلعة الحرة" به عدة قاعات منها قاعة الفلاسفة والعلماء وهناك سماعات بعدة لغات تقص تاريخ قرطبة من القرن الثامن إلى الثالث عشر عبر سماعات لمدة خمسين دقيقة"، مضيفة :"أن أهمية قرطبة في العالم بسبب عدد سكانها من ناحية، والعلماء الذين كانوا موجودين فيها فلقد كانت عاصمة الحكم في العصر الإسلامي."   

وزادت بالقول: في الماضي عندما كنا نذهب الى قرطبة وقبل أن نقيم فيها كانت بيوت الأندلسيين مفتوحة نمر من أمامها فيدعوننا للدخول .. لكن في عام 1987 عندما ذهبنا إلى قرطبة لإفتتاح "متحف القلعة الحرة" وجدنا أن معظم البيوت هناك تم بيعها، وكان لدينا هناك بيت في الحي القديم، فقررت أن أحافظ على التراث الأندلسي، وبالفعل قمت بفتح المنزل الأندلسي، وجعلنا بيتنا الخاص نموذجاً للبيت الأندلسي في مختلف أركانه، ثم قمت بترميم بيت آخر قريب من بيتي يرجع للقرن الثالث عشر والذي كان من قبل عبارة صالون شاي وقمت بتطويره وأضفت عليه بتقديم الأكل الشرقي "الحمص والتبولة"، ثم من بعد سنيتن أدركت أنه ينقصه شيء من العلوم الأندلسي التي كانت عنصر مهم جدا، فقمت بإنشاء متحف للكيمياء ، وبداخله أنشأت غرفة فيها نموذج لكيفية صناعة الورق في زمن الأندلس، لأن قرطبة أول بلد في أوروبا يتم فيها صناعة الورق وكان في مكتبة قرطبة في زمن الأمويين ستمائة ألف مجلد بينما مكاتب أوروبا في ذلك الوقت لم يكن بها أكثر من 200 مخطوطة، وكان الخليفة الأموي "الحَكَم الثاني " الذي تولى حكم الأندلس من عام 961م حتى عام 978م يَعد «صحبة الكتاب أحب إليه من عرشه» على ما يُروى.

وأوضحت: "الحقيقة أذكر بحدث تاريخي مهم بأن قرطبة لم تكن فقط مركز للإشعاع الحضاري لعدة قرون، ولكن أيضا ساعدت كثير على انتشار الحضارة لأنها كانت أول بلد في أوروبا لصناعة الورق ." (..) وفي ذلك الوقت كان يوجد في قرطبة600 مسجد، 900حمام،500 مدرسة، 50مستشفى، والطرق كانت معبدة مضاءة بالزيت لأن الكهرباء لم تكن موجودة ومكتشفة حين ذاك" .

واستعرضت الفاروقي في لقائها مع "دار الحياة" :" صور لمنزلها في قرطبة ودرب صغير يعطي على حائط المدنية نفسها "قرطبة" وبداخله قاعة فيها نموذج لصناعة الورق" وهناك باب يدخلك إلى بهو صغير على يمينه حائط البيت وهو حائط المدينة .

وأشارت عاشقة قرطبة إلى أنها فتحت منزلها أمام الزائرين منذ أكثر من عشرين عاما وقالـت: " تأتينا وفود لزيارة هذا المنزل، بينهم عرب مسلمون، وتجدهم لا يتحدثون العربية... بينما أحرص هنا على أن أحيي ضيوفي بتحية الإسلام.. وقد لا تصدق أنني أستقبل الوفود غير المسلمة بالقول لهم (بما أننا في مركز يعرض جوانب للثقافة الإسلامية فأنا أحييكم بتحية المسلمين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته). وصدقوني - إن شئتم أو لا - معظمهم يرد التحية الإسلامية بمثلها"..

وأوضحت بأن لديها مشاريعها المستقبلية وقالت: "أوائل العام القادم سأقوم بإعادة المؤتمر الإبراهيمي، وإعادة البذرة التي زرعها زوجي 1986 وأعيد صياغتها لكي يدرك الناس أهمية الحوار والتعايش والتي تنبع من السلام ."

ولفتت إلى أن منزلها يقع بالقرب من جامع قرطبة وقالت: جامع قرطبة كبير ولكن غير مسموح للمسلمين أن يصلوا به فلقد تم بناء كاتدرائية داخله لكن الجامع كبير ويحمله أكثر من 800 عمود فأصبح متحفا يزوره السياح. وهو مدرج في قائمة مواقع التراث العالمي، كما تصدر سنة 2007 قائمة كنوز إسبانيا الإثنى عشر، وهناك صحن المسجد الكبير وهو قطعة فنية إسلامية، ولفتت إلى أن الأندلسيين في قرطبة مازالوا يحتفظون بتقاليد عربية كثيرة، ولازالت هناك كلمات متداولة من أصل عربي، وكذلك بعض ألقاب العائلات أصولها عربية .

وعبرت الفاروقي عن إستيائها لإهمال اللغة العربية والجهل بالتاريخ الإسلامي وقالت: أن اللغة العربية هي ملكة لغات العالم فهي  لغة ثرية عدد مفرداتها يزيد على ١٢ مليون و300 ألف كلمه، وعندما مرت أوروبا بعصر الظلمات خلال القرن 15 كانت النهضة العربية والإسلامية في أوجها فتعلم الغرب ونقل من العرب العلوم والمعارف فلقد كانت العربية هي لغة العلم والمعرفة لعده قرون .

ولفتت عاشقة قرطبة إلى أن الأمير الأموي محمد بن عبد الرحمن الأوسط هو الذي بنى مدينه مدريد عام 855م، واسمها التاريخي " مجريط" أي مجرى الماء، وقالت: الكثير يجهلون هذا الأمر حتى الإسبان أنفسهم لا يعلمون ذلك، فتجهيل الناس بالحقائق التاريخية متعمد .

 وفي ختام المقابلة أوضحت السيدة سلمى التاجي الفاروقي أن طلاب عدد من الجامعات الأمريكيه يأتون لزيارة الأندلس لمدة عام، وذلك وفق برنامج دراسي لتعلم اللغة الإسبانية، ويأتون لزيارة البيت الذي أصبح مزاراً وقبلة للسائحين ضمن الخريطة السياحية في الأندلس.