تفاصيل مثيرة عن لقاء الملك حسين وغولدا مائير

"جرح دام ينزف منذ 50 عامًا".. إسرائيل تفرج عن أرشيف حرب أكتوبر "السري"

مشاركة
صورة أرشيفية لحرب أكتوبر صورة أرشيفية لحرب أكتوبر
وكالات-حياة واشنطن 04:03 م، 07 سبتمبر 2023

بعد مرور نحو 50 عامًا على حرب أكتوبر 1973، والانتصار المصري الكبير فيها، أفرجت إسرائيل، اليوم الخميس، عن أرشيف يتضمن مجموعات شاملة من آلاف الوثائق وصور فوتوغرافية وتسجيلات صوتية وفيديوهات مصورة، تكشف بعمق عن الطريقة التي أدارت بها الحرب وأيضًا أبرز أخطائها الاستخباراتية.

هيئة الأرشيف الإسرائيلي أوضحت أنها "مع انتهاء فترة التقادم (50 عامًا) التي حددها القانون بشأن الاطلاع على هذه المواد، عملت أرشيفات الدولة على الكشف عن أكبر عدد ممكن من المواد التي يمكن إتاحتها للجمهور وتوحيدها في هذه المجموعة".

اقرأ ايضا: "لارتكاب جرائم حرب".. "الجنائية الدولية" تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

وسبق للهيئة أن نشرت في سنوات ماضية وثائق عن الحرب، ولكنها أوضحت أن المجموعة الجديدة هي المتكاملة، وفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية.

الأرشيف الإسرائيلي أتاح على موقعه نحو 3500 آلاف من الملفات، تشمل مئات الصفحات ونحو 1400 وثيقة رسمية و1000 صورة و750 تسجيلًا صوتيًا ومداولات حكومية و8 فيديوهات، جميعها متوفرة باللغة العبرية فقط حتى الآن.

وبحسب الوثائق، لم تتوقع إسرائيل الهجوم المصري السوري، على الرغم من "الدلائل الصارخة" على أن جيشي البلدين يستعدان لحرب، على حد تعبيرها.

الوثائق أشارت كذلك إلى أن تل أبيب كانت ترى أن مصر لن تشن هجومًا إلا إذا اكتسبت أولاً القدرة على شل سلاح الجو الإسرائيلي.

وفي 5 أكتوبر 1973، أي قبل قبل يوم من بدء الحرب، قال مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلي، إيلي زعيرا، لرئيس الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير: "أعتقد أنهم ليسوا على وشك الهجوم، ليس لدينا دليل".

وفي تقييم آخر بعد ساعات، كرر زعيرا ورئيس الأركان الإسرائيلي ديفيد إلعازار موقفهما بأن سوريا ومصر على الأرجح يخططان لهجوم محدود أو حتى مجرد نشر قوات دفاعية.

وفي صباح اليوم التالي، وتحديدًا قبل بدء الحرب بـ6 ساعات ونصف الساعة، تلقت غولدا مائير رسالة من رئيس الموساد مفادها بأن "الحرب على وشك الانطلاق".

وعقب ذلك تركز النقاش، حول إمكانية إطلاق إسرائيل ضربات استباقية على غرار عام 1967، وذلك قبل شروع مصر وسوريا في الهجوم، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشى ديان، قال: "لا نستطيع السماح بتنفيذ ضربات استباقية الآن لدواع دبلوماسية".

بدورها، قالت غولدا مائير إن "الضربات الاستباقية مغرية، لكن العالم يظهر وجهه الغاضب لنا ولن يصدقنا أحد".

وبينما دعا وزير بالحكومة إلى تسريب معرفة إسرائيل بخطة الهجوم إلى وسائل الإعلام في ذلك اليوم، دعمت مائير تسريب المعلومات فقط إلى الدبلوماسيين الأجانب، وانتهى بها الأمر بإخطار السفير الأمريكي لدى تل أبيب آنذاك كينيث كيتنج.

وطلبت مائير من كيتنج خلال اجتماعهما نقل رسالة إلى مصر مفادها بأن إسرائيل مستعدة لصد أي هجوم وليس لديها شك في أنها ستنتصر، بحسب ماجاء في إحدى الوثائق.

وعندما سأل كيتنج عما إذا كانت إسرائيل ستضرب بشكل استباقي، أجابت مائير بأنها لن تفعل ذلك. وبعد يوم واحد من اندلاع الحرب، اعترف دايان لمائير بأن تقييماته كانت "خاطئة".

يذكر أن مصر تمكنت من تحرير شبه جزيرة سيناء في حين لا تزال إسرائيل تحتل أجزاء واسعة من مرتفعات الجولان السوري.

