رغم ما شهدته العلاقات العربية الإيرانية من تطورات في الشهور الأخيرة، وأبرزها استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، إلا أن الفرص تظل محدودة لإحداث اختراق في ملف العلاقات المصرية الإيرانية، حسب مصدر مصري مُطلع تحدثت إليه "حياة واشنطن".
وكان سلطان عُمان هيثم بن طارق، زار القاهرة، للمرة الأولى الشهر الماضي، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبعدها بأيام توجه إلى طهران والتقى الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، ما رجح أن تكون مسقط وسيطا بين القاهرة وطهران، إلى جانب بغداد التي أعلنت أنها تقوم بدور في تنقية العلاقات بين البلدين.
ورغم التطورات السياسية التي شهدتها مصر في العقد الأخير، ظل ملف العلاقات مع إيران يراوح مكانه، إذ أصرت مصر على رفض تطوير علاقاتها مع إيران (يتبادل البلدان منذ عقود مكتبين لرعاية المصالح يترأسهما ديبلوماسيان بدرجة سفير)، ورهنت الأمر بالاتفاق على "قضايا إقليمية وأمنية" على رأسها الدور الإقليمي لإيران وتسليم مطلوبين مصريين، من دون إغفال "المسائل الرمزية" وبينها إطلاق اسم خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس الراحل أنور السادات على أحد شوارع طهران.
وزادت التوقعات باستئناف العلاقات الكاملة مع إيران بعد ثورة 25 يناير من العام 2011، في ظل تبادل التصريحات الودية من الجانبين، وخصوصا بعد تسليم إيران مطلوبين أمنيين مصريين إلى بلادهم، ما مثل بادرة لتطوير العلاقات بين البلدين، لكن سرعان ما تهاوت تلك الآمال بعد زيارة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي طهران للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز، وهي المشاركة التي ناكف فيها طهران مذهبيا، بالثناء على صحابي رسول الله أبو بكر وعمر، وكذلك بعد زيارة الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد إلى القاهرة والتي اختصرتها صور رشقه بالحذاء عند ساحة الأزهر.
ومع التطورات التي تشهدها المنطقة سرت توقعات بقرب تطبيع العلاقات بين مصر وإيران تمهيدا للقاء بين السيسي ورئيسي، في أعقاب اتفاق بين السعودية وإيران، بوساطة صينية في مارس الماضي، باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما.
لكن مصدرا مطلعا قال لـ "حياة واشنطن" إن مصر ترفض تغليب المذهبية في العمل السياسي، لافتا إلى أن إيران طالما سعت إلى نشر المذهب الشيعي في مصر، وأنها تستخدم هذا الأمر لتحقيق نفوذ سياسي في الدول التي يتبنى مواطنون فيها المذهب الشيعي، حيث تحرص إيران على إظهار أنها مسؤولة عن أتباع هذا المذهب حتى في دول أخرى في الاقليم.
وأضاف أن آل البيت لهم مكانة خاصة في مصر، وأهل مصر بطبعهم يميلون لآل البيت وفي مكنونهم الحضاري موروث صوفي، وهذا أمر سعت إيران دوما إلى استغلاله لتجنيد أتباع لها من المصريين.
وأوضح أن القاهرة ترفض تصرفات إيران وأذرعها في عدة مناطق في الاقليم، وتلك نقطة جوهرية للخلاف بين البلدين، معربا عن اعتقاده بأن طهران لن تتخلى عن أذرعها الاقليمية ولا استخدامها لتحقيق مصالح ذاتية، ولو على حساب الشعوب العربية.
ويتوافق حديث المصدر المصري، مع الدبلوماسي الإيراني السابق، محمد علي سبحاني، الذي توقع ألا تشهد العلاقات الإيرانية المصرية تطورا لافتا.
وقال سبحاني: "إيران لم تحصل على فرصة حتى الآن لتأسيس علاقة مع مصر"، مضيفا: "مصر تلعب دورا سياسيا محوريا، إذ أنهم مهتمون جدا بالقضايا العربية وحساسون تجاه سلوك إيران في هذه القضايا".