المالكي أمام مجلس الأمن: لا أحد آمن في فلسطين.. وحان الوقت لإنهاء نكبة شعبنا

مشاركة
رياض المالكي رياض المالكي
نيويورك-حياة واشنطن 03:57 م، 25 ابريل 2023

عقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، جلسة خاصة مفتوحة لمناقشة الأوضاع في فلسطين، برئاسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي تترأس بلادة المجلس للشهر الجاري؛ لمناقشة التوترات في الشرق الأوسط ومشكلة إسرائيل وفلسطين.

ويشارك في الجلسة وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، الذي التقى على هامشها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وسيلتقي رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة كسابا كوروسي، ووزير الخارجية الروسي.
وأكد رياض المالكي وزير خارجية دولة فلسطين - خلال كلمته أمام مجلس الأمن - أنه وبعد مرور 75 عامًا على النكبة: "لا تزال عملية تهجير واستبدال الفلسطينيين جارية بهدف واحد يتم السعي إليه في وضح النهار: الضم. حان الوقت لإنهاء النكبة". 

وشدد المالكي على أن نكبة الشعب الفلسطيني قد طال أمدها، وهي أطول فترة إنكار للحقوق الوطنية والجماعية والفردية في العالم الذي تسبب بها أطول احتلال في التاريخ الحديث. وفي هذا السياق، قال إن النظام القائم على القانون الدولي بأكمله يقوم على مبدأين أساسيين: حق الشعوب في تقرير مصيرها وعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة ولا يوجد خرق لهذه القواعد أكثر من العدوان والضم.

وأضاف: "لو تم التمسك بميثاق الأمم المتحدة، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، لكان السلام قد ساد فلسطين منذ زمن بعيد، وليس الاحتلال والفصل العنصري، قائلًا: "هذا كل ما نطلبه: التمسك بميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة".

وتساءل المالكي: "كم عدد المسؤولين الإسرائيليين الذين تم مساءلتهم بأي شكل عن جريمة الاستيطان الاستعماري في أرضنا، وعن التهجير القسري، والهجمات العشوائية ضد المدنيين، وهدم المنازل والمباني التي مولها العديد منكم؟، ما هي العواقب التي واجهوها؟".
وتابع المالكي: "لا يقتل الفلسطينيون بالمئات والآلاف عن طريق الخطأ كل عام. وإن الاستخفاف بحياة الفلسطينيين، والإرادة لإخضاعهم والسيطرة عليهم، سببه أن إسرائيل وضعت سياسة إطلاق النار للقتل".

وتطرق المالكي - خلال كلمته - إلى الانتهاكات اليومية التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب المستوطنين، قائلًا: "الجنود والمستوطنون ينشرون الخراب في شوارعنا وفي حياتنا، فلا أحد آمن في أي مكان وفي أي وقت. لا في أرضنا ولا في شوارعنا ولا في مساجدنا ولا في كنائسنا ولا في مدارسنا ولا في بيوتنا. لا يوجد شعور بالخزي في إعلان أن مجموعة واحدة، المجموعة الموجودة بشكل غير قانوني في أرضنا، يجب أن تستفيد من جميع الامتيازات، في حين أن المجموعة الأخرى، السكان الشرعيون للأرض، ستظل محرومة من أبسط حقوقها".

وشدد أن هناك مبدأ بسيط يكمن وراء كل القانون الدولي والعدالة الدولية: الردع هو السبيل الوحيد لمنع التكرار، وأن المسألة الوحيدة التي تستحق النقاش هي كيف يمكنك القيام برد جماعي من شأنه أن يردع أي شخص عن انتهاك القانون الدولي ويضمن التزام الجميع بالسلام، بالأقوال والأفعال.

واعتبر المالكي أنه لطالما أن إسرائيل تجني ثمار احتلالها، ونحن ندفع الثمن، فإن الضم والفصل العنصري هما الواقع الوحيد المتبقي لنا. 

