لأول مرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر منذ ما يقرب من ستة أشهر، دبت الحياة مجددًا بمدينة غزة، بعد عودة مخابز للعمل ذلك بمساعدة برنامج الأغذية العالمي.
وظل الفلسطينيون يعانون من توقف عمل المخابز بسبب القصف الإسرائيلي المتكرر للمخابز في ظل حربها الواسعة على القطاع منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ دمرت إسرائيل جزءًا كبيرًا من الأراضي بالتزامن مع حدوث كارثة إنسانية.
ومنذ بداية القصف الإسرائيلي على غزة، اعتمد الفلسطينيون في إعداد الخبز على النار والأفران الطينية.
فرحة كبيرة بعد الحصول على ربطة خبز شمال القطاع
— Ahmed Shoeib (@ahmad_shoeib) April 16, 2024
بعد تشغيل المخابز... pic.twitter.com/WIAwknKvwv
وخلال حديثه مع وكالة "رويترز"، قال عبد الرحمن الجدبا، ممسكًا بكيس من الأرغفة الطازجة، إنه شعر بالارتياح لأنه سيتمكن من إطعام أطفاله، واصفًا كيف اضطر إلى إعطائهم خبزًا مصنوعًا من الدقيق الممزوج بالرمل.
وأضاف الجدبا أن سعر كيس الخبز الذي اشتراه كان 5 شيقل (1.35 دولار)، لافتًا إلى أنه قبل عشرة أيام كان سيكلفه 20 ضعف هذا المبلغ.
ويعاني أكثر من 70 في المائة من الغزيين في شمال غزة من سوء التغذية الحاد بسبب الحصار وشح المساعدات التي تتمكن للدخول إلى شمال القطاع، وذلك وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
وفي بيان له أمس، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه تمكن من إيصال الوقود والدقيق إلى المدينة الواقعة شمال القطاع، ما سمح للمخبز بالعمل مرة أخرى، إذ ساهم البرنامج في إعادة عمل ثلاثة مخابز على الأقل في مدينة غزة.
من جانبه، قال عامل في أحد المخابز ويدعى معتز عجور إن مخبزه ظل متوقفًا عن العمل لمدة 170 يومًا حتى حصوله على مساعدات برنامج الأغذية العالمي.
وأضاف: "هناك عدد كبير من الناس ينتظرون في الخارج في الطابور، ونأمل من الله أن تكون هناك مخابز أخرى تساعدنا في شمال غزة".
واصطف آلاف الفلسطينيين، أمام المخابز، في طوابير طويلة لشراء الخبز في مدينة غزة المدمرة، فور الإعلان رسميًا عن إعادة العمل مرة أخرى للحصول على بضعة كيلوغرامات من الخبز الجاهز للطعام.
وعبر مواطنون في غزة عن فرحتهم بتناول الخبز الأبيض لأول مرة من المخابز بعد الحرب، ونشر حساب يحمل اسم أحمد شعيب صورته مبتسمًا مع أول ربطة خبز في شمال القطاع.
وأظهرت وسائل إعلام محلية مشاهد للطوابير المزدحمة على الخبز في مدينة غزة، وعلق المسؤولون الفلسطينيون بالقول إن قطاع غزة كان به قبل الحرب نحو 140 مخبزًا توفر الخبز لغالبية السكان، فيما عد متحدث باسم برنامج الأغذية أن مساعدات الوقود والدقيق قد تكفي لأربعة أيام.
وأشرف برنامج الأغذية العالمي على تجهيز المخابز من خلال توفير الغاز والدقيق وإعادة إصلاح الماكينات الإلكترونية لإنتاج الخبز.
وأكد البرنامج أن فتح هذه المخابز الثلاثة يأتي خطوة تجريبية بعد الحصول على الموافقة من إسرائيل والتي من شأنها تخفيف الأزمة الغذائية لدى السكان المحليين في المدينة.
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه يستخدم طريقًا منسقة جديدة لإيصال المساعدات إلى شمال غزة، حيث قام بتسليم أكثر من 1300 طن من الطرود الغذائية ودقيق القمح من خلال تسع قوافل.
من جانبه، قال متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي: "نجح برنامج الأغذية العالمي في توصيل وقود يكفي لمدة 4-5 أيام ودقيق قمح إلى مخبز في مدينة غزة لإنتاج 14 ألف سلة خبز يوميًا، وهي أول عملية تسليم منذ بداية الحرب".
وتؤكد مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن هناك مجاعة بالفعل في أجزاء من قطاع غزة، إذ يعني التصنيف الرسمي للمجاعة أن ما لا يقل عن 20% من السكان يتأثرون بالنقص الشديد في الغذاء، وبالإضافة إلى ذلك، يعاني طفل واحد على الأقل من كل ثلاثة أطفال من سوء التغذية الحاد.
وللشهر السادس على التوالي، يواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة برًا وجوًا وبحرًا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 32 ألف فلسطيني 70 % منهم من الأطفال والنساء، وفقًا لآخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في غزة.
وتفرض إسرائيل حصارًا شاملاً على القطاع ومنعت إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية عن أكثر من 2.3 مليون شخص هم إجمالي سكان القطاع.
وبفعل حربها البربرية على القطاع، تواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من حلفائها الغربيين لوقف الهجوم العسكري في غزة الذي أدى إلى تدمير جزء كبير من القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.