فشلت قمة القاهرة للسلام في التوافق حول الأوضاع في قطاع غزة، ما أغضب مصر، ودفعها إلى إصدار بيان انتقدت فيه بشدة المجتمع الدولي وحذرت من تصفية القضية الفلسطينية، متعهدة بالحفاظ على أمنها القومي.
وقالت رئاسة الجمهورية في مصر، في بيان صحفي، إن مصر سعت من خلال دعوتها إلى عقد هذه القمة، إلى بناء توافق دولى عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية محوره قيم الإنسانية وضميرها الجمعى، لنبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق، والدعوة إلى وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء علي الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي، والمطالبة باحترام قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني، وتأكيد الأهمية القصوى لحماية المدنيين وعدم تعريضهم للمخاطر والتهديدات، وإعطاء أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة، والتحذير من مخاطر امتداد رقعة الصراع الحالى إلى مناطق أخرى فى الإقليم.
وأضاف: "تطلعت مصر أيضاً إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالمياً للسلام، يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولى مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، وبحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية وجادة، تُفضى خلال أمد قريب ومنظور إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية".
وأوضح البيان أن المشهد الدولى عبر العقود الماضية كشف عن قصور جسيم فى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، لكونه سعى لإدارة الصراع، وليس إنهائه بشكل دائم، واكتفى بطرح حلول مؤقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى على مر أكثر من ثمانين عاماً من الاحتلال الأجنبي ومحاولات طمس الهوية وفقدان الأمل، كما كشفت الحرب الجارية عن خلل في قيم المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات، فبينما نري هرولة وتنافس علي سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد تردداً غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر.
وتابع البيان: "إن الأرواح التى تزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رُعباً تحت نير القصف الجوى علي مدار الساعة، تقتضى أن تكون استجابة المجتمع الدولى على قدر فداحة الحدث، فحق الإنسان الفلسطينى ليس مستثناً ممن شملتهم قواعد القانون الدولى الإنسانى أو الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والشعب الفلسطينى لابد أن يتمتع بكافة الحقوق التي تتمتع بها باقى الشعوب، بدءاً بالحق الأسمى، وهو الحق فى الحياة، وحقه فى أن يجد المسكن الآمن والرعاية الصحية اللائقة والتعليم لأبنائه، وأن تكون له قبل كل شيء دولة تُجسد هويته ويفخر بالانتماء لها".
وأعربت مصر، عن تقديرها العميق للدول والمنظمات التى استجابت لتلبية الدعوة للمشاركة في قمة السلام، رغم اعتبارات ضيق الوقت، مؤكدة أنها لن تألو جهداً فى استمرار العمل مع جميع الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التي دعت إلى عقد هذه القمة، مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع.
وشددت القاهرة على أنها سوف تحافظ مصر دوماً علي موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجى لا حياد أو تراجع عنه، حتى تتحقق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما البعض فى سلام.
وتعهدت بألا تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أى دولة بالمنطقة، نشددة على أنها لن تتهاون للحظة فى الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات "مستعينة في ذلك بالله العظيم وإرادة شعبها وعزيمته".