في تحذير شديد اللهجة يصدح في أروقة الدبلوماسية الدولية، دعا وزير الخارجية الصيني، وانج يي، إلى صياغة "اتفاق دولي جديد" لمعالجة القضية النووية الإيرانية، موجهاً اتهامات مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل بزعزعة استقرار الشرق الأوسط عبر العمليات العسكرية المتكررة التي تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي في باريس، تؤكد التزام بكين بتقديم نفسها كوسيط أساسي على الساحة العالمية، وتحذر من عواقب وخيمة قد تدفع المنطقة نحو "كارثة نووية".
اقرأ ايضا: ضوء أخضر مشروط: ترامب "لا يمانع" ضربات إسرائيلية محتملة ضد إيران
وتعكس تصريحات وانج يي تصاعداً في الانتقادات الصينية الموجهة لواشنطن وتل أبيب عقب الضربات الأخيرة التي استهدفت أفراداً ومنشآت نووية إيرانية.
وشدد الوزير الصيني على أن "الصراع العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران يجب ألا يتكرر"، مؤكداً أن "الحرب ليست حلاً للمسألة النووية الإيرانية، والضربات الاستباقية تفتقر بوضوح إلى الشرعية".
وندد وانج بشكل قاطع بشن ضربات جوية على منشآت نووية تابعة لدولة ذات سيادة، واصفاً ذلك بـ"السّابقة السيئة" التي قد تؤدي إلى "كارثة نووية يتحمل العالم بأسره عواقبها".
كما رفض وانج يي مفهوم "السلام من خلال القوة" الذي تتبناه واشنطن وتل أبيب، واصفاً إياه بـ"سياسة القوة" التي تفتح "صندوق باندورا" وتدعس على مبادئ العدالة والقواعد الدولية.
وتساءل: "كيف يمكن للدول الأضعف، خصوصاً الدول الصغيرة والمتوسطة، أن تتعامل مع هذا الوضع؟ هل مصيرها أن تُقدَّم على الطاولة وتُذبح متى شاء الأقوياء؟".
وتؤكد الصين دعمها لحل سياسي ودبلوماسي للملف النووي الإيراني، ساعية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (JCPOA) التي انسحبت منها الولايات المتحدة عام 2018. ورغم عدم الإشارة الصريحة إلى اتفاق جديد، دعت بكين إلى حوار متعدد الأطراف للحفاظ على إطار الاتفاق النووي، أو التوصل إلى "حل مقبول من جميع الأطراف".
وفي سياق أوسع، ربط وانج القضية الإيرانية بقضايا الشرق الأوسط الأخرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. مجدداً دعم الصين للفلسطينيين، أكد وانج أن الأزمة الإنسانية في غزة يجب ألا تستمر، وأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الاضطراب في المنطقة.
وفي رسالة موجهة إلى فرنسا، دعا وانج باريس للعمل مع بكين من أجل "الدفاع عن العدالة، وتحمل المسؤولية، ودعم تسوية النزاعات عبر الحوار والتفاوض، ورفض الكيل بمكيالين".
وفي تطور لافت يكشف عن عمق الاستراتيجية الصينية، كشف مسؤول مطلع لشبكة CNN أن وانج يي أبلغ المنسقة العليا لشؤون السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن بكين "لا يمكنها قبول خسارة روسيا حربها ضد أوكرانيا".
اقرأ ايضا: "السويداء المشتعلة".. سوريا وإسرائيل نحو "اتفاق" ينهي "الاشتباك الدامي"
هذا التصريح، الذي يتناقض مع الموقف المعلن لبكين بتبني "الحياد"، يشير إلى أن الصين قد تفضل إطالة أمد الحرب في أوكرانيا لإبقاء الولايات المتحدة منشغلة وتأخير مواجهتها مع بكين، مما يؤكد أن للصين رهانات جيوسياسية أكبر بكثير في هذا الصراع مما تعترف به رسمياً.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com