اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الاثنين، إسرائيل بعدم تطبيق قرارات محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا الشهر الماضي.
وفي بيان لها، أعلنت المنظمة أن الحكومة الإسرائيلية لم تلتزم بإجراء واحد على الأقل في الأمر الملزم قانونًا الصادر عن محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية.
اقرأ ايضا: "هيومن رايتس ووتش" تطالب واشنطن بتعليق نقل الأسلحة لإسرائيل
وفي 26 يناير الماضي، أمرت المحكمة، إسرائيل باتخاذ تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، وأن تفعل كل ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية، وتقديم تقرير عن امتثالها للقرارات خلال شهر واحد.
"هيومن رايتس ووتش"، أكدت أنه "بعد مرور شهر، تواصل إسرائيل عرقلة توفير الخدمات الأساسية ودخول وتوزيع الوقود والمساعدات المنقذة للحياة داخل غزة، وهي بمثابة عقاب جماعي، ترقى إلى مستوى جرائم حرب وتشمل استخدام تجويع المدنيين كسلاح من أسلحة الحرب".
وأضافت المنظمة أنه في الأسابيع العديدة التي تلت صدور الحكم، مقارنة بالأسابيع التي سبقته "دخل عدد أقل من الشاحنات إلى غزة، وتم السماح لعدد أقل من بعثات الإغاثة بالوصول إلى شمال غزة، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)".
من جانبه، قال مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش، عمر شاكر، إن "الحكومة الإسرائيلية تقوم بتجويع 2.3 مليون فلسطيني في غزة، مما يعرضهم لخطر أكبر مما كانوا عليه قبل أمر المحكمة الدولية الملزم".
وأضاف شاكر: "لقد تجاهلت الحكومة الإسرائيلية ببساطة حكم المحكمة، وفي بعض النواحي كثفت قمعها، بما في ذلك عرقلة المساعدات المنقذة للحياة".
وطالبت "هيومن رايتس ووتش"، المجتمع الدولي باستخدام جميع أشكال النفوذ، بما في ذلك العقوبات والحظر، للضغط على الحكومة الإسرائيلية للامتثال لأوامر المحكمة الملزمة في قضية الإبادة الجماعية.
وتتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل متسارع وخطير في قطاع غزة المحاصر بآلة الحرب والدمار الإسرائيلية منذ ما يصل إلى 142 يومًا.
ووفقًا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي فإن أكثر من ربع سكان غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية، وسط تحذيرات من أن 90 في المائة من الأطفال يعانون سوء التغذية.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن، يوم الثلاثاء الماضي، أنه أوقف مؤقتًا تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال القطاع حتى تسمح الظروف بتوزيع آمن.
وأوضح البرنامج الأممي - في بيان - أن قرار وقف تسليم المساعدات إلى شمال قطاع غزة لم يُتخذ استخفافًا؛ بل بسبب عدم توفر ظروف آمنة لإيصال وتوزيع المساعدات، حيث يتم استهداف الشاحنات في بعض الأحيان، وكذلك استهداف المواطنين خلال انتظارهم وصولها.
ويزداد الوضع مأساوية في مختلف محافظات القطاع، في ظل نقص المواد الغذائية وشح المياه النظيفة والخدمات الطبية، إذ يعاني سكان شمال القطاع المحاصر، حيث لا يحصل نحو 800 ألف مواطن على أي مساعدات، ويواجهون شبح المجاعة، حتى أن كثيرين منهم لجأوا إلى طحن علف الحيوانات للحصول على دقيق للبقاء على قيد الحياة، لكن حتى مخزونات تلك الحبوب تتضاءل الآن.
وفي السياق، أكد المتحدث باسم "الهلال الأحمر الفلسطيني" في قطاع غزة، رائد النمس، أن تقارير وزارة الصحة والجهات الحكومية تؤكد تسجيل وفيات بين الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، نتيجة الجوع وعدم الحصول على غذاء.
وفي تصريحات له، قال النمس: "الجيش الإسرائيلي يمنع الإمدادات من الوصول لمنطقة الشمال وغزة، سواء غذائية أو صحية أو حتى إغاثية".
وأضاف: "هناك مشكلة في الحصول على المياه والغذاء والعلاج، وبالتالي خطر الموت يزداد نتيجة سياسة التجويع، وخصوصًا في صفوف الأطفال وضعيفي المناعة".
النمس قال أيضًا: "كان متوسط دخول الشاحنات ما بعد التهدئة بفترة 80 شاحنة، وكنا نطالب بزيادة عددها لتتناسب مع الوضع المأساوي وحجم الأضرار؛ لكن تم تقليصها، وخلال الفترة الأخيرة نشهد تراجعًا في أعداد الشاحنات".
بموازاة ذلك، حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، من أن الوضع في قطاع غزة من سيئ إلى أسوأ، على الأصعدة كافة.
وأوضحت أن المستشفيات لا تعمل كما يجب، وأنه لا يعمل سوى ما بين 6 أو 7 من أصل 22 مركزًا طبيًا وصحيًا تابعًا لـ"الأونروا".
وأضافت: "في الشمال الوضع مأساوي، فالوصول لهذه المناطق أصبح تحديًا كبيرًا، وكل المعطيات تشير إلى بدء ظهور شبح المجاعة في هذه المناطق".
وتابعت: "ما يصل من مساعدات ليس كافيًا، وما بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) كانت هناك 61 محاولة لندخل المساعدات للشمال، ونجحنا في 12 مرة فقط في إدخالها وبكميات ليست كافية".
ويواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة برًا وجوًا وبحرًا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 29 ألف فلسطيني 70 % منهم من الأطفال والنساء، وفقًا لآخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في غزة.
وتفرض إسرائيل حصارًا شاملاً على القطاع ومنعت إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية عن أكثر من 2.3 مليون شخص هم إجمالي سكان القطاع.
اقرأ ايضا: 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
وبفعل حربها البربرية على القطاع، تواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من حلفائها الغربيين لوقف الهجوم العسكري في غزة الذي أدى إلى تدمير جزء كبير من القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.