ووصف الأرشيف الإسرائيلي الحرب بأنها "جرح دام ينزف منذ 50 عامًا".

(لقاء غولدا مائير الملك حسين)

من جانبها، نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، تفاصيل أخرى عن تلك الوثائق تنشر، والتي تكشف تفاصيل اللقاء الذي جمع رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، والعاهل الأردني الراحل الملك حسين.

وفي تفاصيل، فإن اللقاء بين مائير والملك حسين، التي كشفت عنه الوثائق، جرى في الـ25 من سبتمبر 1973، أي قبل أيام من اندلاع الحرب، حيث عقد في منشأة للموساد خارج تل أبيب.

وكان اللقاء بطلب من الملك حسين "الذي أراد أن يكشف لإسرائيل معلومات استخباراتية حول نوايا سوريا لشن حرب لاستعادة مرتفعات الجولان" التي استولت عليها إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967.

هذه ليست المرة الأولى التي يكشف فيها عن عقد اللقاء بين مائير والملك حسين، ولكن هذه المرة الأولى التي تكشف فيه الوثائق تفاصيل الاجتماع والتي كتبها رئيس مكتب رئيسة الوزراء حينها إيلي مزراحي.

وصدرت مذكرات رئيس مكتب رئيس الوزراء مزراحي التي نشرت أجزاء منها في السابق كاملة ضمن إصدار يضم 3500 ملف تحتوي على مئات الآلاف من الصفحات التي ينشرها أرشيف الدولة على موقعه الإلكتروني.

وتظهر الوثائق أنه تم الإشارة للملك حسين بلقب "ليفت" أي "المصعد أو الرافعة" للتغطية على هويته، إذ ذكرت حرفيًا: "أخبرنا ليفت خلال المحادثة أنه تم إبلاغه من مصدر فائق الحساسية أن جميع الاستعدادات بخصوص عملية سورية قد اكتملت، وأن جميع الوحدات كانت في مواقعها بالفعل لمدة يومين بما في ذلك القوات الجوية والصواريخ".

وأضاف مزراحي أن هذه "الاستعدادات كانت تحت غطاء التدريبات، ولكن حسب المعلومات التي وصلت سابقًا من الواضح أن هذه تحضيرات لمواقع الإطلاق".

وسألت مائير حينها ما إذا "كان من المحتمل أن يهاجم السوريون حتى من دون تعاون كامل مع المصريين.. فأجاب المصدر لا أعتقد ذلك سيتعاونون حتمًا".

وأشارت "هآرتس" إلى أن هذا هو "التحذير الثالث خلال ثلاثة أشهر الذي وجهه الأردنيون لإسرائيل قبل الحرب، ومع ذلك فقد فشلت أيضًا في إقناع الحكومة بالاستعداد".

المؤرخ البروفيسور أوري بار يوسف، قال في كتاب بعنوان "التعافي" إن رئيس المخابرات العسكرية، اللواء إيلي زيرا حينها "رفض تحذيرات الملك"، وقال إن المعلومات "غير كافية"، كما قالت الاستخبارات العسكرية لصناع القرار إنه "لا جديد في المعلومات التي كشف عنها الملك حسين، ويمكن اعتبارها بمثابة إنذار".

وقالت الصحيفة العبرية، إنه ما زالت هناك صفحات كثيرة مخفية لأسباب تتعلق بأمن وعلاقاتها الخارجية أو حماية خصوصية الفرد، بعضها ستفتح فقط بعد أربعين سنة عندما سيكون مر تسعين سنة على اندلاع الحرب، مثلًا، مما جاء في مذكرات مزراحي يمكن الفهم بأنه يمكن أن تكون إسرائيل قد أرسلت للملك حسين برقيات أخرى، حتى أثناء الحرب، لكن المعلومات عن ذلك ما زالت مخفية. 

وأضافت الصحيفة العبرية، نقلًا عن وثائق أخرى في المجموعة، أنه إلى جانب لقب "ليفت" الذي استخدمته إسرائيل لوصف الملك حسين في الوثائق السرية، فقد تم إلصاق بملك الأردن لقب آخر وهو "ينوكا" (طفل بالعبرية)، وذلك بسبب حقيقة أنه تم تتويجه قبل إكماله الـ 17 سنة من عمره. 

اقرأ ايضا: لقاء بايدن وترامب.. ماذا قيل عن "حرب غزة" في أروقة البيت ألأبيض؟

هذا اللقب ظهر في وثيقة أرسلها المدير العام لمكتب رئيس الحكومة، مردخاي غازيت، إلى السفير الإسرائيلي في واشنطن سمحا دنيس، في حزيران 1973، قبل بضعة أشهر على اندلاع الحرب.