ظلت قناة "الجزيرة" القطرية رأس الرمح في الهجوم القطري على الرباعي العربي (السعودية ومصر والامارات والبحرين)، إبان فترة المقاطعة، وباتت المؤشر الأكثر وضوحا لقياس إمكانية نجاح المصالحة، التي تم إعلانها خلال قمة "العلا" التي استضافتها المملكة العربية السعودية، الشهر الجاري، بعد شهور من المفاوضات مثلت فيها السعودية دول الرباعي.
وأفادت تقارير بأن التفاهمات التي تم على أساسها إعلان المصالحة، من بينها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومن بينها تغيير سياسيات "الجزيرة" في تغطية الشؤن الداخلية لدول الرباعي، لكن مسؤولين قطريين أكدوا أن قناة "الجزيرة" مستقلة، ولا يمكن التدخل في تغطيتها.
لكن الواقع يقول غير ذلك، فالاستقلالية اختفت وحدث اختلاف دراماتيكي في تغطية "الجزيرة" للشأن السعودي، فتوارت أخبار مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، واختفى ملف الانتهاكات الحقوقية في المملكة، لتبرز إنجازات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في إقامة مشاريع عدة في بلاده، وتحولت سياسياته المنفتحة من مثار للانتقاد والهجوم، إلى مجال للثناء والإشادة.
أما في مصر، حافظت الجزيرة على "استقلاليتها"، ولم تغير سياساتها في تغطية الشأن المصري، إذ ظلت تعتبر انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي وعزل الرئيس الراحل محمد مرسي، "انقلابا"، واحيت القناة الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير من العام 2011، بتقارير تحدثت عن "اعتقال" شباب الثورة، وركزت على مصطلحات مثل "المعتقلين السياسيين" و "الانتهاكات في السجون"، معتبرة أن الرئيس السيسي لم يف بوعودة بعد كل هذه السنوات في السلطة.
وكانت مصر وقطر قررتا استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، واستأنفت السفارة المصرية في الدوحة أعمالها بشكل مباشر، على مستوى "قائم بأعمال".
وتحدثت تقارير صحفية مصرية عن أن قطر تعهدت بتغيير سياسة قناة "الجزيرة" وعدم التدخل في شؤون مصر.
وقال مصدران من المخابرات المصرية لوكالة "رويترز" إن مسؤولا من وزارة الخارجية القطرية، تعهد لمصر خلال اجتماع مع مسؤولين من مصر والإمارات، يوم السبت الماضي، بألا تتدخل الدوحة في شؤون مصر الداخلية.
وأضاف المصدران أنه تعهد كذلك بتغيير في توجه قناة تلفزيون "الجزيرة" القطرية ووسائل إعلام حكومية أخرى تجاه القاهرة.
لكن وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كان قال إن قناة "الجزيرة" مؤسسة مستقلة ولا أحد يتدخل في عملها.
وأعادت مصر فتح مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية يوم 12 يناير الجاري، واستؤنفت رحلات الطيران بين البلدين. وكان إنهاء المقاطعة واحدا من سلسلة اتفاقات رتبتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بهدف تشكيل جبهة موحدة في مواجهة إيران.