اتهم مصدر لبناني رفيع المستوى، واشنطن بالسعي إلى "تركيع لبنان"، عبر منع مصر والأردن من مد لبنان بالغاز والكهرباء، إضافة إلى الإيعاز لشركات عالمية بالتباطؤ في استخراج الغاز لمصلحة الدولة اللبنانية، حسب ما كان مقررًا وفقًا لاتفاق ترسم الحدود البحرية المبرم بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أمريكية.
ولفت المصدر اللبناني - في تصريحات خاصة لـ "الحياة واشنطن" - إلى أن هذا السلوك الأمريكي سببه موقف واشنطن من "حزب الله"، الذي لن يسمح باستخراج الغاز من حقل "كاريش" لمصلحة إسرائيل، طالما ظل استخراج الغاز لمصلحة لبنان مُعطلاً.
اقرأ ايضا: "هيومن رايتس ووتش" تطالب واشنطن بتعليق نقل الأسلحة لإسرائيل
وقال إن "الإدارة الأمريكية تريد خنق لبنان بسبب مواقفها من حزب الله، إذ أن لبنان وافق على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل مقابل السماح ببدء التنقيب عن الغاز داخل حدوده".
وأشار إلى أن واشنطن "وعدت بأنه فور إبرام اتفاقية ترسيم الحدود مع إسرائيل، فإنها ستسمح باستجرار الغاز المصري إلى لبنان من أجل حل أزمة الكهرباء وذلك عبر خطوط الغاز الممتدة في الأراضي السورية، لكنها تراجعت ولم تلتزم بوعودها".
وحول ما يتردد عن أن البنك الدولي رفض تمويل ملف استجرار الغاز المصري إلى لبنان وأنه لا دخل للإدارة الأمريكية بالأمر، أجاب: "واشنطن هي التي أوعزت للبنك الدولي بوضع شروط تعجيزية مقابل تمويل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وكلنا يعلم أن البنك الدولي خاضع لنفوذ واشنطن، وهو يرفض التمويل بذريعة أن الأمر يتطلب من الحكومة اللبنانية القيام بإصلاحات يصعب تنفيذها، كونها مازالت بعيدة المنال".
وكشف المصدر أن مصر أبلغت لبنان رسميًا بعدم تمكنها من إمداد لبنان بالغاز، بسبب رفض الولايات المتحدة على خلفية "قانون قيصر" الأمريكي الذي يُعاقب لبنان بحجة علاقات حزب الله مع النظام السوري، وكذلك تم تعطيل مد لبنان بالكهرباء عبر الأردن.
وقال المصدر: "في الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، إلى القاهرة على هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب، تساءل بوحبيب عن أسباب تراجع مصر عن وعودها بإمداد لبنان بالغاز، فأوضح المسؤولون المصريون، أنهم أرسلوا طلبًا إلى واشنطن قبل البدء في إجراءات إمداد لبنان بالغاز، لكن الإدارة الأمريكية لم توافق ورفضت طلب مصر، بسبب معاقبة لبنان، وفقًا لقانون القيصر".
وأضاف : "الأمريكيون يريدون تركيع لبنان بسبب حزب الله"، مشيرًا إلى أن "هبة النفط الإيرانية المجانية كان من المفترض أن تشمل إمداد لبنان بالغاز لتشغيل مصانعه، لكن واشنطن رفضت تمامًا ذلك الأمر في حينها، وأكدت أنها لن تسمح به، واقترحت حينذاك أن تمدنا مصر بالغاز والأردن بالكهرباء (..) لكنها تراجعت".
ولفت المصدر إلى أن إسرائيل بدأت بالفعل في التنقيب على الغاز في حقل "كاريش"، بينما إلى الآن لم يبدأ لبنان بالتنقيب على الغاز في حقل "قانا"، بسبب تباطؤ شركة "توتال" الفرنسية التي مُنحت حق التنقيب عن الغاز والحفر في "قانا"، مرجحًا أن يبدأ التنقيب في غضون شهرين وربما ثلاثة أشهر.
وعزا المصدر هذا التباطؤ والتأخير في بدء أعمال الشركة إلى "ضغوط أمريكية"، لافتًا إلى أن شركة "بلاك روك" الأمريكية العملاقة تمتلك حصة كبيرة من أسهم شركة "توتال".
وأوضح أن الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله، حذر من استمرار هذا الحصار الأمريكي للبنان، وقال: "في حال لم يتم السماح لنا بالتنقيب في حقل قانا فلن يكون هناك تنقيب في حقل كاريش"، لافتًا إلى أن نصرالله أرسل طائرتين مسيرتين حلقتا فوق حقل كاريش، في رسالة مفادها بأنه "لن يكون هناك تنقيب بدون حرب".
اقرأ ايضا: "روشتة أمريكا لإنهاء الحرب".. هذه بنود مسودة الاتفاق بين إسرائيل ولبنان
ورأى المصدر أن واشنطن تريد أن تنتقم من لبنان بسبب "حزب الله"، ودعمه لأنصاره في العراق، وكذلك الحوثيين في اليمن.