تتجه الأنظار، غدًا الاثنين، نحو الولايات المتحدة لمعرفة موقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من الخطوة التي تسبب نوعًا من الحرج الدبلوماسي للبيت الأبيض، إذ أنه من المنتظر أن يناقش مجلس الأمن الدولي في نيويورك، مشروع قرار يطالب إسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة فورًا.
ويؤكد القرار الذي لا يزال في شكل مسودة "أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكًا صارخًا بموجب القانون الدولي".
اقرأ ايضا: بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي أعلنت التزامها باعتقال نتنياهو وغالانت؟
ودان القرار "جميع محاولات الضم، بما في ذلك القرارات والإجراءات التي تتخذها إسرائيل فيما يتعلق بالمستوطنات، ومنها البؤر الاستيطانية"، ويدعو إلى التراجع الفوري عنها.
(مشروع قرار إماراتي)
بعثة دولة الإمارات، التي تتمتع بعضوية مجلس الأمن المؤقتة لعامي (2022-2023)، صاغت مشروع القرار بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني.
ومن غير المؤكد بعد إذا كانت المسودة ستُقدّم للتصويت أم لا خاصة في ظل تكهنات بضغوط أمريكية وإسرائيلية لعرقلة ذلك.
(ماذا عن أهمية القرار؟)
وليس لمشروع القرار أهمية عملية على الأرض الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي منذ 1967، لكن تبقى قوته الرمزية كبيرة في التأكيد الدولي على عدم شرعية الاستيطان.
ومشروع القرار الجديد لا يختلف جوهريًا عن قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي تبنّاه مجلس الأمن يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2016، بعد أن امتنعت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما عن التصويت، مما مكن القرار بالمرور حيث صوّت له 14 عضوًا وأصبح الأول من نوعه منذ 1979، وطالب فيه مجلس الأمن إسرائيل بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية.
(رفض الضغط على إسرائيل)
ورسميا، تعارض إدارة بايدن الإجراءات الاستيطانية الإسرائيلية الأخيرة خاصة قرار الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة المضي قدمًا في بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
وانضمت واشنطن إلى عواصم غربية في إصدار بيان يعارض "بشدة هذه الإجراءات الأحادية التي لن تؤدي إلا إلى تفاقم التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتقويض الجهود لتحقيق حل الدولتين عن طريق التفاوض".
ولا ترغب واشنطن في الضغط لتغيير السياسات الإسرائيلية، إذ أكد السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط: "امتلاك إدارة بايدن أدوات تستطيع من خلالها الضغط على إسرائيل لوقف الأنشطة الاستيطانية غير القانونية".
ولكن السفير ماك - الذي يعمل حاليًا في المركز الأطلسي بواشنطن - يشير إلى أن "من غير المحتمل أن يكون لدى بايدن الإرادة السياسية لاستخدام التهديدات بخفض المساعدات العسكرية والاقتصادية لحمل إسرائيل على التراجع، ولست متأكدًا من أن هذه الحكومة الإسرائيلية ستفعل ذلك".
(فيتو أم امتناع)
وتوقع السفير ماك أن "تمتنع واشنطن ببساطة عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي كوسيلة لتذكير إسرائيل بأنها تفقد الدعم الدولي. ومن المرجح كذلك أن تحاول إدارة بايدن تخفيف لغة أي قرار لمجلس الأمن الدولي من أجل أن تكون مرتاحة في التصويت لمصلحته، ويُتوقع أن يحظى ذلك بدعم اليهود الأمريكيين التقدميين وكذلك العدد المتزايد من الشباب الأمريكي الذي يعترضون على مواقف الحكومة الإسرائيلية".
من جانبه، توقع ألتر مان، الذي سبق أن ترأس وحدة التخطيط بوزارة الخارجية، أن "تلوح إدارة بايدن باستخدام حق النقض (الفيتو) أو بالامتناع عن التصويت للقرار، لتضييق الخلافات الجوهرية بين الحكومة الإسرائيلية وأغلبية دول مجلس الأمن. وسيعتمد ذلك في النهاية على طبيعة مناورة إدارة بايدن ومواقف بقية الأطراف".
وأشار السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل مارتن إنديك، الذي يعمل حاليًا بمجلس العلاقات الخارجية، إلى أن "خيار بايدن فيما يتعلق بالتصويت على قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين النشاط الاستيطاني الإسرائيلي سيكون لحظة حاسمة له. فإذا استخدم الفيتو، فسينظر إليه الجميع على أنه يؤيد سياسة نتنياهو الاستيطانية ويجعل أهداف سياسته غير متماسكة وغير قابلة للتحقيق. ولكن إذا امتنع عن التصويت، فسيفتح الباب أمام مزيد من إجراءات مجلس الأمن الدولي تجاه إسرائيل، مما يزيد من صعوبة موقفه لاحقًا".
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، قد وصف قرار مجلس الأمن بشأن المستوطنات بأنه "غير مفيد"، إذ أضاف "لم يكن تقديم هذا القرار مفيدا في دعم الظروف اللازمة لدفع المفاوضات نحو حل الدولتين".
(دعوة الجمهوريين)
وفي هذا الصدد، دعا الأعضاء الجمهوريون بالكونغرس، الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى استخدام حق النقض "فيتو" ضد قرار مناهض لإسرائيل من المتوقع تقديمه يوم الاثنين، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والإعلان بشكل لا لبس فيه أن إدارته تعارض مثل هذه التحركات أحادية الجانب في المنتدى الدولي.
قال رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي - في رسالة إلى الرئيس وقعها أيضًا ستيف سكاليس، زعيم الأغلبية ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل ماكول - : "بينما يتحرك مجلس الأمن الدولي مرة أخرى للنظر في قرار آخر أحادي الجانب ومنحاز ومعاد لإسرائيل، من الضروري أن تحافظ الولايات المتحدة على موقفها بأن المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين فقط هي التي يمكن أن تحقق تقدمًا".
ويتفاوض أعضاء مجلس الأمن على مشروع قرار بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية صاغته الإمارات بالتنسيق مع الفلسطينيين.
ومن المتوقع أن يتم التصويت على القرار يوم الاثنين وسط مخاوف فلسطينية من أن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض ضده.
بدوره، كتب السناتور توم كوتون من ولاية أركنساس أنه "إذا اتخذ مجلس الأمن الدولي إجراءات يوم الإثنين لمعاقبة إسرائيل، فيجب على الرئيس بايدن أن يقف بجانبهم ويوقف هذا الإجراء السخيف ذي الدوافع السياسية".
اقرأ ايضا: قرار الجنائية الدولية.. "هستريا" في إسرائيل و"ضغوط" أمريكية تلوح في الأفق
وكتب عضو الكونجرس ماكس ميللر، وهو جمهوري يهودي من ولاية أوهايو ، أن "هذا القرار هو أحدث هجوم للأمم المتحدة على سيادة إسرائيل. يجب على بايدن نقض هذا الإجراء في مجلس الأمن وإعادة التأكيد على أن الولايات المتحدة ستقف دائمًا إلى جانب حليفنا".