وطالب الوزير بالاعتراف بدولة فلسطين،متسائلًا: "كيف يمكن لأي دولة تؤيد حل الدولتين والسلام أن تبرر عدم الاعتراف حتى الآن بدولة فلسطين التي بدونها لا يوجد حل الدولتين؟، إذا لم يكن هناك اعتراف بدولة فلسطين الآن وهي تحت تهديد حيوي، فمتى سيفعل المجتمع الدولي ذلك؟.

وفي ختام كلمته، قال رياض المالكي: "لماذا لا يوصي هذا المجلس الذي كان يدعو إلى حل الدولتين منذ عقود بعضوية دولة فلسطين إلى الجمعية العامة؟، هل هناك طريقة أفضل لتجسيد الدعم الدولي لحل الدولتين من أن تصبح الدولة التي حُرمت ظلمًا من عضويتها منذ عام 1948 عضوًا في الأمم المتحدة؟، لماذا يحق لإسرائيل التي انتهكت شروط عضويتها وهي القراران 181 و194، وتستمر في انتهاك الميثاق، العضوية ونحن الذين نحترم ميثاق الأمم المتحدة نحرم منها؟".

وطالب الوزير بحماية الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال، تنفيذًا لولاية مجلس الأمن في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وقضية فلسطين، قضية أمن وسلم دوليين.

(لافروف يدين بناء المستوطنات)

من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، إنه لا يمكن غض النظر عن بناء المستوطنات وضم الأراضي وتدمير المنازل وعمليات الاعتقال التعسفية، مضيفًا أنه لوحظ اشتباكات تتعلق بانتهاك وضع الأماكن المقدسة في مدينة القدس.

وأكد لافروف أهمية التخلص من أسباب الصراع الجذرية، وأن الأهم هو أن تعيد كل الأطراف التأكيد على أن حل الدولتين لا بديل عنه، فهو الذي يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وحقوقه بالتمتع بدولة عاصمتها القدس الشرقية، من خلال العودة إلى المفاوضات المباشرة حول جميع المسائل النهائية لإيقاف العنف والراديكالية.

وأشار إلى أنه آن الأوان لكل من يدفن قرارات مجلس الأمن السابقة والتي من بينها ما يتعلق بفلسطين والجولان السوري، أن يفسر هذا أمام الجمعية العامة.

وتابع لافروف أن الأحداث في الضفة الغربية للأردن، في قطاع غزة، في القدس الشرقية، زادت التوتر في المنطقة إلى مستوى خطير للغاية.

وقال: "الأحداث في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وكذلك على طول الخط الفاصل بين إسرائيل ولبنان وسوريا رفعت التوترات إلى مستوى خطير للغاية".

وأضاف لافروف أنه منذ بداية العام، استشهد أكثر من 100 فلسطيني، وجرح الآلاف نتيجة الغارات العسكرية في جنين وأريحا ونابلس على خلفية انتهاك مكانة الأماكن المقدسة.

 بشأن بند جدول الأعمال "الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية"، قال لافروف: "واشنطن تدعي أنها الراعي الوحيد لعملية التسوية في الشرق الأوسط، ولا تخجل من حقيقة أنها فقدت منذ فترة طويلة الحياد والنزاهة اللذين لا غنى عنهما للوسيط النزيه، خاصة بعد القرارات المعروفة للإدارة (الرئيس الأمريكي دونالد ترامب) الذي يتعارض بشكل مباشر مع قرارات مجلس الأمن الدولي والتي لم تلغها إدارة جو بايدن".

وتابع لافروف: "بدلًا من المساعدة في استعادة الأفق السياسي، تواصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، المحاولات الهدامة لاستبدال العالم الحقيقي ببعض الإجراءات الاقتصادية النصفية وتعزيز التطبيع العربي الإسرائيلي، وتجاوز الحل العادل للمشكلة الفلسطينية. مبادرة السلام العربية".

