استبعد بنك "غولدمان ساكس" انتقال مصر إلى سعر صرف أكثر مرونة للجنيه خلال الأشهر المقبلة، في ظل نقص الموارد الدولارية بالبلاد، وخشية الحكومة من انفلات كبير في سعر العملة المحلية.
وعقب زيارة لخبراء البنك الأمريكي لمصر، التقى فيها مسؤولين حكوميين ومستثمرين، يرى "غولدمان ساكس" أن مصر تعيش حالة "عدم يقين عالية"، فيما تواجه "سيناريو مشوش" بشأن التعامل مع أزمتها الاقتصادية.
ذكر تقرير "غولدمان ساكس"، أن السلطات المصرية لديها وجهة نظر واضحة بأن الانتقال إلى مرونة أكبر في سعر الصرف - وهو أحد الإصلاحات الأساسية المطلوبة من قبل صندوق النقد - يتوقف على توفير احتياطيات كافية من العملات الأجنبية لإدارة مخاطر انفلات سعر الصرف بعد تحريره، في ظل عدم رغبة الحكومة في حدوث مزيد من الضعف للجنيه.
ويرى "غولدمان ساكس" أن مصر تحتاج إلى ما يزيد على 5 مليارات دولار من الموارد الأجنبية من أجل تحقيق هذا الغرض.
وتعول الحكومة في توفير هذا المخزون الضروري من السيولة الدولارية من برنامج بيع الأصول الحكومية، حيث تفضل أن يجري بيع بعض هذه الأصول قبل الانتقال إلى مرونة أكبر في سعر الصرف، بحسب تقرير "غولدمان ساكس".
وذكر التقرير أن برنامج بيع الأصول الحكومية قد يتسارع، بحيث يجري بيع بعضها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لكن مع ذلك تظل الوتيرة بطيئة، وهو ما يجعل التوقعات الاقتصادية لمصر رهينة للتقدم في مبيعات الأصول.
وفي ظل تأخر تنفيذ برنامج بيع الأصول الحكومية، لأسباب من بينها "العوائق الهيكلية" والخلاف حول التقييم المنخفض لها، يرى "غولدمان ساكس" أنه لن يحدث انتقال لسعر صرف أكثر مرونة في الأشهر المقبلة، وهو ما يزيد المخاطر بشأن برنامج صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر أن مرونة سعر الصرف مطلب أساسي.
تقرير "غولدمان ساكس" يأتي بعد تصريحات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والذي أكد بشكل مباشر أن الحكومة المصرية لن تقوم بخفض سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار إن كان ذلك سيؤثر على حياة المصريين، معتبرًا أن هذا الأمر "أمن قومي"
وظل سعر الصرف الرسمي ثابتًا عند حوالي 30.90 جنيه للدولار لأكثر من ثلاثة أشهر بينما تراجعت العملة المصرية في السوق السوداء إلى حوالي 39 جنيهًا للدولار.
ولم يبدأ صندوق النقد الدولي بعد مراجعة كانت مقررة في مارس لمستوى التقدم الذي أحرزته مصر في تحقيق التزاماتها بموجب اتفاق أبرمه الصندوق مع الحكومة المصرية في ديسمبر الماضي.
وبالرغم من الخفض الحاد لقيمة الجنيه ثلاث مرات منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، لا تزال العملة الأجنبية نادرة بالسوق ولا تزال واردات حيوية مثل مدخلات التصنيع والزراعة دون سبيل إلى دخول البلاد.
"غولدمان ساكس" أشار في تقريره أيضًا إلى أن مخاطر حصول مصر على التمويل الخارجي ستبقى مرتفعة في ظل عدم قدرة البلاد على تحقيق مرونة في سعر صرف الجنيه.
ووافق الصندوق في ديسمبر على قرض بقيمة بثلاثة مليارات دولار لمصر، والتي تواجه ضغوطًا مالية حادة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ويخضع صرف حزم البرنامج الذي يمتد على 46 شهرًا لثماني مراجعات، كان تاريخ أولها 15 مارس 2023، حسبما ورد في تقرير خبراء الصندوق الذي نُشر في ديسمبر.
تقرير "غولدمان ساكس" أشار إلى أن مصر ستكون على الأرجح في حاجة إلى تطبيق المزيد من التعديلات في الحساب الجاري من أجل إدارة مخاطر التمويل الخارجي.
وأشار إلى وجود 3 عوامل قد تخفف من المخاطر التي قد يواجهها الدائنون الخارجيون لمصر، والتي تشمل استعدادها القوي للدفع، وانخفاض ديونها الخارجية التجارية، وانخفاض في حدوث عدم استقرار اجتماعي.
وتتمثل هذه العوامل في وجود رغبة واستعداد قوي لسداد الديون، بجانب انخفاض العجز بشكل نسبي في الميزان التجاري، مع انخفاض الاحتمالات في عدم الاستقرار الاجتماعي.
وتوقع "غولدمان ساكس" أن تبطئ مصر من وتيرة تنفيذ مشروعات البنية التحتية التي تقودها الدولة، والتي يرى أنها تزيد من الضغوط على موارد العملة الأجنبية الشحيحة.