وجهت محكمة سعودية لعشرة قضاة سابقين، يخضعون لمحاكمة سرية، تهمة "الخيانة العظمى"، رغم أن الجرائم المنسوبة إليهم ليست واضحة.
وحسب منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" (DAWN)، فإن عقوبة الإعدام بانتظار القضاة السابقين في حال ثبوت تلك التهمة في حقهم.
وكان عدد من هؤلاء القضاة باشروا محاكمة عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمرأة في السعودية، ورغم أنهم اصدروا أحكاما في حقهم، لاقت انتقادات دولية، إلا أن السلطات السعودية اتهمت القضاة أنفسهم بالتساهل مع "متهمين في قضايا تخص أمن الدولة".
ويخضع القضاة السابقون للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، التي يُناطُ بها نظر قضايا "الإرهاب" في السعودية، وعُقدت أولى جلسات محاكمتهم بشكل سري في 16 فبراير المنصرم، وهم ستة قضاة بارزين سابقين في المحكمة الجزائية نفسها، وأربعة قضاة سابقين بالمحكمة العليا.
وقالت مصادر لمنظمة (DAWN)، إن الحكومة السعودية حرمت المتهمين من التماس المشورة القانونية، واحتجزتهم بمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالهم في 11 أبريل من العام 2022.
وقال عبد الله العودة، مدير منطقة الخليج في منظمة (DAWN): "التهم المروعة الموجهة لهؤلاء القضاة، والذين أصدر العديد منهم أحكاما تعسفية فاضحة بحق مواطنين سعوديين بأمر من ولي العهد محمد بن سلمان؛ تُظهر أنه لا أحد في مأمن في السعودية".
وأضاف: "ترمزُ محاكمة هؤلاء القضاة لعمليات التطهير الكبيرة التي يقوم بها ولي العهد داخل البلاد ومحاولاته لجعل القضاء خاضعًا لرغباته فقط".
وهؤلاء القضاة، منهم ستة قضاة من المحكمة الجزائية المتخصصة هم: عبد الله بن خالد اللحيدان وعبد العزيز بن مداوي آل جابر وجندب آل مفرح وعبد العزيز بن فهد الداوود وطلال الحميدان وفهد الصغير، وأربعة قضاة من المحكمة العليا هم: خالد بن عويض القحطاني وناصر بن سعود الحربي ومحمد العمري ومحمد بن مسفر الغامدي.
وحسب منظمة (DAWN)، فإن لاثنين من قضاة المحكمة الجزائية، هما عبد الله بن خالد اللحيدان وعبد العزيز بن مداوي آل جابر، دورا فاضحا في انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
وكان اللحيدان أدان المدافعة البارزة عن حقوق المرأة لجين الهذلول بتهم إرهابية في ديسمبر 2020، بينما حكم آل جابر على قاصرٍ والعديد من الأشخاص الآخرين بالإعدام، بما في ذلك العديد ممن تم إعدامهم في عملية إعدام جماعي لـ 81 شخصًا في مارس 2022.
وقالت منظمة (DAWN): "تتشابه عمليات توقيف هؤلاء القضاة ومحاكمتهم إلى حد كبير مع عمليات التطهير السابقة ضد المنافسين المفترضين لمحمد بن سلمان، ويبدو أن التهم الموجهة إليهم كانت ذات دوافع سياسية، مع عدم تقديم أدلة موثوقة ضد المتهمين".
وقال مصدر مطلع على المحاكمة؛ راجع وثائق المحكمة المقدمة ضد المُتهمين، إن مسؤولين من دائرة أمن الدولة التابعة للنيابة العامة وجهوا اتهامات ضد قضاة المحكمة الجزائية المتخصصة بعد أن قاموا بالتوقيع على اعترافات تفيد بأنهم كانوا متساهلين في التعامل مع المتهمين في قضايا أمن الدولة التي ترأسوها خلال فترة عملهم كقضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة"، مضيفا: "تستشهد وثائق المحكمة بهذه الاعترافات كدليل على التهم وتحدد كأمثلة على التساهل الأحكام التي أصدرها القضاة في قضايا تتعلق بمحاكمة مدافعين عن حقوق الإنسان ومعارضين سلميين ونشطاء في مجال حقوق المرأة"، موضحا أن من بين التهم الأخرى الموجهة إليهم "الرضا عن المجرمين في قضايا أمن الدولة".
وحسب منظمة (DAWN)، فإن القاضي الذي يترأس محاكمة هؤلاء القضاة العشرة هو عوض الأحمري، المعروف بارتكاب انتهاكات قضائية، وتم تعيينه لرئاسة المحكمة الجزائية المتخصصة بموجب مرسوم ملكي في 9 يونيو من العام 2022.
وبعد إلقاء القبض على هؤلاء القضاة، استبدلهم محمد بن سلمان في 20 يونيو الماضي، بقضاة موالين له شرعوا في مراجعة عدد من محاكمات النشطاء السياسيين والمُعلقين على تويتر وشدّدوا عقوباتهم بشكل كبير.
وألغت المحكمة الجزائية المتخصصة، التي يرأسها القضاة المعينون حديثًا، أحكامًا أقصر أصدرتها محاكم دنيا ضد السعوديتين، سلمى الشهاب ونورة القحطاني، من ثماني سنوات و 13 سنة، إلى 34 و 45 سنة، على التوالي، لاستخدامهما وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال مصدر لمنظمة (DAWN)، إن مسؤولي جهاز أمن الدولة احتجزوا القضاة بمعزل عن العالم الخارجي، وحرموهم من الاتصال بأسرهم ومحاميهم طوال فترة احتجازهم الاحتياطي الذي دام عشر أشهر، ولم تسمح السلطات للمتهمين بتوكيل محامين لتمثيلهم.
وقال عبد الله العودة المسؤول في منظمة (DAWN): "لا شيء يحمي الحقوق الأساسية للمواطن السعودي في الحياة والحرية، ولا حتى الانصياع الأعمى لإملاءات ولي العهد أو القيام بعمله القذر من خلال الحكم على منتقديه بالسجن لفترات طويلة"، مضيفا: "يرسل محمد بن سلمان، من خلال محاكمة هؤلاء القضاة، رسالة إلى كل قاضٍ في البلاد مفادها أنه يتعين عليهم أن يكونوا متوحشين قدر الإمكان لتجنب مصير ضحاياهم".