وأضاف: "اللجنة الرباعية للشرق الأوسط المكونة من وسطاء دوليين، المكونة من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، سقطت ضحية لمثل هذه الأعمال".

(احترام الأماكن المقدسة)

من جانبه، استعرض المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، في إحاطته، المستجدات والتطورات الميدانية التي رصدتها المؤسسة الدولية خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وقال إن تلك الفترة التي سادها هدوء نسبي شهدت ارتقاء 17 فلسطينيًا بمن في ذلك طفلان، فيما أصيب أكثر من 100 فلسطيني بينهم 4 نساء و38 طفلاً على يد القوات الإسرائيلية، إن كان خلال التظاهرات والمواجهات أو في عمليات التوقيف والتفتيش، فضلًا عن تسجيل 39 إصابة بينها 3 نساء و4 أطفال خلال اعتداءات المستوطنين، التي تنوعت بين الهجمات وإطلاق نار ورشق بالحجارة.

وأكد وينسلاند، الحاجة لمعالجة الأسباب الأمنية والسياسية والاقتصادية والمؤسسية التي تؤدي للصراع، والعمل على وضع حد للإجراءات الأحادية والاستفزاز والتحريض، الذي يؤدي للعنف ويحول دون إحراز تقدم باتجاه حل النزاع وإنهاء الاحتلال.

وأشار إلى عمليات الاقتحام المستمرة التي قامت بها قوات من شرطة وجيش الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان المبارك، وما تخلل ذلك من عمليات طرد للمصلين والاعتداء عليهم بالضرب بالهراوات وبأعقاب البنادق وبإطلاق الأعيرة النارية صوبهم، مشددًا على أن هذه التطورات جاءت عشية نداءات استفزازية وتحريض من متطرفين يهود لإقامة شعائر ذبح القرابين في المسجد الأقصى.

ونوه إلى أن شرطة الاحتلال منعت مصلين من المسيحيين الأرثوذوكس من الوصول إلى كنيسة القيامة في البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة، لإحياء سبت النور الذي يسبق عيد الفصح المجيد، في حين نددت البطركية الأرثوذوكسية وقادة مسيحيون آخرون بتحديد عدد الزوار للكنيسة، مؤكدين أن ذلك غير مبرر وينتهك الوضع القائم.

وقال إن الكثير من الضحايا الفلسطينيين وقعوا في عمليات إسرائيلية بالمناطق المصنفة "أ" في الضفة الغربية المحتلة، فيما سجلت مستويات العنف التي تنسب للمستوطنين ارتفاعًا في الفترة الماضية.

وأضاف وينسلاند: "قلقون من استمرار الأعمال الاستفزازية خلال الأسابيع القليلة الماضية، لا سيما تكرار اقتحامات المسجد الأقصى، وأدعو لاحترام الوضع القائم في الأماكن المقدسة، عملًا بالدور الخاص الذي تؤديه المملكة الأردنية الهاشمية.

وشدد أن على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ألا تستخدم القوة المميتة لحماية الأرواح لا سيما الأطفال، الذين لا يجب أن يكونوا عرضة للعنف في أي حال من الأحوال.

وناشد المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، جميع الأطراف بالتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عما من شأنه أن يفاقم الأوضاع، مؤكدًا أنه سيعمل عن كثب مع الأطراف المعنية لتهدئة الأوضاع ولتمهيد الطريق أمام الحل السياسي.

وجدد التأكيد على أن الاستيطان بكل أشكاله غير قانوني بموجب القانون الدولي، وأنه يعد عائقًا للسلام، داعيًا الأطراف كافة إلى تلافي أي إجراءات أحادية والأعمال الاستفزازية التي من شأنها أن تؤجج التوترات.

ونوه إلى أن السلطات الإسرائيلية أعلنت طرح عطاءات لتشييد 940 وحدة سكنية في مستوطنات تقام على أراض مصنفة "ج"، و98 في القدس الشرقية، الشهر الماضي، فيما انضم وزراء من الحكومة الإسرائيلية وأعضاء كنيست لـ 15 ألف مستوطن في مسيرة محمية من قبل الجيش الإسرائيلي لمطالبة الحكومة بإضفاء صبغة شرعية على بؤرة "افيتار" الاستيطانية، المقامة على أراضي جبل صبيح جنوب نابلس.

