ضغوط اللوبي الإسرائيلي وراء رحيل لينيكر عن BBC ؟

مشاركة
لندن _ حياة واشنطن 09:42 ص، 19 مايو 2025

في فصل مفاجئ يلفه الغموض، أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن رحيل أيقونة الإعلام الرياضي، غاري لينيكر، بعد مسيرة مهنية استمرت 26 عامًا في تقديم برنامج "مباراة اليوم" الشهير. 

وبينما وصفت المؤسسة والطرفان الأمر بـ "اتفاق ودي متبادل"، تتصاعد الشكوك حول الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار المفاجئ، خاصة في ظل الخلفية المتمثلة في مواقف لينيكر العلنية الداعمة للقضية الفلسطينية وتصاعد حملات الاستهداف التي شنها ضده اللوبي الإسرائيلي.

وكشفت صحيفة "الغارديان" عن أن الحلقة التي ستُعرض يوم الأحد المقبل ستكون الأخيرة للينيكر، لتطوي صفحة طويلة شهدت تألقه في عالم التحليل الرياضي. 

يأتي هذا الرحيل بعد فترة وجيزة من اتهامات طالت الإعلامي المخضرم بسبب إعادة نشره لمقطع فيديو ينتقد الصهيونية ويتضمن صورة رمزية اعتبرها البعض "معادية للسامية". 

ورغم سارع لينيكر بحذف المنشور وتأكيده على رفضه لأي شكل من أشكال الكراهية تجاه اليهود، إلا أن العاصفة الإعلامية والسياسية التي تلت ذلك يبدو أنها لعبت دورًا حاسمًا في قرار رحيله.

وعلى الرغم من التعبير الرسمي عن "الاتفاق الودي"، تشير الوقائع بقوة إلى أن قرار استبعاد لينيكر من تقديم التغطية الحصرية لكأس العالم 2026 وكأس الاتحاد الإنجليزي للموسم 2025-2026، لم يكن وليد تفاهم حقيقي، بل جاء استجابة لضغوط سياسية وإعلامية متصاعدة. 

وتؤكد مصادر صحفية أن لينيكر قدم استقالته في محاولة لتجنيب المؤسسة مزيدًا من الإحراج، لكن هذا القرار اتُخذ تحت وطأة ضغوط واضحة وملموسة.

يُذكر أن لينيكر لم يكن شخصية إعلامية محايدة تمامًا في القضايا السياسية والإنسانية. فقد دأب على استخدام منصته للدفاع عن حقوق الإنسان، وكان من بين الموقعين البارزين على رسالة في فبراير الماضي تطالب "بي بي سي" بإعادة بث فيلم وثائقي هام حول غزة بعنوان "كيف تنجو في منطقة حرب"، بعد أن قامت المؤسسة بحذفه إثر ضغوط إسرائيلية. 

كما سبق أن شهد عام 2023 تعليق ظهوره مؤقتًا بسبب انتقاده لسياسة الحكومة البريطانية تجاه اللاجئين، وهو الحادث الذي أثار جدلاً واسعًا حول حدود حرية التعبير داخل "بي بي سي" ومعايير الحياد الإعلامي التي تتبناها.

وفي موقف لافت يعكس حساسية القضية، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد حذف في وقت سابق تغريدة دعا فيها إلى مقاطعة إسرائيل في كرة القدم الدولية، وذلك بعد موجة انتقادات حادة من أعضاء البرلمان الإسرائيلي.

بدورها.. رفضت "بي بي سي" التعليق الرسمي على قضية رحيل لينيكر عند سؤالها من قبل صحيفة الغارديان، في الوقت الذي تواجه فيه المؤسسة انتقادات متزايدة بشأن تعاملها مع حرية التعبير لموظفيها على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا السياسية والحقوقية الحساسة التي تثير انقسامًا في الآراء.

يذكر أن لينيكر، البالغ من العمر 64 عامًا، قد بدأ تقديم برنامج "ماتش أوف ذا داي" في عام 1999، وتمكن على مدار سبع سنوات متتالية من الحفاظ على لقب الأعلى أجرًا بين العاملين في "بي بي سي"، مما يعكس مكانته وأهميته داخل المؤسسة.

وفي تطور لافت، سيخلف لينيكر في تقديم البرنامج كل من مارك تشابمان وكيلي كيتس وغابي لوغان، وهو ما يمثل تحولًا في أسلوب تقديم البرنامج الذي اعتاده الجمهور لعقود طويلة بصوت لينيكر المميز.

تعود جذور الأزمة الأخيرة إلى الأسبوع الماضي، عندما أعاد لينيكر نشر مقطع فيديو عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي يتضمن نقدًا واضحًا للصهيونية، ويتخلله رسم لفأر. وسرعان ما استُغل هذا المنشور ضده لتوجيه اتهامات بـ "معاداة السامية"، على الرغم من مسارعته إلى حذفه وتأكيده في بيان رسمي على أنه "لم ولن يشارك عمدًا في نشر أي مادة تحمل كراهية تجاه اليهود".

إلا أن هذا التوضيح لم يكن كافيًا لإخماد موجة الهجوم المنظمة التي استهدفته، حيث أُطلقت حملة جمعت تواقيع أكثر من 10 آلاف شخص تطالب بإقالته الفورية من "بي بي سي". 

وفي المقابل، تبنى مدير عام "بي بي سي"، تيم ديفي، لهجة حادة في تعليقه على الحادثة، قائلاً: "من يرتكب خطأً يكلف المؤسسة الكثير... يجب على الجميع الالتزام بسياساتنا".