بايدن رئيساً : تحديات داخلية وسياسات خارجية تُناقض إرث ترامب

مشاركة
بايدن ونائبته كامالا هاريس بايدن ونائبته كامالا هاريس
واشنطن - دار الحياة 10:48 م، 20 يناير 2021

بعد أشهر عصيبة عاشتها المؤسسات الأمريكية، وخيارات مفتوحة بُحثت على طاولات الساسة في واشنطن، إثر توتر غير مسبوق خلفه رفض الرئيس السابق دونالد ترامب الإقرار بهزيمته، بدأ الرئيس جو بايدن حقبة جديدة، سيواجه فيها تحديات عدة، على الصعيد الداخلي، أبرزها لملمة تبعات الانقسام غير المسبوق الذي خلفه ترامب، وآمال على المستوى الخارجي، لاستعادة الولايات المتحدة دورها على الصعيد الدولي، والانخراط مُجددا في حل الأزمات الدولية والاقليمية بدلا من تعقيدها.

وكان الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، أدى اليوم الأربعاء، اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة، خلفا لدونالد ترامب، الذي خسر الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر الماضي، لكنه رفض الاعتراف بالنتائج، وأثار عاصفة من الانتقادات، بعد اقتحام أنصاره مبنى "الكابيتول"، في 6 يناير الجاري، بالتزامن مع التصويت على نتائج الانتخابات، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص بينهم ضابط.

وغاب ترامب عن حفل التنصيب، الذي نظم في مبنى الكونغرس، لكن نائبه مايك بنس حضره.

وألقت الأحداث التي شهدتها الولايات المتحدة في الشهرين الأخيرين، بظلالها على خطاب بايدن، إذ اعتبر أن "الولايات المتحدة تحتفل بالديمقراطية اليوم"، ودعا إلى توحيد الأمة الأمريكية.

وانتقد ضمنا سياسات سلفه، إذ قال إن أمريكا لديها الكثير لتصلحه والكثير لتسترده، كما دعا إلى مواجهة صعود دعاة تفوق العرق الأبيض والإرهاب المحلي.

وهو غمز من قناة اتهام ترامب بالكذب على الشعب الأمريكي أكثر من مرة خلال ولايته الوحيدة، وتعهد الرئيس الجديد "بقول الحقيقة دائماً وأبدا".

ويواجه الرئيس الأميركي السادس والأربعين، وهو أكبر الرؤساء سنا (78 عاما)، أوضاعا مضطربة داخليا، في ظل ما أحدثه ترامب من انقسام غير مسبوق بين الأمريكيين، تجلى في أبشع صوره في اقتحام مبنى الكابيتول، فضلا عن المضي في إجراءات محاكمة ترامب، وما قد تُخلفه من انقسام في مجلس الشيوخ، فيما الاقتصاد الأمريكي يقاوم تبعات تفشي وباء كورونا.

وخالف بايدن سياسات ترامب، في أكثر من قضية، إذ شرع على الفور لإلغاء حظر السفر من وإلى دول ذات غالبية مسلمة، الذي كان فرضه ترامب، وأعاد الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ، ووقع على قرار تنفيذي يفرض ارتداء الكمامات في المؤسسات الفدرالية وعلى متن وسائل النقل بين الولايات، وأصدر تعليمات بلم شمل الأطفال الذين فصلوا عن أسرهم على الحدود مع المكسيك.

وفيما يخص السياسة الخارجية، يُتوقع أن ينقلب بايدن، على سياسات ترامب، التي اتسمت بالخشونة، وعقد صفقات خالف بموجبها، مُحددات السياسة الخارجية التقليدية، التي اتبعتها المؤسسات الأمريكية على مدى عقود.

ويُتوقع أن يتبع بايدن سياسة أكثر حنكة وحكمة عن سلفه، الذي انتقد علنا على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" عددا من القادة، وكشف فحوى مباحثات خشنة أجراها مع آخرين، في مخالفة للعرف الدبلوماسي.

وأظهر بايدن حرصا على إعادة ترميم العلاقات المتوتِّرة بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تعزيز العلاقة مع الدول الأعضاء في حلف الناتو، وذلك من خلال الرجوع إلى الاتفاقيات العالمية المبرمة والتحالفات الدولية المعهودة، ومن أبرزها العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ، إضافة إلى تفعيل التعاون مع منظمة الصحة العالمية لقيادة الجهود الدولية لمواجهة وباء كورونا، لاسيما مع الإعلان عن اكتشاف اللقاح المحتمل لفيروس كورونا.

وبخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط، وفي القلب منها القضية الفلسططينية، يُتوقع أن تُعدل الولايات المتحدة سياساتها فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فبعد انحياز غير مسبوق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومخالفة الولايات المتحدة قرارات الشرعية الدولية، بشكل لم يسبق له مثيل، قد تنتجه واشنطن سياسة أكثر اعتدالا، في محاولة لاستعادة دورها كوسيط في مفاوضات السلام، خصوصا بعد أن أطلقت دول في المنطقة وفي أوروبا، مبادرات لتنشيط مسار عملية السلام.

ويُنتظر أن تتوارى "صفقة القرن" التي تبناها ترامب، لكنه حتما لن يستطيع تدارك ما خلفته سياسات ترامب، وخصوصا لجهة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وكان بايدن، أكد أنه لن يقبل بسياسة الضم الإسرائيلية لمناطق في الضفة الغربية، بل سيؤيد أي ضم ضمن تسوية نهائية بين الطرفين، وربما ستلجم الإدارة الجديدة الاستيطان في الضفة الغربية من دون تجميده نهائيا، كما يتوقع أن يعيد تمويل ى وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة، ويجدد العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الإدارة الأمريكية والسلطة الفلسطينية.

وبخصوص إيران، تدل مؤشرات على أن إدارة بايدن ستتبنى التفاوض مع إيران، وأنه سيسعى إلى دعوة طهران إلى الامتثال الصارم بتعهداتها كشرط محوري للعودة إلى الاتفاق النووي.

ولن يتبنى بايدن استراتيجية "الضغط الأقصى"، التي مارسها ترامب، إذ اعتبر أنها لم تؤت ثمارها، بعدما استغلت طهران خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ووسعت نشاطها في تخصيب اليورانيوم، بعيدا عن عمليات المراقبة، مما قد يجعلها على مقربة من امتلاك السلاح النووي.

اقرأ ايضا: من "ريفيرا الشرق" إلى "منطقة الحرية".. عيون ترامب مازالت ترمق "غزة الجريحة"

ومن أبرز الملفات التي يتوقع أن يخالف فيها بايدن سياسات ترامب، هو إعادة الزخم والاهتمام بملف حقوق الإنسان ضمن منظومة العلاقات الخارجية الأمريكية، خصوصا مع الدول العربية، وما يترتب على ذلك من امكانية عودة العلاقات مع بعض دول المنطقة إلى "البرودة" أو "التوتر"، بعدما كانت شهدت ازدهارا في عهد ترامب، الذي لم يعر هذا الملف أي اهتمام.