وبيّن أن عمليات الهدم والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية تظل مدعاة للقلق، مطالبا السلطات الإسرائيلية بالعمل على وقف تشريد وتهجير الفلسطينيين، والموافقة على الخطط الهيكلية التي تمكن الفلسطينيين من البناء بشكل قانوني للاستجابة لاحتياجاتهم الإنمائية.

وتابع أن السلطة الفلسطينية، وفي ظل التدهور الأوضاع الميدانية، تواصل مواجهة صعوبات مؤسسية ومالية لا يمكن الاستهانة بها، وفي الوقت ذاته، فإن وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها التي تقدم الدعم للشعب الفلسطيني، تواجه هي الأخرى شحًا كبيرًا في التمويل، لا سيما برنامج الأغذية العالمي، ووكالة "الأونروا"، بما يؤثر على إيصال الخدمات الأساسية.

وأضاف: "لا بد لكل الأطراف أن تبذل جهودًا مضاعفة، وعلى المجتمع الدولي مضاعفة الجهود لتعزيز المؤسسات الفلسطينية وتحسين الحوكمة وإعادة التعافي المالي للسلطة الفلسطينية، ويجب أن تكون هذه الإجراءات جزءا من  جهد سياسي أوسع يعالج المحركات الكاملة لهذا الصراع ويوفر الحيز والوصول المطلوبين ليتمكن الاقتصاد الفلسطيني من النمو، ونشجع الأطراف على تحسين علاقتها الإدارية والاقتصادية، وأن الاجتماع المقبل للجنة الاتصال المخصصة في بروكسل يشكل فرصة لسلك منعطف استراتيجي في هذا الاتجاه. كما أن معالجة التحديات الآنية من شأنه أن يوفر الزخم المطلوب لعودة الأفق السياسي وشيء من الاستقرار باتجاه حل الدولتين".

(خطر المستوطنين وتحصينهم)

وأكد ممثل دولة الإمارات، وزير الدولة خليفة شاهين المرر، أن للقدس مكانة خاصة لا يجوز المساس بها، بما في ذلك احترام وضعها التاريخي والقانوني القائم، واحترام الوصاية الهاشمية على المقدسات فيها قولا وفعلا.

وأعرب عن "قلق بلاده إزاء تزايد الاقتحامات وعمليات الهدم والتهجير بحق الفلسطينيين، والتي تزيد من اشتعال الأوضاع، ليصل عدد الضحايا الفلسطينيين خلال الربع الأول من العام الجاري إلى أكثر من مجموع ضحايا العام الماضي بأكمله، والذي يعتبر الأكثر دموية منذ حوالي عقدين".

وأشار إلى أن طبيعة المرحلة المقبلة تدق ناقوس الخطر في حال استمرت إسرائيل في تقوية شوكة المستوطنين، وتوفير الحصانة القانونية لهم، وتوظيفهم كأداة أخرى للاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية المحتلة، لافتا إلى وجود 700 ألف مستوطن في 279 مستوطنة، أنشئت بغير حق على الأرض الفلسطينية المحتلة، منها 147 بؤرة استيطانية وفقًا للأمم المتحدة.

اقرأ ايضا: "فيتو" أمريكي جديد ضد قرار من مجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار في غزة

وأكد المرر، الحاجة الملحة لحماية حل الدولتين، الحل الذي يمثل الرؤية التي أجمع عليها المجتمع الدولي ومجلس الأمن لإنهاء الصراع، وهو الحل الذي لا ترى الإمارات بديلا عنه، مطالبا إسرائيل بالوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية والالتزام بمسؤولياتها، وفقًا للقانون الدولي بما يشمل القانون الدولي الإنساني.