تبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رسالة شفهية من قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، تتعلق بالحرب الدائرة في السودان، بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، نقلها مبعوث البرهان إلى القاهرة، السفير دفع الله الحاج علي، في وقت أكد الجيش السوداني أن لا تفاوض سياسي مع "الدعم السريع"، وأن الحديث يدور عن الاتفاق حول الهدنة على الأرض، في إشارة إلى مفاوضات مرتقبة بين الطرفين المتحاربين في السعودية.
في غضون ذلك، حذر السيسي، من أن المنطقة كلها يمكن أن تتأثر بالصراع في السودان، وقال الرئيس المصري، في مقابلة مع صحيفة يابانية: "نواجه صعوبات مع فرار الكثير من السودانيين إلى مصر، وإذا استقبلنا مزيدا من السودانيين فسنتأثر بالأزمة حتما في ظل الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن حرب أوكرانيا".
وكانت مفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة، قالت إن أكثر من 100 ألف لاجئ عبروا حتى الآن من السودان إلى دول مجاورة، علما بأن المعابر الحدودية بين مصر والسودان تشهد تكدسا غير مسبوق لحافلات تُقل آلاف الفارين من النزاع بانتظار الدخول إلى مصر.
واستقبل سامح شكرى وزير الخارجية المصري، اليوم الثلاثاء، السفير دفع الله الحاج علي، الذي نقل إلى شكري رسالة شفهية من البرهان إلى السيسي حول تطورات الأوضاع في السودان، مقدما الشكر لمصر حكومة وشعبا على استقبالها بكل مودة وترحاب للمواطنين السودانيين الفارين من نيران الحرب، وهو ما عقب عليه وزير الخارجية المصري بأن توجيهات الرئيس السيسي لجميع أجهزة الدولة المعنية منذ اليوم الأول، هي توفير أكبر قدر من الرعاية وحسن الضيافة للأشقاء السودانيين.
وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن شكري أعاد التأكيد خلال اللقاء على موقف مصر الثابت والمُعلن منذ اليوم الأول للأزمة السودانية، والداعي إلى ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار حفاظا على دماء أبناء الشعب السوداني، وأهمية التزام جميع الأطراف بتثبيت الهدنة وعدم خرقها، لإتاحة الفرصة لعمليات الإغاثة الإنسانية وتضميد الجراح وبدء حوار جاد يستهدف حل الخلافات القائمة.
وأكد وزير الخارجية المصري، أن بلاده حريصة على التعامل مع الأزمة الحالية في السودان باعتبارها شأناً داخلياً، كما استعرض وزير الخارجية مجمل الاتصالات التي أجراها مع نظرائه بعدد من الدول الفاعلة والمؤثرة دولياً وإقليمياً، مؤكدا وحدة رسالة المجتمع الدولي الداعية إلى ضرورة وقف الاقتتال الدائر حمايةً لمقدرات الشعب السوداني، وحفاظاً على سلامة السودان ووحدته ومؤسساته الوطنية.
وأعرب شكري، عن قلق مصر البالغ من استمرار الوضع الحالي في السودان، مؤكدا أنها لن تألو جهدا في سبيل مساعدة الأشقاء في السودان على تجاوز تلك المحنة انطلاقا من إيمانها الراسخ بوحدة المصير والتاريخ المشترك بين شعبي وادي النيل.
والتقى مبعوث البرهان مع الأمين العام للجامعة العربية، حيث أكد أن المفاوضات المرتقبة في السعودية، سوف تتعلق بهدنة إنسانية، نتطلعا لأن تلعب الجامعة العربية والاتحاد الافريقي دورا في مفاوضات تلك الهدنة، إلى جانب السعودية وأمريكا.
وقال الحاج علي، في مؤتمر صحفي بجامعة الدول العربية، إنه بعد انتصار الشرعية في السودان سيتم ترتيب عملية سياسية سودانية لا يتم فيها إقصاء أي طرف إلا ما اتفق عليه السودانيون، مشددا على ان القوات المسلحة، هي الجهة الشرعية في السودان، والتي استطاعت السيطرة على الأوضاع، وأن قوات "الدعم السريع" تحتمي بالشوارع والمنازل وبعض المستشفيات.
ميدانيا، استمرت الاشتباكات المتقطعة في الخرطوم اليوم الثلاثاء، خصوصا في مدينة أم درمان، التي شهدت ضواحيها قصفاً مدفعياً متقطعاً، في وقت أكد عضو مجلس السيادة، القائد في القوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن ياسر عطا، أنه لا تفاوض مع "المتمردين"، في إشارة إلى قوات "الدعم السريع"، مشددا على أنه "لا تفاوض ولا اتصال مع (قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو) حميدتي، إلا بعد تقديمه للعدالة"، مضيفا: "انهيار قوات ما يُسمى بالدعم السريع قد بدأ (..) تلك الميليشيات تمردت على الدولة، وراحت تنهب مقدرات البلاد، ولا تفاوض مع الميليشيات والأولوية هي لحسم المعركة، وأي وساطة سياسية لن تنجح في الوقت الحالي".
في المقابل، قال حميدتي، إن قواته تسيطر على العاصمة السودانية، بشكل شبه كامل، مضيفا في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط"، أن موافقة قواته على الهدنة الإنسانية جاءت لتخفف معاناة الشعب.
واتهم حميدتي من وصفهم بـ "فلول النظام السابق" بـ "السعي لتوسيع رقعة الحرب".
وعن مصير الاتفاق الإطاري بين القوى المدنية والعسكرية في السودان، أكد حميدتي أن "هناك عودة له لكن بعد سقوط أو استسلام قيادات القوات المسلحة الانقلابيين".