لماذا تغيب الملك سلمان عن قمة الشيخ تميم و الامير محمد؟

مشاركة
* سليمان نمر 11:08 م، 07 يناير 2021

غياب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عقدت القمة الخليجية السنوية أعمالها في منطقة العلا الأثرية السعودية – شمال غرب المملكة .

ولم يشر أو يتحدث الاعلام السعودي والخليجي عن غياب الملك سلمان عن القمة وعن أسباب هذا الغياب ( وإن كان يعتقد أنها أسباب مرضية عارضة ) وترأس القمة ولي عهده وابنه الامير محمد بن سلمان.

واقتصرت القمة الخليجية على جلسة افتتاحية تحدث فيها رئيسها الأمير بن سلمان ، وأمير الكويت الشيخ نواف الاحمد الصباح باعتبار ان الكويت هي من رعت المصالحة الخليجية منذ نشوب الازمة قبل ثلاث سنوات ونصف وجرى خلال الجلسة الافتتاحية والوحيدة توقيع ما سمي بإعلان المصالحة الخليجية وبيان قمة العلا وكليهما كانا معدين مسبقا بالاتصالات التي أجرتها الكويت مع الرياض والدوحة واطلعت العواصم الخليجية الأخرى والقاهرة عليهما . 

ولوحظ أنه لم تعقد القمة أي جلسة عمل ولم تعقد اي لقاءات ثنائية  بين رؤساء الوفود التي شاركت بالقمة – كما جرت العادة -ولم ينقل الاعلام المرئي أي أخبار أو صور عن سفر الوفود.

وهذه الملاحظات تؤكد أن القمة الخليجية كانت بشكل أساسي هي قمة تأكيد مصالحة قطر مع السعودية ومعها حليفاتها التي كانت تقاطع  قطر( الامارات والبحرين ومصر) ، وكان حضور الآخرين هو حضور ” شهود الفرح “.

وبدا واضحا أن الاهتمام السعودي في هذه القمة تركز على حضور ومشاركة امير قطر الشيخ تميم بن حمد منذ أن خصه ولوحده ولي العهد السعودي بعناق عند سلم الطائرة التي نزل منها الأمير القطري ، وبعد ذلك الجولة التي اصطحب الأمير محمد بن سلمان بسيارته ضيفه الشيخ تميم في انحاء المواقع الاثرية والطبيعية لمنطقة العلا .

كما لوحظ أن الاجتماع الوحيد الذي أعلن عن أنه جرى على هامش القمة هو الاجتماع الذي عقد بين ولي العهد السعودي وامير قطر .

وهذا يشير إلى الاهتمام السعودي الكبير بمصالحة قطر بدون الشروط الثلاثة عشر التي كانت دول مقاطعة قطر قد اشترطتها لوقف مقاطعة الدوحة واعادة العلاقات معها .

وبالإضافة الى الاعلان عن المصالحة مع الدوحة وقيام السعودية بفتح حدودها البرية والبحرية وأجوائها أمام قطر فان المصالحة تضمنت – كما أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان – استعادة العلاقات الدول الاربع لعلاقاتها الديبلوماسية مع الدوحة وفتح اجوائها امام الرحلات الجوية من والى قطر .

ولم يعلن ماهي الالتزامات المترتبة على قطر نحو السعودية وحليفاتها الدول الثلاث بعد هذه المواقف الايجابية والتي اهمها فتح الحدود واعادة العلاقات الديبلوماسية التي قطعت ”

وزير الخارجية السعودي ذكر أنه تم الاتفاق على طي صفحة الماضي وان الدول الاطراف اكدت تضامنها في عدم المساس بسياد ة أي منها أو تهديد أمنها ، واستهداف اللحمة الوطنية لشعوبها ونسيجها الاجتماعي بأي شكل من الأشكال ووقوفها التام في مواجهة ما يخل بالأمن الوطني والاقليمي لأي منها ” وأشار الأمير فيصل بن فرحان إلى التزام كل الدول بإنهاء مواضيع الخلاف وان يتم ذلك من خلال المباحثات الثنائية والتي ستهدف الى تعزيز التعاون والتنسيق فيما بينها خاصة في مجالات مكافحة الارهاب والجرائم المنظمة بجميع صورها “.

وهذا يعني أن كل مشاكل الخلاف التي أدت إلى الازمة مع قطر سيتم بحثها والتفاوض بشأنها بأوقات لاحقة واولها مسائل لاتهامات لقطر بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاربع .

ولكن لم يكشف النقاب عن الآلية التي اتفق عليها للتفاوض لحل الخلافات والاتهامات المتبادلة بين طرفي الازمة ولكن علم ان هناك تأكيد على عدم التدخل بالشؤون الداخلية   لكل دولة وعدم احتضان اي نشاطات للمعارضين السياسيين ‘ ووقف حملات الحض على الكراهية للأنظمة .

رفع بيان قمة العلا الخليجية سقف المواجهة مع إيران التي خصها بحصة وفيرة من “المطالب”، أبرزها مشاركة دول مجلس التعاون في أية مفاوضات دولية مستقبلية تخص برنامج إيران النووي وضرورة أن تشتمل أية عملية تفاوضية مع إيران “معالجة سلوك إيران المزعزع لاستقرار المنطقة، وبرنامج الصواريخ الإيرانية بما في ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيرة، والبرنامج النووي الإيراني في سلة واحدة”. هذا الموقف ليس موجهاً إلى إيران بل إلى إدارة جو بايدن لا سيما بعد أن كررت إلتزامها بإعادة العمل بالاتفاق النووي مع ايران – الذي كانت الرياض قد رحبت قبل سنتين بإلغاء ترامب له – وهذا الامر (إعادة تعويم الإتفاق النووي) يقلق السعودية لأنه يفتح الابواب الاميركية امام ايران للخروج من الحصار الإقتصادي والمالي الذي فرضه عليها ترامب طيلة أكثر من سنتين .

لم ينس بيان قمة دول مجلس التعاون الخليجي ان يكرر نفس المواقف الخليجية القديمة من القضية الفلسطينية – رغم تطبيع دولتين من اعضائه لعلاقاتها مع العدو الاسرائيلي – حيث اكدوا على مواقف دول المجلس الثابتة من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها للسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية، مؤكداً على مركزية القضية الفلسطينية، وعلى ضرورة تفعيل جهود المجتمع الدولي لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفق تلك الأسس.

قمة العلا الخليجية يمكن وصفها بانها قمة امير قطر وولي العهد السعودي وبقية المشاركين فيها بمن فيهم وزير الخارجية المصري والمبعوث الاميركي كانوا ” شهود الزفة”.

 

*  كاتب صحفي عربي متخصص في الشؤون الخليجية

اقرأ ايضا: لماذا تمنع إسرائيل إجراء اختبارات الحمض النووي؟

** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحياة"