تواجد في المكان الخطأ

بين تبرير القتل وتبرئة العدوان.. "الأونروا" تثير غضبًا فلسطينيًا عارمًا بعد "مجزرة نابلس"

مشاركة
شهداء نابلس شهداء نابلس
حياة واشنطن-تقرير 04:26 م، 26 فبراير 2023

"مجزرة" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والمرتكب واحد ومستمر في جرائمه بلا رقيب ولا حسيب، إذ استيقظ الفلسطينيون الأربعاء الماضي على "جريمة" جديدة من جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي على البلدة القديمة في مدينة نابلس، والذي خلف 11 شهيدًا وعشرات الجرحى.

تلك الجريمة لاقت استنكارًا وإدانة من كافة البلدان العربية والإسلامية وكذلك المنظمات والهيئات والقاصي والداني، إلا أنه كان   لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" رأي أخر، إذ أنها نعت في تغريدة لها عبر موقع "تويتر"، الشهيد عبد العزيز الأشقر، الذي قتل برصاص الاحتلال، في مجزرة نابلس، وقالت: "إن عبد العزيز الأشقر كان في المكان الخطأ في الوقت الخطأ".

وأشارت "أونروا" إلى أن الشهيد عبد العزيز الأشقر موظف سابق في الوكالة، ووصفته بأنه "زميل محب"، لكنها زعمت بأنه "قُتل في تبادل إطلاق نار"، دون أن تشير أنه قُتل برصاص جنود الاحتلال في عملية عسكرية واضحة تم تنفيذها نحو العاشرة والنصف صباحًا في أحد أكثر شوارع مدينة نابلس وأحيائها اكتظاظًا بالسكان والمتسوقين من كل أنحاء الضفة الغربية.

ولم تكتف الأونروا بتلك التغريدة "المستفزة" لمشاعر الفلسطينيين و"المنصفة" في الوقت نفسه لعدوان الاحتلال، إلا أنها ذهبت إلى أبعد من هذا وذاك، برفضها الإضراب الذي عم الأراضي الفلسطينية حدادًا على أرواح شهداء المجزرة.

(تغريدة الأونروا)

وجاء في تغريدة الأونروا: "حيث وقع في وسط تبادل لإطلاق النار ما بين الجيش الإسرائيلي وسكان مسلحين في مدينة نابلس. يجب أن يتوقف العنف، يجب حماية المدنيين دائمًا".

وحسب التغريدة فقد وصفت "الأونروا" العدوان على مدينة نابلس من مئات جنود الاحتلال الذين استخدموا طائرات وأسلحة متطورة ودخلوا إلى مناطق "أ" حسب اتفاق "أوسلو" بأنه تبادل لإطلاق نار بين جيش الاحتلال والمسلحين، في الوقت الذي أسفر فيه العدوان عن استشهد 11 فلسطينيًا، منهم المسن عدنان سبع بعارة (72 عامًا) وطفلان قاصران، وإصابة 102 فلسطيني وصفت جراح ستة منهم بالخطيرة، من أجل الوصول إلى مقاومين اثنين كانا يتواجدان في منزل في المدينة.

(ردود فعل غاضبة)

في غضون ذلك، لقيت تغريدة "أونروا"، ردود فعل غاضبة، مقبل رواد موقع "تويتر"، إذ اعتبرت حنان عبد الله أن المنظمات الدولية تبرر قتل كادرها من قبل الاحتلال.

فيما وصف الأكاديمي عبد الله معروف،  النعي بأنه محاولة تبرئة الاحتلال من جريمته فقط.

لكن سمر جراح، انتقد طريقة الاعتذار، وذهب لمطالبة أونروا بالاعتذار.

ووصف أحمد بلبول النعي بأنه "دنيء مثل أصحابه"، منتقدًا اعتبار أن الشهيد تواجد في المكان الخطأ.

من جانبه، وصف محمد المدهون النعي بأنه "وقاحة"، وانتقد اعتبار أن الشهيد عبد العزيز الأشقر "عندما كان يمارس حياته الطبيعية في شوارع مدينته بأنه كان بالمكان والوقت الخطأ".

وقال باسل العاصي إن "الخطأ هو تشويه الحقائق وتلميع ذلك المحتل الجبان".

وعلقت بنان الغدران بأن أونروا اعتبرت أن وجود فلسطيني في بيته وحارته وشارعه ومدينته كان تواجدًا في المكان الخطأ والوقت الخطأ.

(إقالة بولوكس)

وفي أعقاب تلك التغريدة "الفاضحة"، نادت أصوات على رأسها الجبهتين الشعبية والديمقراطية واللجنة المشتركة للاجئين ومؤسسات أخرى، من خلال بيانات إدانة واستنكار، بإقالة فورية لمدير عمليات الأونروا في الضفة الغربية "آدم بولوكس"، لكن هذه البيانات وهذه الاستنكارات لن تفلح في تحقيق ما أصدرت لأجله. 

ففي الوقت الذي أصدرت فيه عدة فصائل وقوى وحتى مؤسسات، بيانات تطالب فيه بإقالة "بولوكس"، ابتلعت السلطة لسانها ولم تنطق، فيما بات جليًا من اختراق الأونروا لمبدأ الحيادية الذي تتحصن وتتذرع به.

(مساواة بين الجلاد والضحية)

ويرى مراقبون وفصائل فلسطينية، أن تصريح الأونروا يساوي بين الجلاد والضحية، ويعد خرقًا فاضحًا لمبادئ الحيادية التي تتذرع بها المنظمة.

وأضافوا أن الأونروا، تذرعت بالتمسك بمبدأ الحيادية، وجعلته سببًا لعدم تعطيل مؤسساتها التزامًا بالإضراب الشامل الذي أعلنت عنه كل المكونات الفلسطينية سلطة وفصائل، حدادًا على أرواح شهداء مجزرة نابلس الذين ارتقوا برصاص العدو الصهيوني، دون أن تقوم الأونروا بمهمتها في حمايتهم والدفاع عن أرواحهم.

علمًا بأن التفويض الممنوع للأونروا من الجمعية العامة عام 1949 رقم 302 هو المرجعية للأونروا التي في الأصل عليها أن تنحاز طبقًا لهذا التفويض للشعب الفلسطيني.

وينظر كثيرون إلى أن الأونروا لا يجب أن تتعامل كمؤسسة خيرية إغاثية خاصه، فهي منظمه أممية انبثقت عن الأمم المتحدة، وهذه المنظمة الدولية وجدت لمعالجة قضية سياسية، وتفويضها يمنحها إغاثة وتشغيل والدفاع عن اللاجئين وضمان حياتهم حتى عودتهم إلى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها.

وكان عليها أن تتبنى رواية الضحية أو الضحايا من اللاجئين الفلسطينيين في مواجهة هذه الحكومة الفاشية الأكثر تطرقًا في تاريخ الكيان المتطرف، إلا أنها على العكس من ذلك استمرت الأونروا في سلوكها المرفوض شعبيًا وسياسيًا وإنسانيًا.

ويبقى السؤال هنا، من سيمنع الأونروا من الاستمرار في استغلال المؤسسة الدولية لفرض أجندات الاحتلال على الشعب الفلسطيني؟.

عبد العزيز الأشقر كان في مدينته نابلس وبالقرب من بيته، وفي وسط أرضه ومجتمعه وبين شعبه، بينما المحتلين هم الذين اقتحموا المدينة فكانوا في المكان الخطأ وفي الوقت الخطأ وارتكبوا جريمتهم على مرأى ومسمع.