في وقت لم تفض المفاوضات النووية بين إيران والمجموعة الدولية إلى أي نتائج إيجابية، أعلنت طهران تطلعها لتحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وأن الأرضية ممهدة في الوقت الحالي لهذه الخطوة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني - في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع - إن تحسين العلاقات بين بلاده والمملكة العربية السعودية يخدم مصالح الجانبين، وكذلك مصالح المنطقة، مؤكدًا أن موقف طهران في هذا الصدد واضح تمامًا.
اقرأ ايضا: "بين الترهيب والإغراء المالي".. إسرائيل تضغط على أهل غزة من أجل "التهجير"
ورأى كنعاني أن الحوار السياسي والتفاوض "يوفر فرصة لحل الخلافات واستئناف العلاقات بين البلدين في إطار المصالح المشتركة والمصالح الإقليمية"، لافتًا إلى أن جولات المفاوضات الخمس التي عقدت في بغداد بمساعدة الحكومة العراقية كانت في إطار تحقيق هذا الهدف.
وقال : "الحكومة العراقية بذلت جهودًا بناءة في هذا الصدد وأعلنت استعدادها لاستكمال هذه العملية وإيران ترحب بها. علينا أن نرى ما هي الخطوة العملية من الجانب الآخر"، في إشارة إلى السعودية.
وطرح البعض تساؤلات بشأن تمهيد التصريحات الإيرانية لخطوة جديدة من أجل إعادة التفاوض والحوار، في طريق تحقيق مقاربة سياسية ما، لا سيما بعد فشل المقاربة الدولية بشأن الاتفاق النووي.
(رغبة إيرانية)
بدوره، أكد رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، الدكتور محمد محسن أبو النور، أن "هناك رغبة إيرانية في أن تستأنف المفاوضات مع المملكة العربية السعودية على المستوى السياسي، وذلك بعد مفاوضات جرت الأسابيع الماضية بشأن وفد الحجاج الإيراني الذي سوف يشارك في الحج هذا العام".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك": "المقاربة الجديدة بين إيران والسعودية لم تتبلور إلا بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي الجديد لإيران في الأيام الماضية، ومن الواضح أن من ضمن الملفات الخمسة الأساسية التي جرى التفاوض عليها في طهران بين رئيس الوزراء العراقي والمسؤولين الإيرانيين هو أن تعود بغداد مرة أخرى مكانًا للمباحثات السعودية الإيرانية، إلى جانب الملفات الأخرى المتعلقة بحماية الحدود ووقف النشاط الكردستاني المسلح من الأراضي العراقية".
ويرى أبو النور أن "الأجواء الآن ممهدة نوعًا ما لإجراء جولة جديدة من المفاوضات السعودية الإيرانية في بغداد، على أرضية عدم توصل طهران لاتفاق مع المجتمع الدولي بخصوص الملف النووي، وبالتالي السعودية في حاجة إلى أن تحصد بعض المكاسب في هذا المجال من الإيرانيين على الطاولة".
(رؤية سعودية)
اعتبر المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، الدكتور فواز كاسب العنزي، أن "المملكة تبذل دائمًا جهودًا دبلوماسية وسياسية كبيرة للحفاظ على الاستقرار والهدوء في منطقة الشرق الأوسط، والعالم العربي، وكذلك على مستوى العالم، من منطلق مسؤولياتها وانعكاسات مثل الأمور على الأمن القومي العربي".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "ترى المملكة العربية السعودية أن منطقة الشرق الأوسط لم تستقر منذ 4 عقود، بسبب التدخلات الإيرانية ودعم الكثير من الجماعات المسلحة في بعض العواصم العربية، لا سيما اليمن والعراق سوريا ولبنان"، مشيرا إلى أن "هذه التدخلات التي تقوم بها طهران تضر بالأمن القومي العربي"، وفقا لقوله.
وتابع: "الدعوات الإيرانية من أجل استئناف الحوار مع المملكة العربية السعودية، تأتي من باب الاستثمار الإعلامي، ومحاولة تهدئة الوضع الداخلي الثائر، والحيلولة دون حدوث انفلات أمني في طهران"، لافتًا إلى أن "قرار الرئيس الإيراني بشأن الشرطة الدينية يعكس مدى الاستعداد لتقديم تنازلات جوهرية".
ولفت إلى أن "طهران لا تزال تدعم الجماعة الحوثية في اليمن وهي تهدد الأمن القومي السعودي والخليجي والعربي، كما أنها لا تزال مستمرة في استراتيجيتها الداعمة للمنظمات الإرهابية المسلحة، ولم تتبن أي نوع من الثقة المتبادلة بينها وبين الدول الخليجية من أجل إعادة الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار".
وكانت الخارجية الإيرانية، أكدت في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن الظروف باتت مهيأة لإجراء جولة محادثات جديدة بين الرياض وطهران، لافتة إلى أنه بإمكان البلدين التعاون في مجالات عدة في حال نجحت المفاوضات.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية وقتها، إنه "بإمكان إيران والسعودية التعاون في الكثير من المجالات في حال نجاح المفاوضات الثنائية والظروف باتت مهيأة لإجراء مفاوضات جديدة بين إيران والسعودية".
وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أعلن في سبتمبر الماضي، أن إيران والمملكة العربية السعودية بإمكانهما مواصلة المحادثات في بغداد لتطبيع العلاقات الثنائية المقطوعة وحل الخلافات على مستوى ضباط المخابرات في البلدين.
وقال حسين، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "عملية التفاوض ستستمر وربما في الجولة المقبلة على مستوى ضباط المخابرات؛ نأمل أن يتغير الوضع بعد المرحلة المقبلة".
ووفقًا لوزير الخارجية العراقي، فقد توصلت الرياض وطهران بالفعل إلى اتفاقات بشأن "نقاط كثيرة"، وفي الوقت الحالي لا تزال مسألة استصواب إجراء مزيد من المناقشات المفتوحة على مستوى وزراء الخارجية مفتوحة.
اقرأ ايضا: بين تمدد تركيا ومخاوف إسرائيل.. نزاع النفوذ والمصالح يتفاقم في سوريا
وعُقدت 5 جولات من المحادثات بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين في الأشهر الأخيرة في العراق الذي يشترك في حدود مع البلدين.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com