وسط إحباط الشارع الفلسطيني..عناصر من "عرين الأسود" تقبل عرض السلطة بإلقاء السلاح

مشاركة
عناصر من مجموعة "عرين الأسود" عناصر من مجموعة "عرين الأسود"
رام الله-الحياة واشنطن 09:44 ص، 28 أكتوبر 2022

كشفت مصادر فلسطينية في مدينة نابلس، عن أن مجموعة من مقاتلي "عرين الأسود" قبلت عرضًا من السلطة الفلسطينية بإلقاء السلاح، مشيرة إلى إيداعهم بأحد مقرات الأمن الفلسطيني لحمايتهم من حملات الاغتيال والاعتقال الإسرائيلية.
وأثارت هذه الخطوة الكثير من التساؤلات حول مصير المجموعة، التي تكونت مؤخرًا في نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، ونفذت سلسلة عمليات جريئة ضد أهداف إسرائيلية، وشكلت تحديًا للسلطة الفلسطينية.
وأوضحت المصادر لموقع قناة "الشرق" أن هذه هي المرة الأولى التي يوافق فيها مقاتلون أساسيون في المجموعة، التي أرَّقت إسرائيل كثيرًا، على إلقاء السلاح، مشيرة إلى الموافقة "جاءت بعد تنفيذ إسرائيل سلسلة اغتيالات قاسية لرفاقهم".
من جانبه، قال مصدر مقرب من المجموعة التي ألقت السلاح: "لم يكن أمامهم خيار آخر، فالجيش الإسرائيلي الذي يسيطر على الأرض والجو وعلى مختلف وسائل الاتصالات، يلاحقهم ويغتالهم وأحدًا تلو الآخر، مستخدمًا الطائرات المسيرة المتطورة والوحدات الخاصة المدربة والمركبات المصفحة".
وتابع: "إسرائيل تمكنت من معرفة هوية جميع المقاتلين بسبب طريقة عملهم شبه المعلنة، وبالتالي لم يعد هناك مكان آمن يمكنهم اللجوء إليه، لذلك قبلوا عرضًا من السلطة الفلسطينية بإلقاء السلاح".
وأوضحت مصادر أخرى أن قيام هذه المجموعة من المسلحين بتسليم نفسها قد لا يعني نهاية الحالة، مشيرة إلى وجود عدد آخر من المسلحين من أفراد المجموعة الذين تلاحقهم إسرائيل، ويرفضون إلقاء السلاح، من بينهم المجموعة المتهمة بقتل جندي إسرائيل قرب نابلس قبل أسبوعين.
وقالت المصادر إن "اسم (عرين الأسود) ما زال ساطعًا ويستقطب الكثيرين ممن يقلدون هذا النموذج"، مضيفة أن "الشعبية التي حظى بها اسم (عرين الأسود) تلهم الكثيرين بمواصلة ذات الطريق، كما أن وجود قوى سياسية توفر الدعم اللازم سيجعل من الصعب القضاء على الحالة".
وكانت السلطة الفلسطينية رفضت طلبًا إسرائيليًا باعتقال المسلحين أعضاء المجموعة، وعرضت بدلاً من ذلك صيغة تقوم على إقناع هؤلاء المقاتلين بإلقاء السلاح وتسليم أنفسهم لأجهزة الأمن الفلسطينية، التي تقوم بوضعهم في منشآت أمنية آمنة لحين الحصول على عفو لهم من الجانب الإسرائيلي، ليجري ضمهم إلى أجهزة الأمن.
وكشفت مصادر أمنية فلسطينية أن الجانب الأمريكي اطلع على العرض، ونقله إلى الجانب الإسرائيلي وطلب منه الموافقة عليه.
وفي وقت سابق، وافق عدد يتراوح بين 10 إلى 12 مسلحًا على العرض المقدم من السلطة، لكنهم لم يكونوا من العناصر الأساسيين الذين رفضوا ذلك في حينه وفضلوا مواصلة القتال.
