تحت عنوان "أزمة السودان تدفع مصر إلى حافة الهاوية"، نشرت مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، مقالًا استشرافيًا، ذكرت خلاله أن هذا النزاع المسلح لديه القدرة على امتداد وإشعال صراعات إقليمية أخرى، كما له القدرة على التأثير على مصر.
ويتواصل الصراع الدائر في السودان، بينما يتدافع اللاجئون للخروج من الخرطوم والمناطق السودانية المجاورة، ويفر معظمهم إلى مصر على وجه الخصوص.
اقرأ ايضا: "غزْوَنة الضفة الغربية".. إسرائيل تنقل تكتيكات غزة إلى الأراضي المحتلة
وعلى الرغم من أن تشاد تقبل الآن أعدادًا صغيرة من اللاجئين، إلّا أنّها أغلقت حدودها في الأصل بسبب الضغوط الداخلية، ولم يتبق سوى الحدود المصرية السودانية ومعبري "أرقين" و"قسطل" الحدوديين، كخيار وحيد قابل للتطبيق للاجئين الفارين من العنف.
لطالما كان السودان شريكا اقتصادياً رئيسياً لمصر، حتى اندلاع الصراع، حيث اقتربت عائدات التجارة من مليار دولار سنويًا، كما وضعت مصر خططًا استراتيجية للاستثمار الزراعي في السودان، والتي تم تعليقها منذ ذلك الحين بسبب الصراع، مما زاد من إعاقة أي خطط للتعافي الاقتصادي.
وباعتبارها بوابة إلى شمال أفريقيا للدول الغربية، تعد مصر شريكًا تجاريًا وسياسيًا مهمًا مع العديد من الدول في المنطقة، حيث بلغ إجمالي التجارة الثنائية للولايات المتحدة مع مصر 9.1 مليار دولار في عام 2021، في حين تجاوزت تجارتها مع الاتحاد الأوروبي 37 مليار يورو في عام 2022.
وتلعب مصر دورًا استراتيجيًا في جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى قيمتها الاقتصادية للغرب، حيث تساعد في توفير السلام والاستقرار الإقليميين.
وتشتهر مصر أيضًا بمواردها الطبيعية الهائلة، بما في ذلك البترول والغاز الطبيعي والفوسفات وخام الحديد، وازداد الاهتمام بهذه الموارد بشكلٍ كبير، منذ أن أدت الحرب الدائرة في أوكرانيا إلى التشكيك في إمدادات الطاقة.
ومع ذلك، فإن مصر نفسها في وضع اقتصادي محفوف بالمخاطر، حيث تواجه تضخماً قياسياً غير مسبوق، مما أدى بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لأن يعبر عن قلقه من أنّ تدفق اللاجئين من السودان إلى بلاده، سيضع عبئًا اقتصاديًا متزايدًا على مصر، وذلك في محادثةٍ مع صحيفة يابانية.
وتساور مصر أيضًا مخاوف أمنية جادة نتيجة الصراع في السودان، حيث يتجمع الآلاف على الحدود الجنوبية الغربية بين البلدين، مما قد يؤجّج فرص الإرهاب والاتجار بالبشر والمخدرات ونشاط التهريب إلى أعلى مستويات متوقعة على الإطلاق.
وتؤدي الزيادة الكبيرة في عدد اللاجئين، إلى تزايد احتمالات عبور أعضاء الجماعات المتطرفة إلى مصر، والتي عاشت سنواتٍ من الاستهداف الإرهابي ومحاولة تثبيت تواجد متطرف في البلاد.
وتحظى المنطقة الحدودية بين البلدين بتاريخ من العنف، حيث تستخدم غالباً الجماعات المتطرفة، مثل "تنظيم الدولة" و"القاعدة"، المنطقة للقيام بأنشطة غير مشروعة، مما دفع القاهرة إلى إرسال قوات مكافحة الإرهاب إلى الحدود لحماية اللاجئين وتحسين الأمن.
كذلك، ناقشت المجلّة بأنّ القتال في السودان قد عرض البلاد لخطر الانهيار، وأنّ مصر تتعرض لخطر أن تحذو حذوها، بسبب وضعها الاقتصادي الهش بالفعل، وأنّه يجب أن تؤخذ مأخذ الجد، إمكانية زيادة زعزعة الاستقرار والصراع في جميع أنحاء المنطقة، كما يجب على المجتمع الدولي مساعدة مصر في التعامل مع اللاجئين وإعالتهم.
كما أنّه مع وجود عشرات الآلاف من المقاتلين والداعمين الأجانب والموارد على طرفي الصراع السوداني، فمن الصعب تحديد متى ستنتهي هذه الحرب، وعدد الأشخاص الذين سيستمرون في النزوح نتيجةً لذلك.
ونبّهت المجلّة بأنّ مساعدة مصر في التخفيف من أزمة اللاجئين، هي إحدى الخطوات التي يمكن للغرب اتخاذها لتطويق تبعات الصراع، لافتةً إلى تعهّد الأمم المتحدة بتقديم 445 مليون دولار لتخفيف الأزمة، والتي سيتم إرسالها إلى البلدان التي تستقبل اللاجئين في جميع أنحاء المنطقة.
كما أكّدت أنّه على الولايات المتحدة، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، تقديم مساعدة مباشرة لمصر لضمان حصول المصريين واللاجئين الذين يعبرون الحدود، على مصادر آمنة للغذاء،وأنّه يجب تقديم مساعدات أجنبية إضافية لدعم استقرار الاقتصاد المصري.
اقرأ ايضا: قمة العشرين تسعى للتوصل إلى حلول فعالة للتحديات العالمية
ويختم التقرير، أنه بينما تشرك واشنطن كلّاً من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في المفاوضات الجارية في مدينة جدّة السعودية، ينبغي عليها تشجيع المصالحة والتوصل إلى حل أكثر ديمومة ونجاحاً، وإلّا فسيتعين على جميع المعنيين مواجهة عواقب فشل هذه الجهود، وهي أزمة اللاجئين المتزايدة، والضغط الإضافي على الاقتصاد المصري الذي يمكن أن يدفعه إلى حافة الهاوية، وزعزعة الاستقرار الإقليمي.