وفاة لي اياكوكا

مشاركة
واشنطن_شــــــريف عثمــــان 06:33 م، 08 يوليو 2019

شــــــــريف عثمــــــــــان

على غلاف المجلة الأميركية، ظهرت قبل أربعين سنة صورة عبقري زمانه في الإدارة، حيث أجرى حواراً مطولاً مع المجلة، كان أهم ما جاء فيه النصيحة التي دأب على تلقينها لصغار الموظفين الذين يبدأون حياتهم العملية في الشركات التي أدارها "كن جميلاً، اشعر بالذنب، وامش جنب الحائط"، ليعقبها بقوله "لو كانت هناك نصيحة لإيجاد مستقبل ردئ، لابد أن تكون تلك هي"!

مات لي اياكوكا، بعد حياةٍ حافلة، امتدت لأربعة وتسعين عاماً، ترأس خلالها عمليات اثنتين من أكبر ثلاث شركات لصناعة السيارات، إحدى أهم دعامات الصناعة الأميركية في فترة السبعينات والثمانينات، وهو ما لم يفعله أي شخص آخر في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. مات في منزله في مدينة بل اير، بولاية كاليفورنيا، وقالت عائلته أنه كان يعاني من مرض الشلل الرعاش.

وقَدِمَ اياكوكا طفلاً مع والديه من ايطاليا، ليستقر في ولاية بنسلفانيا، وليفتح والده مطعماً صغيراً لبيع سندوتشات ال hot dogs شديدة الجاذبية في ذلك الوقت، وليتخرج من مدرسته الثانوية بمرتبة الشرف، وليلتحق بعدها بجامعة ليهاي، ليحصل منها على شهادة في الهندسة الصناعية، ويحقق العديد من النجاحات بعدها، حتى أن البعض رشحه لدخول انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 1988.

سلك اياكوكا طريقه داخل شركة فورد، حتى ترأسها قبل أن يتم السابعة والأربعين من عمره، في وقتٍ لم يكن هناك رئيس شركة في الولايات المتحدة لا يغطي شعره اللون الرمادي، وكان له العديد من البصمات هناك، أهمها تقديمه للسيارة فورد موستانج، إحدى أكثر السيارات جاذبية للمواطن الأميركي الشاب حتى وقتنا هذا، قبل أن يتم طرده من الشركة في عام 1978، على يد حفيد مؤسسها، هنري فورد الثاني.

لم يستسلم اياكوكا بعد طرده من فورد، حيث تولى مهمة إنقاذ منافستها كرايسلر من الانهيار، بعد أن تمكن من الحصول على قرض حكومي بمبلغ 1.5 مليار دولار، استطاع رده بعد أربع سنوات فقط، أي قبل موعد سداده بسبع سنوات كاملة. وقاد اياكوكا حملات إعلانية للشركة، شارك بنفسه فيها، وأقنع الجميع بأهمية كرايسلر للاقتصاد القومي الأميركي، وبخطورة تركها للفشل، فلم تستطع كرايسلر بعد ذلك مواكبة طلبات الشراء، وظهرت كشوف انتظار المشترين، لتتمكن من تحويل خسارتها في عام 1980، أول عام بعد توليه رئاستها، بمبلغ 1.7 مليار دولار، إلى ربحية بمبلغ 2.4 مليار دولار في غضون أربع سنوات فقط، ثم لتصل مبيعاتها إلى ما قيمته أكثر من 26 مليار دولار في عام 1987.

لكن في عام 1987، جاء الاثنين الأسود، لتنهار أسعار الأسهم حول العالم، ولتظهر اليابان، التي كانت عائدة للتو من الهزيمة الطاحنة في الحرب العالمية الثانية، لتغرق العالم بسيارات هوندا وتويوتا منخفضة التكاليف وقليلة الاستهلاك للوقود. وحاولت شركات صناعة السيارات الأميركية الوقوف أمام الغزو الياباني، إلا أن الركود الذي ساد وقتها لم يُمكن الكثير منها من البقاء.

حاول اياكوكا المقاومة، وأقنع الكونجرس الأميركي بتوفير الحماية للشركات الأميركية، أمام السيارات اليابانية المستوردة، لكن اليابان ردت بإنشاء مصانع لسياراتها داخل الولايات المتحدة، ليستسلم اياكوكا بعدها، ويعلن تقاعده في عام 1992.

[email protected]