وقامت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة بسلسلة عمليات اغتيال استهدفت القادة الأساسيين للمجموعة مثل وديع الحوح وتامر الكيلاني، وقبلهما إبراهيم النابلسي وإسلام صبح وحسين طه، ومؤسس المجموعة محمد العزيزي ورفيقه عبد الرحمن صبح.
وأعلنت مجموعة "عرين الأسود" - في بيان، أمس الخميس - أن "من يقوم بتسليم نفسه من المقاتلين، هذا قراره وخياره لا نناقشه فيه، ونطلب من المواطنين عدم الإساءة له"، مضيفة: "أعانهم الله ووفقهم".
وقالت المجموعة إنها ماضية في طريق مؤسسيها الذين اغتالتهم إسرائيل، وذكرت من بينهم كلاً من أبو صالح وعبود وإبراهيم ووديع ومبسط وأدهم والدخيل.
وكشفت مصادر أمنية فلسطينية لـ"الشرق" عن أن أجهزة الأمن تجري اتصالات مع عدد آخر من المقاتلين لإلقاء السلاح والالتحاق بزملائهم، مشيرة إلى أن العرض الذي قدمته يهدف إلى حمايتهم من حملات الاغتيال.
وتضم مجموعة "عرين الأسود" مسلحين من مختلف التيارات والقوى، خاصة "حركة فتح والجبهة الشعبية وحماس والجهاد الإسلامي".
واعتبر وديع الحوح، في لقاء أخير قبل اغتياله الثلاثاء الماضي، أن أحد عوامل نجاح المجموعة في الحصول على تعاطف الناس هو "اعتمادها العمل الجماعي ونبذها للفصائلية والفئوية".
وقال مسؤول كبير في حركة "فتح" لـ"الشرق" إن غالبية مقاتلي المجموعة هم من أنصار حركة "فتح" لكن التمويل والتوجيه من حركة "حماس"، على حد تعبيره.
وأضاف: "كان واضحًا أمامنا منذ البداية أن طبيعة الضفة الغربية، وهي منطقة جغرافية صغيرة مكتظة بالسكان وتخضع للاحتلال العسكري الإسرائيلي المباشر، لا تسمح بنشوء حالة قتالية من هذا النوع بسبب عدم وجود أماكن يمكن الاختباء فيها مثل أنفاق تحت الأرض أو غابات أو حدود مفتوحة مع دول مجاورة".
وتابع: "هؤلاء أبناؤنا، وأوضحنا لهم منذ البداية ما يتوفر من عوامل حماية، وهم فضَّلوا الذهاب إلى خيارهم، ولم نقف في طريقهم، لكن عندما وجدوا أن فرصة النجاة قريبة من الصفر عادوا إلينا وقمنا باحتضانهم ووفرنا لهم الحماية".
وحظيت مجموعة "عرين الأسود" بدعم شعبي واسع بسبب عملياتها التي اتسمت بالجرأة، واستعداد أعضائها للتضحية بحياتهم للرد على الممارسات الإسرائيلية اليومية، خاصة الاستيطان وسلب الأرض وإطلاق النار على المتظاهرين العزل، بما في ذلك الأطفال، إضافة إلى الاعتقالات الجماعية وغيرها من الممارسات التي ترافقت مع ما يراه الفلسطينيون رفضاً لحقوقهم، وإغلاق باب المفاوضات أمام أي حل سياسي محتمل.
وعبر العديد من الفلسطينيين عن إحباط شديد بعد شيوع نبأ قيام عدد من أعضاء المجموعة بتسليم أنفسهم لأجهزة الأمن، مثل الكاتبة نهى مصلح التي قالت إن "الناس وجدوا أملاً في هؤلاء المقاتلين، واليوم شعروا أن شعاع الأمل هذا قد تبدد".
وكثفت إسرائيل عملياتها ومداهماتها في الأسابيع الأخيرة في شمال الضفة الغربية المحتلة، لا سيما في منطقتي نابلس وجنين، وهما معقلان للفصائل الفلسطينية المسلَّحة بما في ذلك مجموعة "عرين الأسود".
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من 100 فلسطيني في أكبر حصيلة في الضفة الغربية منذ ما يقرب من 7 سنوات.