كما الفلسطينيون في الداخل، أثارت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن اليهود موجة من الجدل بين الفلسطينيين في الخارج، ما بين منتقد إلى حد الإدانة الأخلاقية العلنية لتلك التصريحات، وصامت يرى أنه من الأولى إدانة انتهاكات وسلوك قوات الاحتلال الوحشي وعنصرية قادته الفجة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال أمام اجتماع المجلس الثوري الحادي عشر لحركة فتح في أواخر أغسطس الماضي، "إن الزعيم النازي أدولف هتلر أمر بالقتل الجماعي لليهود نتيجة دورهم الاجتماعي كمقرضين للمال وليس بسبب عدائه لليهودية"، مضيفا أن "اليهود الاشكناز ليسوا ساميين".
واللافت أن هذا الرأي لعباس ليس جديدا على الإسرائيليين والغرب، كونه أفصح عنه في رسالة دكتوارة سابقة له، نشرها في كتابه (العلاقات السرية بين الصهيونية والنازية)، وفي تلك الآونة صمت الإسرائيليون عن تلك الآراء، التي تستغلتها بعض الدوائر الآن لشن حملة ضده، إذ استنكرها مسؤولون أمريكيون وأوروبيون والاتحاد الأوروبي ووصفوها بأنها معادية للسامية، كما أدانها سياسيون وسفراء إسرائيليون في الخارج.
ويرى مراقبون أن تلك الحملة هدفها إما ابتزاز عباس لتقديم مزيد من التنازلات أو أنها إيذانا بانتهاء دوره، وإيجاد بديل عنه.
وأثار بيان لأكاديميين وكتاب وفنانين وناشطين فلسطينيين في المهجر، أدان بلهجة حادة، تصريحات عباس، ووصفها بـ "الجاهلة"، جدلا في أوساط الفلسطينيين في الخارج، واستدعى ردا من اللجنة المركزية لحركة فتح، التي اعتبرت أن الموقعين على هذا البيان "تبنوا الرواية الإسرائيلية".
وأدان الموقعون على البيان، وبينهم فلسطينيون أمريكيون، تصريحات عباس، وقالوا إنها "مستهجنة أخلاقيا وسياسيا"، وأكدوا أن "الإبادة الجماعية النازية للشعب اليهودي، كانت وليدة معاداة السامية والفاشية والعنصرية"، مشددين على "رفض أية محاولة لتقليل أو تحريف أو تبرير معاداة السامية أو الجرائم النازية ضد الإنسانية أو التحريف التاريخي فيما يتعلق بالمحرقة".
وقال البيان: "الشعب الفلسطيني مثقل بما فيه الكفاية بالاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي والسلب والاحتلال والقمع دون أن يضطر إلى تحمل التأثير السلبي لمثل هذه الروايات الجاهلة والمعادية للسامية بشدة".
كما أدان البيان أيضا "الحكم الاستبدادي والوحشي المتزايد الذي تمارسه السلطة الفلسطينية، والذي يؤثر بشكل غير متناسب على أولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال"، معتبرين أن عباس "تمسك بالسلطة بعد ما يقرب من عقد ونصف من انتهاء ولايته الرئاسية في العام 2009، بدعم من القوى الغربية والموالية لإسرائيل التي تسعى إلى إدامة الفصل العنصري الإسرائيلي"، ورأوا أن "عباس وحاشيته السياسية خسروا أي ادعاء بتمثيل الشعب الفلسطيني".
ولوحظ حدة الانتقادات التي وجهتها الشخصيات الفلسطينية في الخارج الموقعة على البيان، لعباس وتصريحاته، علما بأن البيان مفتوح للتوقيع لمن يرغب من فلسطينيي الخارج، الذين أثار البيان جدلا واسعا بينهم، ما بين مؤيد ومعارض، إذ يرى مؤيدو البيان أن تلك التصريحات تمثل "خصما" من القضية الفلسطينية، خصوصا أن اللوبي اليهودي في الغرب يُحسن استغلالها للترويج لـ "معاداة السامية"، التي تعد قضية حساسة في الدوائر الغربية، لكن فريقا آخر يرى أن الانتقادات الحادة الموجهة للقيادة الفلسطينية، يصب في مصلحة الحملة الموجهة من اللوبي اليهودي، وأنه يجب التركيز على إدانة "عنصرية" قادة الاحتلال، وخصوصا أقطاب الحكومة اليمينية الحالية، تجاه الفلسطينيين، قولا وفعلا.